صفحة جزء
وبول ما يؤكل لحمه وروثه ومنيه طاهر ، وعنه : أنه نجس ، ومني الآدمي طاهر ، وعنه : أنه نجس ، ويجزئ فرك يابسه ، وفي رطوبة فرج المرأة روايتان ،


( وبول ما يؤكل لحمه وروثه ومنيه طاهر ) في المنصور عند أصحابنا ، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر العرنيين أن يلحقوا بإبل الصدقة فيشربوا من أبوالها وألبانها ، والنجس لا يباح شربه ، ولو أبيح للضرورة لأمرهم بغسل أثره إذا أرادوا الصلاة ، وكان - صلى الله عليه وسلم - يصلي في مرابض الغنم ، وأمر بالصلاة فيها ، وطاف على بعيره ، ولأنه لو [ ص: 254 ] كان نجسا لتنجست الحبوب التي تدوسها البقر ، فإنها لا تسلم من أبوالها وأرواثها ، وشمل كلامه بول سمك ونحوه مما لا ينجس بموته ، فإنه طاهر على المذهب ( وعنه : أنه نجس ) لأنه رجيع من حيوان أشبه غير المأكول ( ومني الآدمي طاهر ) في ظاهر المذهب ، لقول عائشة : كنت أفرك المني من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم يذهب فيصلي فيه متفق عليه وقال ابن عباس : امسحه عنك بإذخرة أو خرقة ، فإنما هو بمنزلة المخاط والبصاق ، رواه سعيد ، حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن عطاء عنه ، ورواه الدارقطني مرفوعا ، ولأنه لا يجب غسله إذا جف ، فلم يكن نجسا كالمخاط ، وظاهره أنه لا فرق بين ما أوجب غسلا أو لا ، وصرح به في " الرعاية " وهو بدء خلق آدمي فكان طاهرا كالطين ، وبهذا فارق البول ، فعلى هذا يستحب فرك يابسه لقول عائشة : كنت أفرك المني من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كان يابسا رواه الدارقطني ، ولأنه مستحيل من الدم ، أشبه القيح ، فعلى هذا يعفى عن يسيره ، وعنه : كالبول لما في الصحيح عن عائشة : أنها كانت تغسل المني من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولأنه خارج معتاد من السبيل أشبه البول ، فعلى هذا لا بد من غسله ، وظاهر " المغني " و " الشرح " أنه يجزئ فرك يابسه ، وجزم ابن عقيل أنه كالبول في مني الخصي لاختلاطه بمجرى بوله ، وقيل : وقت جماع ، لأنه لا يسلم من المذي ، وبعده في " المغني " وفي " المحرر " على هذه الرواية أنه يجزئ فرك يابسه في الرجل ، وتمسك بقول أحمد ، لأنه ثخين فيؤثر فيه الفرك تخفيفا بخلاف مني المرأة ، فإنه رقيق ، ولا يبقى له جسم بعد جفافه ، فلا يفيد الفرك فيه شيئا ، فإن خفي موضع [ ص: 255 ] الفرك فيه فركه كله ، لكن لو أمنى وعلى فرجه نجاسة ، تنجس منيه لإصابته النجاسة ، ولم يعف عن شيء منه .

فرع : حكم بقية الخارج من بدن الآدمي كالعرق ، والريق ، والمخاط ، ونحوها طاهر ، حتى البلغم ، سواء كان من الرأس أو الصدر ذكره القاضي ، وقال أبو الخطاب : هو نجس ، وقيل : بلغم الصدر جزم به ابن الجوزي ، لأنه استحال في المعدة أشبه القيء ، والأول أشهر ، لأنه لو كان نجسا لنجس الفم ، ونقض الوضوء ، ولا نسلم أنه استحال في المعدة ، بل هو منعقد من الأبخرة كالمخاط ، وما سال من الفم وقت النوم طاهر في ظاهر كلامهم .

( وفي رطوبة فرج المرأة ) وهو مسلك الذكر ( روايتان ) إحداهما نجسة ، لأنها بلل في الفرج لا يخلق منها الآدمي ، أشبه المذي ، والثانية وهي الصحيحة ، وجزم بها الأكثر : أنها طاهرة ، لأن عائشة كانت تفرك المني من ثوبه عليه السلام ، وإنما كان من جماع ، لأن الأنبياء لا يحتلمون ، وهو يصيب الرطوبة ، ولأنه لو حكمنا بنجاستها ، لحكمنا بنجاسة منيها ، لكونه يلاقي رطوبته بخروجه منه . وقال القاضي : ما أصاب منه في حال الجماع فهو نجس ، لأنه لا يسلم من المذي ، وهو ممنوع ، فإن الشهوة إذا اشتدت خرج المني وحده كالاحتلام .

التالي السابق


الخدمات العلمية