صفحة جزء
[ ص: 150 ] كتاب الغصب وهو الاستيلاء على مال الغير قهرا بغير حق ، وتضمن أم الولد والعقار بالغصب ، وعنه ما يدل على أن العقار لا يضمن بالغصب


كتاب الغصب .

هو مصدر غصب الشيء يغصبه ، بكسر الصاد غصبا ، واغتصبه يغتصبه اغتصابا ، والشيء مغصوب وغصب ، وهو في اللغة أخذ الشيء ظلما ، قاله الجوهري ، وابن سيده .

وفي الشرع قال المؤلف تبعا لأبي الخطاب .

( وهو الاستيلاء على مال الغير قهرا بغير حق ) فقهرا زيادة في الحد ; لأن الاستيلاء يدل عليه ، وفيه نظر ; لأنه لا يستلزمه مع أنه يخرج بقيد " القهر " المال المسروق ، والمنتهب ، والمختلس ، و " بغير حق " يخرج استيلاء الولي على مال الصغير ، والحاكم على مال المفلس ، وكذا في " المغني " وأسقط لفظة " قهرا " وليس بجامع لخروج ما عدا ذلك من الحقوق كالكلب ، وخمر الذمي ، والسرجين ، فإنها قابلة للغصب ، وليست بمال ، وفيه تعريف " غير " باللام ، والأشهر إسقاطها فيها ، وأحسنها الاستيلاء على حق غيره قهرا وظلما ، وهو محرم بالإجماع ، وسنده قوله تعالى ولا تأكلوا أموالكم [ البقرة : 188 ] ، وقوله عليه السلام : فإن دماءكم ، وأموالكم ، وأعراضكم عليكم حرام ، وقوله عليه السلام : لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفسه ، رواه ابن ماجه ، والدارقطني ( وتضمن أم الولد ) بالغصب في قول جماهير العلماء ; لأنها تجري مجرى المال بدليل أنها تضمن بالقيمة في الإتلاف ، لكونها مملوكة كالمدبرة بخلاف الحرة ، فإنها ليست مملوكة فلا تضمن بالقيمة لكن لا تثبت يد [ ص: 151 ] على بضع ، فيصح تزويجها ، ولا يضمن نفعه ( والعقار ) بفتح العين ، الضيعة ، والنخل ، والأرض ، قاله أبو السعادات ( بالغصب ) في ظاهر المذهب ، لما روى سعيد بن زيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : من اقتطع من الأرض شبرا ظلما طوقه يوم القيامة من سبع أرضين ، متفق عليه ، ولأن ما يضمن في الإتلاف يجب أن يضمن في الغصب كالمنقول ( وعنه : ما يدل على أن العقار لا يضمن بالغصب ) روى عنه ابن منصور فيمن غصب أرضا فزرعها ثم أصابها غرق من الغاصب غرم قيمة الأرض ، وإن كان سببا من السماء لم يكن عليه شيء ، فظاهر هذا أنها لا تضمن بالغصب ; لأنه لا يوجد فيها النقل والتحويل فلم يضمن ، كما لو حال بينه وبين متاعه ، فتلف ، ولأن الغصب إثبات اليد على المال عدوانا على وجه تزول به يد المالك ، ولا يمكن ذلك في العقار ، وجوابه بأنه يمكن الاستيلاء عليه على وجه يحول بينه وبين مالكه ، مثل أن يسكن دارا ، ويمنع مالكها من دخولها ، أشبه أخذ الدابة والمتاع ، وعلى الثانية إن أتلفه ضمنه بالإتلاف .

مسألة : لو دخل دارا قهرا وأخرجه فغاصب ، وإن أخرجه قهرا ولم يدخل ، أو دخل مع حضور ربها وقوته ، فلا ، وإن دخل قهرا ولم يخرجه فقد غصب ما استولى عليه ، وقيل : بل النصف ، وإن لم يرد الغصب ، فلا ، وإن دخلها قهرا في غيبة ربها فغاصب ، ولو كان فيها قماشة ، وهل يشترط في غصب ما ينقل نقله ؛ فيه وجهان ، الأصح أنه لا يشترط .

التالي السابق


الخدمات العلمية