صفحة جزء
ومن تحجر مواتا لم يملكه ، وهو أحق به ، ووارثه بعده ، ومن ينقله إليه ، وليس له بيعه ، وقيل : له ذلك ، فإن لم يتم إحياؤه ، قيل له : إما أن تحييه أو تتركه ، فإن طلب الإمهال أمهل الشهرين والثلاثة ، فإن أحياه غيره فهل يملكه ؛ على وجهين .


( ومن تحجر مواتا ) تحجر الموات : الشروع في إحيائه من غير أن يتمه ، مثل أن يحيط حول الأرض ترابا أو بجدار صغير ، أو يحفر بئرا ولم يصل ماؤها ، نقله حرب ( لم يملكه ) لأن الملك بالإحياء ولم يوجد ( وهو أحق به ) من سائر الناس لقوله " من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو أحق به " ( ووارثه بعده ) لقوله " من ترك حقا فلورثته " ( ومن ينقله إليه ) أي : إذا نقله إلى غيره بالهبة صار الثاني أحق به ; لأن صاحبه أقامه مقام نفسه ( وليس له بيعه ) لأنه لم يملكه فلم يملك بيعه كحق الشفعة قبل الأخذ ، وكمن سبق إلى مباح قبل أخذه ( وقيل : له ذلك ) أي : بيعه ; لأنه أحق به ( فإن لم يتم إحياؤه قيل له ) أي : يقول له السلطان ونحوه إذا طالت المدة ( إما أن تحييه أو تتركه ) ليحييه غيرك ; لأنه ضيق على الناس في حق مشترك بينهم ، فلم يمكن منه ، كما لو وقف في طريق ضيق [ ص: 258 ] ( فإن طلب الإمهال أمهل الشهرين والثلاثة ) كذا في " الفروع " ; لأنه يسير ، واقتصر في " الكافي " ، وقدمه في " الرعاية " على الشهرين ، وفي " الوجيز " يمهل مدة قريبة بسؤاله ( فإن ) بادروا ( أحياه غيره ) قبل فراغ تلك المدة ، وفي " المغني " ، و " الشرح " ، أو قبل ذلك ( فهل يملكه ؛ على وجهين ) كذا أطلقهما في " المحرر " ، و " الفروع " أحدهما : لا يملكه ، وهو الأظهر لمفهوم " من أحيا أرضا ميتة في غير حق مسلم فهي له " أنها لا تكون له إذا كان لمسلم فيها حق ، ولأنه إحياء في حق غيره ، فلم يملكه كما لو أحيا ما يتعلق به مصالح ملك غيره ، ولأن حق المتحجر أسبق فكان أولى ، كحق الشفيع يقدم على شراء المشتري ، والثاني يملكه لعموم الخبر السابق ، ولأن الإحياء يملك به فقدم على المتحجر الذي لا يملك ، قال في " الفروع " : ويتوجه مثله في نزول مستحق عن وظيفة لزيد ، هل يتقرر فيها غيره ، قال شيخنا فيمن نزل عن وظيفة الإمامة : لا يتعين المنزول له ، ويولي من له الولاية من يستحق التولية شرعا ، اعترضه ابن أبي المجد ; لأنه لا يخلو إما أن يكون نزوله بعوض أو لا ، وعلى كل تقدير لم يحصل منه رغبة مطلقة عن وظيفته ثم قال : وكلام الشيخ قضية في عين ، فيحتمل أن المنزول له ليس أهلا ، ويحتمل عدمه ، وفيه نظر ، فإن النزول يفيد الشغور ، وقد سقط حقه بنزوله إذ الساقط لا يعود ، وقوله : قضية في عين الأصل عدمه ، ومما يشبه النزول عن الوظائف النزول عن الإقطاع ، فإنه نزول عن استحقاق يختص به لتخصيص الإمام له استغلاله ، أشبه مستحق الوظيفة ، ومتحجر الموات ، وقد يستدل بجواز أخذ العوض في [ ص: 259 ] ذلك كله بالخلع ، فإنه يجوز أخذ العوض مع أن الزوج لم يملك البضع ، وإنما ملك الاستمتاع به ، فأشبه المتحجر .

التالي السابق


الخدمات العلمية