صفحة جزء
إن وقف على أهل قريته أو قرابته لم يدخل فيهم من يخالف دينه ، وفيه وجه آخر أن المسلم يدخل فيه وإن كان الواقف كافرا .


و ( إن وقف على أهل قريته ، أو قرابته لم يدخل فيهم ) أي في الموقوف [ ص: 349 ] عليهم - ( من يخالف دينه ) ، على المذهب ; لأن الظاهر من حال الواقف أنه لم يرد من يخالف دينه ؛ لما بينهما من المقابلة ، فيكون ذلك قرينة صارفة للفظ عن شموله ، بدليل أنه تبارك وتعالى لما أطلق آية الميراث لم يشمل المخالف ، فكذا هنا ، فعلى هذا لو كان الواقف مسلما لم يدخل الكافر ، وكذا عكسه ، فإن صرح بهم دخلوا ; لأن إخراجهم يترك به صريح المقال ، وهو أقوى من قرينة الحال ، وكذا إن وجدت دالة على إرادتهم ، فلو كان أهل القرية والأقارب كلهم كفارا دخلوا ; لأن إخراجهم يؤدي إلى رفع اللفظ بالكلية ، فإن كان فيهم مسلم واحد والباقي كفار دخلوا أيضا ; لأن إخراجهم بالتخصيص بعيد ، وفيه مخالفة الظاهر ، وإن كان الأكثر كفارا فهو للمسلمين في ظاهر قول الخرقي ; لأنه أمكن حمل اللفظ عليهم ، والتخصيص يصح بإخراج الأكثر ، وقيل : يدخل الكفار ; لأن التخصيص في مثل هذا بعيد ، وأن تخصيص الصورة النادرة قريب ، وتخصيص الأكثر بعيد يحتاج إلى دليل .

فائدة : حكم سائر ألفاظ العموم كالإخوة ، والأعمام ، واليتامى ، والمساكين - حكم أهل قريته ، ( وفيه وجه آخر أن المسلم يدخل فيه ، وإن كان الواقف كافرا ) ؛ لأن اللفظ عام ، وحاصله أن الواقف إن كان كافرا تناول أهل دينه ; لأن لفظه يتناولهم ، والقرينة دالة على إرادتهم ، وهل يدخل فيه المسلم ؛ ينظر ، فإن وجدت قرينة على دخولهم كما إذا لم يكن إلا مسلمون ، وإن انتفت القرائن فوجهان ، وإن كان في القرية كافر من غير دين أهل الواقف لم يدخل ; لأن قرينة الحال تخرجه ، وقيل بدخوله بناء على توريث الكفار بعضهم من بعض .

[ ص: 350 ] ملحق : الصبي والغلام من لم يبلغ ، واليتيم من لا أب له ، ولو جهل بقاء أبيه فالأصل بقاؤه ، وقال الشيخ تقي الدين : يعطى من ليس له ببلد الإسلام أب يعرف ، فإن بلغ خرج من حد اليتم ، والشاب والفتى من بلغ إلى الثلاثين ، وقيل : وخمسة ، والكهل منها إلى الخمسين ، والشيخ منها إلى السبعين ، وفي " الكافي " و " الترغيب " إلى آخر العمر ثم الهرم ، والأشراف أهل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ذكره الشيخ تقي الدين ، قال : وأهل العراق كانوا لا يسمون شريفا إلا من كان من بني العباس ، وكثير من أهل الشام وغيرهم لا يسمون إلا من كان علويا ، والشريف في اللغة خلاف الوضيع والضعيف ، ولما كان أهل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - أحق البيوت بالتشريف صار من كان من أهل بيته شريفا ، فلو وصى لبني هاشم لم يدخل مواليهم ، نص عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية