صفحة جزء
وتصح من البالغ الرشيد عدلا كان أو فاسقا ، رجلا أو امرأة مسلما أو كافرا ومن السفيه في أصح الوجهين ، ومن الصبي العاقل ، إذا جاوز العشر .


( وتصح ) الوصية بالمال ( من البالغ الرشيد ، عدلا كان أو فاسقا ، رجلا أو امرأة ، مسلما أو كافرا ) لأن هبتهم صحيحة ، فالوصية أولى . وحاصله أن من جاز تصرفه في ماله ، جازت وصيته ، والمراد ما لم يعاين الموت ، قاله في الكافي ; [ ص: 5 ] لأنه لا قول له ، والوصية قول ، وظاهره في الكافر ، لا فرق بين الذمي والحربي ، وفيه احتمال ; لأنه لا حرمة له ، ولا لماله . ومقتضاه : أنها تصح وصية العبد إن قلنا : يملك أو عتق ، ثم مات بعدها ، والحاصل : أنها تصح من البالغ العاقل مطلقا ، قال في المستوعب : لا يختلف المذهب في هذا ، والضعيف في عقله إن منع ذلك رشده في ماله ، فهو كالسفيه ، وإلا فكالعاقل ، ذكره في الشرح ، ( و ) تصح ( من السفيه ) بمال ، لا على أولاده ( في أصح الوجهين ) وهو قياس قول أحمد . قال الخبري : هو قول الأكثرين ; لأنه إنما حجر عليه لحفظ ماله ، وليس فيها إضاعة لماله ; لأنه إن عاش كان ماله له ، وإن مات فله ثوابه ، وهو أحوج إليه من غيره ، والثاني لا تصح ; لأنه محجوز عليه في تصرفاته ، فلم تصح منه كالهبة ، والأول نصره في الشرح بأنه عاقل مكلف ، فصحت منه كعبادته .

( ومن الصبي العاقل إذا جاوز العشر ) نقله صالح ، وحنبل ، قال أبو بكر : لا يختلف المذهب في صحتها ، لما روى سعيد أن صبيا من غسان له عشر سنين أوصى لأخوال له ، فرفع ذلك إلى عمر بن الخطاب ، فأجاز الوصية . وروى مالك في موطئه بإسناده عنه نحوه . وانتشر ، ولم ينكر ، ولأنه تصرف تمحض نفعا له ، فصح منه كالإسلام والصلاة ، ولأنه لا يلحقه ضررا في عاجل دنياه ، ولا أخراه بخلاف الهبة ، والعتق المنجز ، فإنه تفويت لماله ، وقيده الخرقي إذا وافق الحق ، وهو مراد في جميع الوصايا .

التالي السابق


الخدمات العلمية