صفحة جزء
الثاني : الضوال التي تمتنع من صغار السباع كالإبل ، والبقر ، والخيل ، والبغال ، والظباء ، والطير ، والفهود ، ونحوها ، فلا يجوز التقاطها ، ومن أخذها ضمنها ، فإن دفعها إلى نائب الإمام زال عنه الضمان .


( الثاني الضوال ) مفرده ضالة ، وهي اسم للحيوان خاصة ، ويقال لها : الهوامي ، والهوامل ( التي تمتنع من صغار السباع ) وترد الماء ( كالإبل والبقر ) نص عليهما ( والخيل ، والبغال ، والظباء ، والطير ، والفهود ، ونحوها ) كالكلب ، وجملته أن كل حيوان تقوى على الامتناع من صغار السباع ، وورود الماء سواء كان لكبر جثته كالإبل ، أو لطيرانه كالطيور كلها ، أو لعدوه كالظباء ، أو بنابه كالفهد والكلب ( فلا يجوز التقاطها ) لقول عمر : من أخذ الضالة فهو ضال ، أي : مخطئ ، وهي تفارق الغنم لضعفها ، وقلة صبرها عن الماء ، والخوف عليها من الذئب ونحوه ، والحمر الأهلية كذلك ، قاله الأصحاب ، وفي " المغني " الأولى [ ص: 275 ] إلحاقها بالشاة لمساواتها لها في العلة ، لكن إن كانت الصيود مستوحشة ، بحيث إذا تركت رجعت إلى الصحراء ، وعجز عنها مالكها جاز التقاطها لأجل حفظها لصاحبها ، ويستثنى من كلامه ما إذا وجدها في موضع يخاف عليها به كأرض مسبعة ، أو قريبا من دار الحرب ، أو بموضع يستحل أهله أموال المسلمين ، أو في برية لا ماء بها ولا مرعى ، فالأولى أخذها للحفظ ، ولا ضمان عليه ; لأن فيه إنقاذها من الهلاك ، أشبه تخليصها من حريق ( ومن أخذها ضمنها ) لأنه أخذ ملك غيره بغير إذنه ، ولا إذن الشارع فهو كالغاصب ، ولا فرق بين زمن الأمن والفساد أو غيره ، وسواء كان إماما أو لا ، فإن ردها إلى موضعها لم يبرأ منه ، لكن إذا التقط ذلك غير الإمام وكتمه ضمنه بقيمته مرتين ، نص عليه للخبر ( فإن دفعها إلى نائب الإمام زال عنه الضمان ) لأن الإمام له نظر في ضوال الناس ، فكان نائبا عن أصحابها ، وعلم منه أن للإمام ونائبه أخذها للحفظ ، لقول عمر ، ولا يلزمه تعريفها ، ولا تؤخذ منه بوصفها ، فإن أخذها غيرهما ليحفظها على أصحابها لم يجز ، ولزمه ضمانها ; لأنه لا ولاية له على صاحبها .

فائدة : يسم الإمام ما يحصل عنده من الضوال بأنها ضالة ، ويشهد عليها ، قال في " الرعاية " سمة الصدقة .

فرع : ما يحتفظ بنفسه من الأحجار الكبار كحجر الطاحون ، والخشب الكبير ، وقدور النحاس فهو كالإبل بل أولى ، قاله في " المغني " ، و " الشرح " [ ص: 276 ] وقدم في " الفروع " خلافه ، ومن أخذ متاعه وترك بدله ، فلقطة ، نص عليه ، ونقل ابن منصور : ويأخذ حقه منه بعد تعريفه .

أصل : إذا وجد في حيوان نقدا أو درة فهو لقطة لواجده ، نص عليه ، ونقل ابن منصور لبائع ادعاه إلا أن يدعي مشتر أنه أكله عنده فهو له ، وإن وجد درة غير مثقوبة في سمكة فهي لصياد ; لأن الظاهر ابتلاعها من معدنها ، فلو ترك دابة بمهلكة أو فلاة لعجزه أو انقطاعها ملكها آخذها ، نص عليه ، وقيل : لا بل هي لمالكها كعبد ، وترك متاع عجزا فيرجع بنفقته وأجرة متاع ، نص عليه ، وقيل : لا نفقة ، ولا أجرة ، وقيل : في نفقة العبد روايتان ، وكذا ما يلقى في البحر خوفا من الغرق ، فإنه يملكه آخذه ، وفي " الشرح " لا أعلم لأصحابنا فيه قولا ، وقيل : لا ، وله أجرة رد متاعه في الأصح ، فإن انكسرت السفينة وأخرجه قوم ، فقياس قول أحمد : لمستخرجه أجرة المثل كجعل رد الآبق ، وقال القاضي : يأخذ أصحاب المتاع متاعهم ، ولا شيء للذين أصابوه ، والأول أولى .

التالي السابق


الخدمات العلمية