صفحة جزء
وإن وطئ جارية ابنه فأحبلها صارت أم ولد له ، وولده حر لا يلزمه قيمته ، ولا مهر ولا حد عليه ، وفي التعزير وجهان ، وليس للابن مطالبة أبيه بدين ، ولا قيمة متلف ، ولا أرش جناية ، ولا غير ذلك


( وإن وطئ جارية ابنه ) أي قبل تملكها ، فقد وطئها وليست بزوجة ولا ملك يمين ، وهو حرام ، ( فأحبلها ، صارت أم ولد له ) ؛ لأن إحبال الأب لها يوجب نقل الملك إليه ، وحينئذ يكون الوطء مصادفا للملك ، وذلك يقتضي صيرورتها أم ولد ضرورة مصادفة الوطء الملك ، ومقتضاه أنها إذا لم تحبل منه أنها باقية على ملك الولد ( وولده حر ) ؛ لأنه من وطء شبهة ( لا تلزمه قيمته ، ولا مهر ) ولا قيمتها ؛ إذ ليس له مطالبة الأب بشيء من ذلك ( ولا حد عليه ) على الأصح ؛ للشبهة . ( وفي التعزير وجهان ) : أشهرهما التعزير ، وذكره القاضي رواية واحدة ; لأنه وطئ وطأ محرما كوطء المشتركة ، والثاني لا ; لأنه لا يقتص منه بالجناية على ولده ، فلا يعزر بالتصرف في ماله ، والفرق أن التعزير هنا حق لله تعالى بخلاف الجناية على ولده ، قال بعضهم : فيضرب مائة إلا سوطا .

[ ص: 384 ] فرع : إذا تملكها فليس له وطؤها حتى يستبرئها ، فإن كان الابن وطئها لم تحل له بحال ، فإن وطئها بعد وطء الابن فروايتان كوطء ذات محرم بملك يمين ، ولا ينتقل الملك فيها إن كان الابن استولدها ، فإن وطئها الأب والابن في طهر واحد وأتت بولد عرض على القافة ، ويحد الابن لوطئه جارية أبيه ، ولم يلحقه الولد ، ويكون ملكا لأبيه ، وقد أوجب أحمد أن يعتقه الأب لكونه جزءا من ابنه ( وليس للابن مطالبة أبيه بدين ، ولا قيمة متلف ، ولا أرش جناية ، ولا غير ذلك ) ، قاله الزبير بن بكار ، وسفيان بن عيينة لما روي أن رجلا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بأبيه يقتضيه دينا عليه ، فقال : أنت ومالك لأبيك ، رواه الخلال ، ولأن المال أحد نوعي الحقوق ، فلم يملك مطالبة أبيه به كحقوق الأبدان ، وظاهره أنه لا يطالبه بنفقته ، والمذهب أنه يطالبه بها ، وجزم به في " الوجيز " وغيره ، وعين بمال له في يده ، قاله في " الرعاية " ، وقيل : له أن يطالبه بماله في ذمته مع حاجته إليه وغنى والده عنه ، وقيل : يثبت له في ذمته مطلقا ، فعلى هذا ففي ملكه إبراء نفسه نظر ، قاله القاضي ، وذكر غيره : لا يملكه كإبرائه لغريمه ، ولا طلب له في حياة والده ، فإن مات الابن فليس لورثته مطالبة الأب في الأشهر كمورثهم ، وإن مات الأب بطل دين الابن ، قالهأحمد ، وقيل : يرجع في تركة الأب ; لأن دينه لم يسقط عن الأب ، وإنما تأخرت المطالبة ، وحمله بعضهم على ما أخذه على سبيل التمليك .

مسألة : إذا مات فوجد ما اشتراه منه بعينه - قال في " المبهج " : أو بعضه - ولم ينقد ثمنه ، أو وجد ما أقرضه ، فهل يأخذه أو يكون إرثا ؛ فيه روايتان ، وما قضاه في مرضه أو وصى بقضائه فمن رأس ماله ، وإلا لم يسقط بموته .

[ ص: 385 ] ولو أقر بقبض دينه فأنكر رجع على غريمه وهو على الأب ، نقله مهنا ، فظاهره أنه لا يرجع إن أقر الابن .

التالي السابق


الخدمات العلمية