صفحة جزء
ويلزمه حفظها في حرز مثلها ، وإن عين صاحبها حرزا فجعلها في دونه ضمن ، وإن أحرزها بمثله أو فوقه لم يضمن ، وقيل : يضمن إلا أن يفعله لحاجة ، فإن نهاه عن إخراجها فأخرجها لغشيان شيء الغالب منه التوى لم يضمن ، وإن تركها فتلفت ضمن وإن أخرجها لغير خوف ضمن ، فإن قال : لا تخرجها ولو خفت عليها ، فأخرجها عند الخوف أو تركها لم يضمن .


( ويلزمه حفظها في حرز مثلها ) عرفا كسرقة ، وكما يحفظ ماله ، ولأنه تعالى أمر بأدائها ، ولا يمكن ذلك إلا بالحفظ ، وفي " الرعاية " : من استودع شيئا حفظه في حرز مثله عاجلا مع القدرة ، وإلا ضمن ، وظاهره أنه إذا لم يحفظها في حرز مثلها أنه يضمن ; لأنه مفرط ، وإن وضعها في حرز ، ثم نقلها عنه إلى حرز مثلها لم يضمنها ; لأن صاحبها رد حفظها إلى اجتهاده ، فلو كانت العين في بيت مالكها ، فقال الآخر : احفظها في موضعها ، فنقلها عنه لغير خوف ضمن ; لأنه ليس بمودع ، وإنما هو وكيل في حفظها في موضعها .

( وإن عين صاحبها حرزا فجعلها في دونه ضمن ) سواء ردها إليه أو لا ; لأنه خالفه في حفظ ماله ، ومقتضاه أنه إذا حفظها فيما عينه ولم يخش عليها فلا ضمان عليه بغير خلاف ; لأنه ممتثل غير مفرط ( وإن أحرزها بمثله أو فوقه ) [ ص: 235 ] بلا حاجة كلبس خاتم في خنصر ، فلبسه في بنصر لا عكسه ( لم يضمن ) على المذهب ; لأن تقييده بهذا الحرز يقتضي ما هو مثله ، كمن اكترى لزرع حنطة ، فله زرعها وزرع مثلها في الضرر ، فما فوقه من باب أولى ( وقيل : يضمن ) وهو ظاهر الخرقي ، وحكاه في " التبصرة " رواية ، قال في رواية حرب : إذا خالف في الوديعة فهو ضامن ; لأنه خالف أمر صاحبها من غير حاجة ، أشبه ما لو نهاه ( إلا أن يفعله لحاجة ) كما لو خاف عليها من سيل أو حريق ; لأنه لا يعد مفرطا ، والأولى إن نقلها إلى الأعلى لم يضمن ; لأنه زاده خيرا ، لا إن نقلها إلى المساوي لعدم الفائدة ، قال في " التلخيص " : أصحابنا لم يفرقوا بين تلفها بسبب النقل وبين تلفها بغيره ، قال : وعندي أنه إذا حصل التلف بسبب النقل كانهدام البيت المنقول إليه ضمن ( فإن نهاه عن إخراجها فأخرجها لغشيان شيء الغالب منه التوى ) أي : الهلاك ( لم يضمن ) لأن حفظها نقلها ، وتركها تضييع لها ، وهذا إذا وضعها في حرز مثلها أو فوقه ، فإن تعذر وأحرزها في دونه فلا ضمان ، ذكره في " المغني " ، و " الشرح " ، والحارثي ، ومقتضاه أنه يلزمه إخراجها عند الخوف ; لأن النهي للاحتياط عليها ، وهو إذن نقلها ( وإن تركها فتلفت ضمن ) سواء تلفت بالأمر المخوف أو بغيره ; لأنه مفرط ، وقيل : لا يضمن لامتثاله أمر صاحبها ( وإن أخرجها لغير خوف ضمن ) لأنه خالف نص صاحبها لغير فائدة ، ولو أخرجها إلى مثله أو فوقه ، صرح به في " الشرح " وغيره ، وقيل : لا يضمن كما لو تعين له حرزا ( فإن قال لا تخرجها وإن خفت عليها ، فأخرجها عند الخوف أو تركها لم يضمن ) لأنه إذا أخرجها فقد زاده خيرا بحفظها إذ المقصود المبالغة في حفظها ، وإن تركها فلا شيء عليه [ ص: 236 ] لأن صاحبها صرح له بتركها مع الخوف ، فكأنه رضي بإتلافها ، وقيل : إن وافقه أو خالفه ضمن كإخراجها لغير خوف ، وهذا جار فيما إذا قال : لا تقفل عليها قفلين ، أو لا تنم فوقه ، صرح به في " الرعاية " .

فرع : إذا أخرج الوديعة المنهي عن إخراجها فتلفت ، فادعى أنه أخرجها لغشيان شيء الغالب منه الهلاك ، وأنكر صاحبها وجوده ، فعلى المستودع البينة إن كان مما لا تتعذر إقامة البينة عليه لظهوره ، ويقبل قوله في التلف مع يمينه .

التالي السابق


الخدمات العلمية