صفحة جزء
فصل : وإن كانت للمغصوب أجرة فعلى الغاصب أجرة مثله مدة بقائه في يده ، وعنه التوقف في ذلك ، قال أبو بكر : هذا قول قديم رجع عنه ، وإن تلف المغصوب فعليه أجرته إلى وقت تلفه ، وإن غصب شيئا فعجز عن رده فأدى قيمته فعليه أجرته إلى وقت أداء القيمة ، وفيما بعده وجهان .


فصل

( وإن كانت للمغصوب أجرة ) أي : مما تصح إجارته ( فعلى الغاصب أجرة مثله مدة بقائه في يده ) نص عليه في رواية الأثرم ، وسواء استوفى المنافع أو تركها تذهب ; لأن كل ما ضمن بالإتلاف في العقد الفاسد جاز أن يضمنه بمجرد التلف في يده كالأعيان ، لكن نص في قضايا فيها انتفاع ، يؤيده ما نقله ابن منصور إن زرع بلا إذن عليه أجرة الأرض بقدر ما استغلها ، فظاهره أنه لا شيء عليه إذا لم يستغلها ، وعنه : لا يضمن المنافع مطلقا لقوله عليه السلام " الخراج بالضمان " وضمانها على الغاصب وكغنم ، أشبه ما لو زنى بامرأة مطاوعة ، ورد بأنه أتلف مالا متقوما ، فوجب ضمانه كالعين ، والخبر وارد في البيع ، والمرأة رضيت بإتلاف منافعها بغير عوض ولا عقد ، فكان كالإعارة ، والغنم ونحوها لا منافع لها تستحق بعوض ، وعلى الأول لو غصب جارية ومضى زمن يمكن وطؤها لم يضمن مهرها ; لأن منافع البضع لا تتلف إلا بالاستيفاء بخلاف غيرها ، ولو أطرق الفحل لم يضمن منفعته ، لكن عليه ضمان نقصه ، ولو أخذ مالك الأرض الزرع لم يكن على الغاصب أجرة ، إلا أن يأخذه بقيمته ، فتكون له الأجرة إلى وقت [ ص: 186 ] أخذه ( وعنه التوقف عن ذلك ) نقلها عنه محمد بن عبد الحكم فيمن غصب دارا فسكنها عشرين سنة : لا أجترى أن أقول : عليه أجرة ما سكن ، فدل على توقفه عن إيجاب الأجر ، قال في " المغني " و " الشرح " والأول هو المذهب المعروف يؤكده ما ( قال أبو بكر : هذا قول قديم رجع عنه ) لأن محمد بن عبد الحكم مات قبل أحمد بعشرين سنة .

( وإن تلف المغصوب فعليه أجرته إلى وقت تلفه ) لأنه بعد التلف لم يبق له منفعة فلم يجب ضمانها ، كما لو أتلفه من غير غصب ( وإن غصب شيئا فعجز عن رده فأدى قيمته فعليه أجرته إلى وقت أداء القيمة ) لأن منافعها إلى وقت أدائها مملوكة لصاحبها ، فلزمه ضمانها ( وفيما بعده ) أي : بعد أداء القيمة إلى رده ( وجهان ) أصحهما لا يلزمه ; لأنه استحق الانتفاع ببدله الذي أقيم مقامه فلم يستحق الانتفاع به وبما قام مقامه ، والثاني بلى ; لأن العين باقية على ملكه والمنفعة له ، وظاهر كلامهم يضمن رائحة مسك ونحوه ، خلافا للانتصار لا نقدا لتجارة .

التالي السابق


الخدمات العلمية