صفحة جزء
وإن وقف على قرابته أو قرابة فلان فهو للذكور والإناث من أولاده وأولاد أبيه وجده وجد أبيه; لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يجاوز بني هاشم بسهم ذوي القربى ، وعنه : إن كان يصل قرابته من قبل أمه في حياته صرف إليهم ، وإلا فلا ، وأهل بيته بمنزلة قرابته ، وقال الخرقي : يعطى من قبل أبيه وأمه وقومه ، ونسباؤه كقرابته ، والعترة هم العشيرة ، وذوو رحمه كل قرابة له من جهة الآباء والأمهات ، والأيامى والعزاب من لا زوج له من الرجال والنساء ، ويحتمل أن يختص الأيامى بالنساء والعزاب بالرجال ، فأما الأرامل فهن النساء اللاتي فارقهن أزواجهن ، وقيل : هو للرجال والنساء .


( وإن وقف على قرابته أو قرابة فلان فهو للذكور والإناث من أولاده وأولاد أبيه وجده وجد أبيه ; لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يجاوز بني هاشم بسهم ذوي القربى ) ؛ لقوله تعالى : ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى [ الحشر : 7 ] ، فأعطى النبي - صلى الله عليه وسلم - أولاده وأولاد عبد المطلب وأولاد هاشم ذكرهم وأنثاهم ، ولم يعط من هو أبعد كبني عبد شمس وبني نوفل شيئا ، لا يقال : هما كبني المطلب ; لأنه علل عليه السلام بأنهم لم يفارقوه في جاهلية ولا إسلام ، ولم يعط قرابة أمه وهم بنو زهرة شيئا ، وجعل هاشما الأب الرابع ، ولا يتصور أن يكون رابعا إلا أن يعد النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا ، وظاهره أنه يستوي فيه الذكر والأنثى ، والكبير والصغير ، والقريب والبعيد ، والغني والفقير لشمول اللفظ لهم ، ولا يدخل في الكافر ; لأنه لم يدخل في المستحق من قربى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وعنه : يجاوز بها أربعة آباء ، فعليها يعطى كل من يعرف بقرابته من قبل أبيه وأمه الذين ينتسبون إلى الأب الأدنى ; لأنهم قرابتهم ، فيتناولهم من اللفظ ، وعنه : ثلاثة آباء ( وعنه : إن كان يصل قرابته من قبل أمه في حياته ) كإخوته لأمه ، وأخواله ، وخالاته ( صرف إليهم ) ؛ لأن صلته إياهم في حياته قرينة تدل على إرادتهم بصلته هذه ( وإلا فلا ) ، أي وإن لم يصلهم في حياته فلا يصرف إليهم ؛ لما ذكرنا ، وهذه الرواية نقلها صالح ، وعبد الله ، وابن هانئ ، وصححها القاضي وجماعة ، ونقل صالح : إن وصل أغنياءهم أعطوا وإلا الفقراء أولى ، وأخذ منه الحارثي عدم دخولهم في كل لفظ عام .

[ ص: 345 ] والأول أولى وأصح ; لأن هذا عرف في الشرع ، فيجب حمله عليه وتقديمه على العرف اللغوي كالوضوء ، ولا وجه لتخصيصه بذي الرحم المحرم ، وهذا مع الإطلاق ، فأما إن وجدت قرينة لفظية أو حالية تدل على إرادتهم ، أو حرمانهم عمل بها .

فرع : قرابة أمه كذلك ، وعنه : إن وصلهم شملهم ، ومثله قرابة غيره أو الفقهاء ، ويصل بعضهم ، ذكره القاضي .

تنبيه : إذا وقف على أقرب قرابته ، أو أقرب الناس إليه قدم الأقرب نسبا وإرثا ، وابنه كأبويه ، وقيل : يقدم عليهما ، وأخوه لأبيه أو أبويه كجد أب ، وقيل : عكسه ، وأخوه لأبيه كأمه إن شمل قرابته ، وكذا أبناؤهما ، وولد أبويه أولى منهما ، قال في " الفروع " : ويتوجه رواية كأخيه لأبيه لسقوط الأمومة في النكاح ، وجزم به في " التبصرة " ، وأبوه أولى من ابن ابنه ، وفي " الترغيب " عكسه ، ويستوي جداه وعماه كأبويه ( وأهل بيته بمنزلة قرابته ) ، نص عليه في رواية عبد الله فيمن أوصى بثلث ماله لأهل بيته ، قال : هو بمنزلة قوله : لقرابتي ، حكاه ابن المنذر عنه ، واحتج بقوله عليه السلام : لا تحل الصدقة لي ولا لأهل بيتي ، فجعل سهم ذوي القربى عوضا لهم من الصدقة التي حرمت عليهم ، فكان ذوي القربى الذين سماهم الله تعالى هم أهل بيته الذين حرمت عليهم الصدقة ، وهم آل علي ، وآل عقيل ، وآل جعفر ، وآل عباس ، وحكى القاضي عن ثعلب أن أهل البيت عند العرب آباء الرجل وأولادهم ، كالأجداد والأعمام وأولادهم ، ويستوي فيه الذكر والأنثى ، وقال القاضي : ولد الرجل لا يدخل في اسم القرابة ولا أهل بيته ، وفيه شيء ، فإن ولد النبي - صلى الله عليه وسلم - من أهل بيته وأقاربه [ ص: 346 ] الذين حرموا الصدقة ، وأعطوا من سهم ذوي القربى ، بل هو أقرب قرابته ( وقال الخرقي : يعطى من قبل أبيه وأمه ) ؛ لأن أمه من أهل بيته ، فكذا أقاربها من أولادها ، وأبويها ، وإخوتها ، وأخواتها ، ونقل صالح : يختص من يصله من قبل أبيه وأمه ، ولو جاوز أربعة آباء ، وإن القرابة تعطى أربعة آباء فمن دون ، واختار أبو محمد الجوزي أن قومه وأهل بيته كقرابة أبويه ، وأن القرابة قرابة أبيه إلى أربعة آباء ، وعنه : أزواجه من أهله ومن أهل بيته ، ذكرها الشيخ تقي الدين ، وقال : في دخولهن في آله وأهل بيته روايتان ، اختار الدخول ، وهو قول الشريف .

فرع : أهل الوقف هم المتناولون له .

( وقومه ، ونسباؤه كقرابته ) ، نص عليه ; لأن قوم الرجل قبيلته ، وهم نسباؤه ، وقيل : كذي رحمه ، وقال أبو بكر : هو بمثابة أهل بيته ; لأن أهل بيته أقاربه ، وأقاربه هم قومه ونسباؤه ، وقال القاضي : إذا قال : لرحمي ، أو لأرحامي ، أو لنسبائي - صرف إلى قرابته من قبل أبيه وأمه ، ويتعدى ولد الأب الخامس ، فعليه يدفع إلى كل من يرثه بفرض أو تعصيب أو بالرحم في حال ، قال في " المغني " : وقول أبي بكر في المتناسبين أولى من قول القاضي ; لأن ذلك في العرف على من كان من العشيرة التي ينسبان إليها ، وإذا كان كل واحد منهما ينسب إلى قبيلة غير قبيلة صاحبه ، فليس بمناسب لها .

فائدة : القوم للرجال دون النساء ؛ لقوله تعالى : لا يسخر قوم من قوم [ الحجرات : 11 ] الآية ، سموا به لقيامهم بالأمر ، ذكره ابن الجوزي .

[ ص: 347 ] ( والعترة هم العشيرة ) الأدنون ، هذا أصح وأشهر في عرف الناس ، وبذلك فسره ابن قتيبة ؛ لقول أبي بكر في محفل من الصحابة : نحن عترة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم ينكر أحد ، وهم أهل اللسان ، فلا يعول على خلافه ، لكن توقف أحمد في ذلك ، وقيل : ذريته ، وقيل : ولده وولد ولده ( وذوو رحمه كل قرابة له من جهة الآباء والأمهات ) والأولاد ; لأن الرحم تشملهم ، وهي في القرابة من جهة الأم أكثر استعمالا ، فإذا لم يجعل ذلك مرجحا فلا يجعل ذلك مانعا ، وذكر القاضي مجاوزته للأب الخامس .

تذنيب : إذا وقف على جماعة أو جمع من الأقرب إليه فثلاثة ، فإن لم يكن يتمم العوز من الأبعد ، ويشمل أهل الدرجة ولو كثروا ، وفي " الفروع " : ويتوجه في جماعة اثنان ; لأنه لفظ مفرد ، وقال المجد : أقل الجمع مما له تثنية خاصة ثلاثة ، ويتوجه وجه في لفظ الجمع اثنان ، ولفظ النساء ثلاثة ، والرهط لغة ما دون العشرة من الرجال خاصة ، وفي " كشف المشكل " : هو ما بين الثلاثة إلى العشرة .

( والأيامى والعزاب من لا زوج له من الرجال والنساء ) ، ذكره أصحابنا ؛ لما روي عن سعيد بن المسيب قال : أيمت حنة من زوجها ، وأيم عثمان من رقية . يقال : رجل عزب ، وامرأة عزبة ، قاله ثعلب ، وإنما سمي عزبا لانفراده ، ولا يقال : أعزب ، ورد بأنها لغة حكاها الأزهري عن أبي حاتم ، وفي صحيح البخاري عن ابن عمر : وكنت شابا أعزب . وسواء تزوج الرجل أو لا ، والمرأة سواء كانت بكرا أو ثيبا ، وقيل : لا يكون الأيم إلا بكرا ( ويحتمل أن يختص [ ص: 348 ] الأيامى بالنساء ، والعزاب بالرجال ) ؛ لقوله تعالى : وأنكحوا الأيامى منكم [ النور : 32 ] ، وفي الخبر : أعوذ بالله من سرار الأيم ، إنما أراد به النساء ; لأن العرف اختصاصهن بهذا الاسم العرفي ، يقال : امرأة أيم ، بغير هاء ، ولو كان الرجل مشاركا لها لقيل : أيم ، وأيمة كقائم وقائمة ، وحكى أبو عبيد " أيمة " ؛ ولأن العرف أن العزب يختص بالرجل ( فأما الأرامل فهن النساء اللاتي فارقهن أزواجهن ) بموت أو غيره ، قال أحمد في رواية حرب ، وقد سئل عن رجل وصى لأرامل بني فلان ، فقال : قد اختلف الناس فيها ، فقال قوم : هو للرجال والنساء ، والذي يعرف في كلام الناس أن الأرامل النساء ; لأنه هو المعروف ، فيحمل المطلق عليه ( وقيل : هو للرجال والنساء ) ، وقاله الشعبي وإسحاق وأنشد :


هذي الأرامل قد قضيت حاجتها فمن لحاجة هذا الأرمل الذكر

فيقال : رجل أرمل ، وامرأة أرملة ، والأول أولى ; لأن الأرامل جمع أرملة ، فلا يكون جمعا للمذكر ; لأن اختلاف المفرد يقتضي اختلاف الجمع ، والشعر لا دلالة فيه ; لأنه لو شمل لفظ الأرامل للمذكر والمؤنث لقال : حاجتهم ; لأن تذكير الضمير عند اجتماع النوعين لازم ، وسمى نفسه أرملا تجوزا بدليل أنه وصف نفسه بأنه مذكر ، ولو ثبت في الحقيقة أنه لهما لكن خصه أهل العرف بالنساء ، فهجرت الحقيقة ، وصارت مغمورة .

فرع : إخوته ، وعمومته ، وبكر ، وثيب ، وعانس لذكر وأنثى .

التالي السابق


الخدمات العلمية