صفحة جزء
وإن باع المريض أجنبيا وحاباه وكان شفيعه وارثا فله الأخذ بالشفعة ؛ لأن المحاباة لغيره ، ويعتبر الثلث عند الموت ، فلو أعتق عبدا لا يملك غيره ثم ملك مالا يخرج من ثلثه تبينا أنه عتق كله ، وإن صار عليه دين يستغرقه لم يعتق منه شيء .


( وإن باع المريض أجنبيا وحاباه ) لم يمنع ذلك من صحة العقد في قول الجمهور ; لأنه تصرف صدر من أهله في محله ، فصح ، كغير المريض ، فعليه لو باع عبدا لا يملك غيره قيمته ثلاثون بعشرة فقد حابا المشتري بثلثي ماله ، وليس له المحاباة بأكثر من الثلث ، فإن أجاز الورثة ذلك لزم البيع ، وإن ردوا فاختار المشتري فسخ البيع فله ذلك ، وإن اختار إمضاءه فعن أحمد : يأخذ نصف المبيع بنصف الثمن ، ويفسخ البيع في الباقي ، وصححه الشيخان ، وطريقه أن يسقط الثمن - وهو عشرة - من قيمة العبد وهو ثلاثون ، ثم يأخذ ثلث المبيع وهو عشرة فينسبه من الباقي وهو عشرون ، فما خرج بالنسبة صح البيع في مقدار تلك النسبة ، فيصح البيع في نصف المبيع بنصف الثمن ، وعلى قول القاضي ينسب الثمن وثلث المبيع من قيمة المبيع فيصح في مقدار تلك النسبة بالثمن كله ، وهو قول أهل العراق ، فلو باعه بخمسة عشر وهو يساوي ثلاثين ، صح البيع [ ص: 393 ] في ثلثيه بثلثي الثمن على الأول ، وعلى الثاني للمشتري خمسة أسداسه ( وكان شفيعه وارثا فله الأخذ بالشفعة ) في الأصح ؛ ( لأن المحاباة لغيره ) ، كما لو وصى لغريم وارثه وهذا إذا لم يكن حيلة ؛ ولأنه إنما منع منها في حق الوارث لما فيها من التهمة من إيصال المال إلى بعض الورثة المنهي عنه شرعا ، وهذا معدوم فيما إذا أخذ بالشفعة ما وقعت فيه المحاباة ، وقيل : لا يملك الوارث الشفعة لإفضائه إلى إثبات حق وارثه .

فرع : لا يصح تعليق عطية منجزة ونحوها في مرض مخوف على شرط إلا في العتق ، فلو علق صحيح عتق عبده فوجد شرطه في مرضه فمن ثلثه في الأصح ، ( ويعتبر الثلث عند الموت ) ؛ لأنه وقت لزوم الوصايا واستحقاقها ، ويثبت له ولاية القبول والرد ، فإن ضاق ثلثه عن العطية والوصية قدمت العطية في قول جمهور الفقهاء ; لأنها لازمة ، فقدمت على الوصية كعطية الصحة ، وعنه : هما سواء ، وتعتبر قيمة المنجز وقبوله حين نجزه ، ونماؤه من حينه إلى الموت تبع له ، فمن جعل عطيته من ثلثه فحمل ما نجزه ، فكسبه له ، وإلا فله منه بقدر ما خرج من أصله من الثلث ، وليس بشركة ، قاله في " الرعاية " ( فلو أعتق عبدا لا يملك غيره ثم ملك مالا يخرج من ثلثه تبينا أنه عتق كله ) ؛ لخروجه من الثلث عند الموت ، ( وإن صار عليه دين يستغرقه لم يعتق منه شيء ) نص عليه ; لأن الدين مقدم على الوصية بدليل قول علي : قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالدين قبل الوصية ، وعنه : يعتق الثلث ; لأن تصرف المريض من الثلث كتصرف [ ص: 394 ] الصحيح في الجميع ، فإن مات قبل سيده مات حرا ، وقيل : بل ثلثه .

فرع : هبته كعتقه .

فائدة : للمريض لبس ناعم ، وأكل طيب لحاجته ، وإن فعله لتفويت حق الورثة منع ، قاله في " الانتصار " ، وفيه : يمنعه إلا بقدر حاجته وعادته وسلمه أيضا ; لأنه لا يستدرك كإتلافه ، وجزم به الحلواني وغيره ; لأن حق وارثه لم يتعلق بعين ماله .

التالي السابق


الخدمات العلمية