صفحة جزء
الرابع : أن يقف ناجزا ، فإن علقه بشرط لم يصح إلا أن يقول : هو وقف بعد موتي ، فيصح في قول الخرقي ، وقال أبو الخطاب : لا يصح .


( الرابع : أن يقف ناجزا ) كـ : وقفت داري على كذا ، ولا خلاف في صحته بشرطه ; لأنه نقل للملك ، أشبه البيع ( فإن علقه بشرط لم يصح ) ؛ لأنه نقل للملك فيما لم يبن على التغليب والسراية ، فلم يجز تعليقه على شرط في الحياة كالهبة ، وفيه وجه ، وقيل : إن قلنا : هو لله تعالى ، وظاهره شامل لما إذا شرط شرطا فاسدا كخيار فيه ، وتحويله ، وتغيير شرط ، وخرج من البيع صحته . وفي " الشرح " إذا شرط أن يبيعه متى شاء ، أو يهبه ، أو يرجع فيه - بطل الوقف والشرط ، لا نعلم في بطلان الشرط خلافا ; لأنه ينافي مقتضى العقد ، وقيل : يصح الوقف بناء على الشروط الفاسدة في البيع ( إلا أن يقول : هو وقف بعد موتي ، فيصح في قول الخرقي ) ، أي يصح تعليق الوقف المعلق بالموت ، واختاره أبو الخطاب في خلافه ، ونصره في " المغني " و " الشرح " ، وذكر أنه ظاهر كلام أحمد ، وقدمه في " الفروع " ، واحتج أحمد بأن عمر أوصى ، فكان في وصيته : هذا ما أوصى به عبد الله أمير المؤمنين إن حدث به حادث أن " ثمنا " صدقة ، والعبد الذي فيه ، والسهم الذي بخيبر ، ورقيقه الذي فيه ، رواه أبو داود . ولأن هذا تبرع معلق بالموت ، فصح ، كالهبة والصدقة ، فعلى هذا ينفذ من الثلث فما دون ، ويقف الباقي على إجازة الورثة كالتدبير ، ( وقال أبو الخطاب ) والقاضي [ ص: 324 ] وابن البنا في " الخصال " ( لا يصح ) ؛ لأنه تعليق للوقف على شرط ، فلم يصح ، كما لو علقه على شرط في الحياة ، وحمل القاضي كلام الخرقي على أنه قال : قفوا بعد موتي ، هذا وصية بالوقف لا إيقاف ، وفي " الشرح " سوى المتأخرون من أصحابنا بين تعليقه بالموت ، وبين تعليقه بشرط في الحياة ، ولا يصح ؛ لما بينهما من الفرق ; لأن هذا وصية ، وهي أوسع من التصرف في الحياة بدليل جوازها بالمجهول ، وللمجهول والحمل ، وكما لو قال : إذا مت فداري لفلان ، أو أبرأته من ديني الذي عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية