صفحة جزء
[ ص: 238 ] وإن دفع الوديعة إلى من يحفظ ماله كزوجته وعبده لم يضمن ، وإن دفعها إلى أجنبي أو حاكم ضمن ، وليس للمالك مطالبة الأجنبي ، وقال القاضي : له ذلك ، وإن أراد سفرا أو خاف عليها عنده ردها إلى مالكها ، فإن لم يجد حملها معه إن كان أحفظ لها ، وإلا دفعها إلى الحاكم ، فإن تعذر ذلك أودعها ثقة ، أو دفنها وأعلم بها ثقة يسكن تلك الدار ، فإن دفنها ولم يعلم بها أحدا أو أعلم بها من لا يسكن الدار ضمنها .


( وإن دفعها إلى أجنبي أو حاكم ) لعذر لم يضمن ، وإلا ( ضمن ) لأنه مودع ، وليس له أن يودع من غير عذر ، ولعله غير ظاهر في الحاكم ( وليس للمالك ) إذا تلفت ( مطالبة الأجنبي ) لأن المودع ضمن بنفس الدفع والإعراض عن الحفظ ، فلا يجب على الثاني ; لأن دفعا واحدا لا يوجب ضمانين بخلاف غاصب الغاصب ; لأن يده ضامنة ، فترتب عليه الضمان ( وقال القاضي : له ذلك ) وهو أقرب إلى الصواب ; لأنه قبض ما ليس له قبضه ، أشبه المودع من الغاصب ، وكما لو دفعها إلى إنسان هبة ، وعليه للمالك مطالبة من شاء منهما ، ويستقر الضمان على الثاني إن علم ، وإلا فعلى الأول ، وجزم في " الوجيز " أنهما لا يطالبان إن جهلا ، ويتخرج من رواية توكيل الوكيل له الإيداع بلا عذر ، وهو مقيد بما إذا لم ينهه .

( وإن أراد سفرا أو خاف عليها عنده ردها إلى مالكها ) أو وكيله فيها ; لأن في ذلك تخليصا له من دركها ، ومقتضاه أنه إذا دفعها إلى الحاكم يضمن ; لأنه لا ولاية له على الحاضر ، وتلزمه مؤنة الرد ، وفي مؤنة رد من بعد خلاف ( فإن لم يجده حملها معه ) في السفر ، نص عليه سواء كان لضرورة ، أو لغيرها ( إن كان أحفظ لها ) لأن المقصود الحفظ ، وهو موجود هنا وزيادة ، وشرطه إذا لم ينه عنه ، ولا خوف ، وفي " المبهج " ، و " الموجز " والغالب السلامة ، زاد في " عيون المسائل " ، و " الانتصار " كأب ووصي ، وله ما أنفق بنية الرجوع ، قاله القاضي ، ويتوجه كنظائره ، وقيل : مع غيبة ربها ، أو وكيله إن كان أحرز ، وإن استويا فوجهان ( وإلا ) أي : وإن لم يكن أحفظ لها ، ولم ينه [ ص: 239 ] عنه ( دفعها إلى الحاكم ) لأن في السفر بها غررا ; لأنه بعرضية النهب وغيره ، إذ الحاكم يقوم مقام صاحبها عند غيبته ، وفي لزومه قبولها وجهان ، وظاهره أنه إذا أودعها مع قدرته على الحاكم أنه يضمنها ; لأنها لا ولاية له ، وقيل : لا يضمن إذا أودعها ثقة ، وذكره الحلواني رواية ; لأنه قد يكون أحفظ لها وأحب إلى مالكها ، وكتعذر حاكم في الأصح ( فإن تعذر ذلك ) أي : لم يقدر على الحاكم ( أودعها ثقة ) لفعله - عليه السلام - لما أراد أن يهاجر أودع الودائع التي كانت عنده لأم أيمن رضي الله عنها ، ولأنه موضع حاجة ، وأطلق أحمد الإيداع عند غيره لخوفه عليها ، وحملها القاضي على المقيم لا المسافر .

فرع : حكم من حضره الموت حكم من أراد سفرا في دفعها إلى حاكم أو ثقة .

( أو دفنها وأعلم بها ثقة يسكن تلك الدار ) لأن الحفظ يحصل به ( فإن دفنها ولم يعلم بها أحدا ) ضمن ; لأنه فرط في الحفظ ، فإنه قد يموت في سفره فلا تصل إلى صاحبها ، وربما نسي موضعها ، أو أصابها آفة ، وكذا إن أعلم بها غير ثقة ; لأنه ربما أخذها ، ولم يصرح به المؤلف اكتفاء بمفهوم الأول ( أو أعلم بها من لا يسكن الدار ) أي : من لا يدله على المكان ( ضمنها ) لأنه لم يودعها إياه ، ولا يقدر على الاحتفاظ بها

التالي السابق


الخدمات العلمية