صفحة جزء
ويجوز بيع بعض آلته وصرفها في عمارته ، وما فضل من حصره وزيته عن حاجته جاز صرفه إلى مسجد آخر ، والصدقة به على فقراء المسلمين ، ولا يجوز غرس شجرة في المسجد ، فإن كانت مغروسة فيه جاز الأكل منها ، قال أبو الخطاب : إذا لم يكن بالمسجد حاجة إلى ثمنها ، فإن احتاج ذلك صرف في عمارته .


( ويجوز بيع بعض آلته وصرفها في عمارته ) نقل أبو داود : إذا كان في المسجد خشبتان لهما قيمة تشعث وخافوا سقوطه جاز بيعهما وصرف ثمنهما عليه ; لأنه إذا جاز بيع الكل عند الحاجة فبيع بعضه مع بقاء البعض أولى ، وقاسه في " الشرح " على بيع بعض الفرس الحبيس عند تعذر الانتفاع به [ ص: 357 ] ويجوز نقض منارته ، وبناء حائطه بها لتحصينه من الكلاب ، نص عليه في رواية محمد بن عبد الحكم للمصلحة .

( وما فضل من حصره وزيته ) وقصبه ، ونفقته . وعبارة " الوجيز " و " الفروع " : وما فضل عن حاجته وهي أولى ( عن حاجته جاز صرفه إلى مسجد آخر ) ، قاله أحمد ; لأنه انتفاع في جنس ما وقف له ، فكان مصروفا له في مثله ، وكالهدي ( والصدقة به على فقراء المسلمين ) ، نص عليه في رواية المروذي ، واحتج بأن شيبة بن عثمان الحجي كان يتصدق بخلقان الكعبة ، وروى الخلال بإسناده أن عائشة أمرته بذلك ، وهذه قضية انتشرت ولم تنكر ، فكان كالإجماع ؛ ولأنه مال لله تعالى لم يبق له مصرف ، فصرف إلى المساكين ، ولأن نفع المسجد عام ، والفقراء كذلك ، وخصه أبو الخطاب والمجد بفقراء جيرانه ; لأنهم أحق بمعروفه ، وعنه : لا يصرف لهما ، وعنه : بلى لمثله ، واختاره الشيخ تقي الدين ، وقال أيضا : وفي سائر المصالح وبناء مساكن لمستحق ريعه القائم بمصلحته ، قال : وإن علم أن ريعه يفضل عنه دائما وجب صرفه ; لأن بقاءه فساد ، وإعطاؤه فوق ما قدره الواقف ; لأن تقديره لا يمنع استحقاقه كغير مسجده ، وقال : ومثله وقف غيره ، ولا يجوز لغير الناظر صرف الفاضل .

فرع : فضل غلة موقوف على معين استحقاقه مقدر يتعين إرصاده ، ذكره أبو الحسين والحارثي ، ونقل حرب فيمن وقف على قنطرة فانحرف الماء : يرصد ، لعله يرجع ، وإن وقف على ثغر فاختل صرف في ثغر مثله ، وعلى قياسه مسجد ورباط ونحوهما .

[ ص: 358 ] ( ولا يجوز غرس شجرة في المسجد ) نص عليه ، وقال : تقلع غرسته بغير حق ; لأن المسجد لم يبن لذلك ، إنما بني لقراءة القرآن والصلاة وذكر الله تعالى ؛ ولما يحصل بها من الأذى ، وفي " الإرشاد " و " المبهج " يكره غرسها فيه ، وقيل : يكره إن لم يضق ، وإلا حرم ، فإن غرست فيه وأثمرت ، فقال أحمد : لا أحب الأكل منها ، وقيل : تباح لفقراء الدرب ، وقيل : مع غنى المسجد عنها ، وظاهر النص و " المحرر " أنه لا يختص قلعها بواحد ، وفي " المستوعب " و " الشرح " أنه للإمام ( فإن كانت مغروسة ) بأن وقف وهي ( فيه ) ، فإن عين مصرفها اتبع ، وإلا صارت كالوقف المنقطع - ( جاز الأكل منها ) ؛ لأنها تبع للمسجد وهو لكل من المسلمين الانتفاع به ، فكذا الأكل منها ، وظاهره مطلقا ، وهو قول . ( قال أبو الخطاب : إذا لم يكن بالمسجد حاجة إلى ثمنها ) اقتصر في " المحرر " على هذا ; لأن حاجة المسجد مقدمة على غيره ، ( فإن احتاج ذلك صرف في عمارته ) ؛ لأنها مقدمة على غيرها ، وقول أبي الخطاب تقييد لما أطلق لعدم ذكره بواو العطف ، وذكر جماعة أنه يصرف في مصالحه ، فإن فضل فلجاره كلها ، نص عليه ، قال جماعة : ولغيره ، وقيل : للفقير منهم .

فرع : لا يجوز حفر بئر في المسجد ، ولا يغطى بالمغتسل ; لأنه للموتى ، ونقل المروذي أنها تطم ، وفي " الرعاية " أن أحمد لم يكره حفرها فيه ، ثم قال : بلى إن كره الوضوء فيه .

[ ص: 359 ] مسألة : إذا غرس الناظر أو بنى فيه فهو له إن أشهد ، وإلا للوقف ، قال في " الفروع " : ويتوجه في أجنبي للوقف بنيته ، وقال شيخنا : يد الواقف ثابتة على المتصل به ما لم تأت حجة يدفع موجبها كمعرفة كون الغارس غرسها بماله بحكم إجارة ، أو إعارة ، أو على المنفعة ، فليس له دعوى البناء بلا حجة ، ويد أهل العرصة المشتركة ثابتة على ما فيها بحكم الاشتراك ، إلا مع بينة باختصاصه ببناء ونحوه .

التالي السابق


الخدمات العلمية