صفحة جزء
فصل ولا تصح الوصية لكنيسة ، ولا لبيت نار ، ولا لكتب التوراة والإنجيل ، ولا لملك ، ولا لميت ، ولا لبهيمة ، وإن وصى لحي وميت يعلم موته ، فالكل للحي ، ويحتمل ألا يكون له إلا النصف ، وإن لم يعلم موته فللحي نصف الموصى به وإن وصى لوارثه وأجنبي بثلث ماله ، فرد الورثة ، فللأجنبي السدس ، وإن وصى لهما بثلثي ماله ، فكذلك عند القاضي ، وعند أبي الخطاب : له الثلث وإن وصى بماله لابنيه وأجنبي ، فردا وصيته ، فله التسع عند القاضي ، وعند أبي الخطاب : له الثلث ، وإن وصى لزيد وللفقراء والمساكين بثلثه ، فلزيد التسع .


فصل ( ولا تصح الوصية لكنيسة ، ولا لبيت نار ) ولا لعمارتها ، والإنفاق عليهما ; لأن ذلك معصية ، وسواء كان الموصي مسلما ، أو ذميا ( ولا لكتب التوراة والإنجيل ) على الأصح ، قاله في الرعاية ; لأنها كتب منسوخة ، والاشتغال غير جائز ، لما فيها من التبديل والتغيير ، وذكر القاضي : لو أوصى بحصر لبيع وقناديلها لا على قصد تعظيمها ، فهو جائز ; لأن الوصية في الحقيقة لأهل الذمة ; لكونهم ينتفعون بها ، والأصح : أنها لا تصح ; لأن ذلك إعانة لهم على معصيتهم ، وتعظيم كنائسهم ، وعن أحمد : صحتها من الذمي لخدمة الكنيسة . فرع : أوصى ببناء بيت يسكنه المجتازون من أهل الذمة والحرب ، صح ، [ ص: 46 ] لأن بناء مساكنهم ليس بمعصية ، ولا تصح لكافر بمصحف كعبد مسلم بدليل البيع والهبة ، وإن وصى له بعبد كافر ، فأسلم في حياة الموصي ، بطلت ، وإن أسلم بعد الموت وقبل القبول ، ابتني على الخلاف ( ولا لملك ، ولا لميت ، ولا لبهيمة ) ولا لجني ; لأنه تمليك ، فلم تصح لهم كالهبة . فرع : تصح وصية لحبيس وفرس زيد ، ولو لم يقبله ويصرفه في علفه ، فإن مات ، فالباقي للورثة . ( وإن وصى بثلثه ) أو مائة ( لحي وميت يعلم موته ، فالكل للحي ) اختاره أبو الخطاب ، وجزم به في الوجيز ، وذكر ابن المنجا : أنه المذهب ; لأنه لما أوصى بذلك مع علمه بموته ، فكأنه قصد الوصية للحي وحده ، كما لو صرح به إلا أن يقول هو بينهما كالمنصوص في له ولجبريل ، أو الحائط ( ويحتمل أن لا يكون له إلا النصف ) هذا هو المذهب ، وقدمه الأشياخ ; لأنه أضاف الوصية إليها ، فإذا لم يكن أحدهما محلا للتمليك ، بطل في نصيبه ، وبقي نصيب الحي ، وهو النصف ( وإن لم يعلم موته فللحي نصف الموصى به ) وجها واحدا ; لأنه أضاف الوصية إليهما ، ولا قرينة تدل على عدم إرادة الآخر ، فوجب أن يكون له النصف عملا بالمقتضى السالم عن المعارض ، وكما لو أوصى لحيين ، فمات أحدهما بغير خلاف نعلمه . فرع : أوصى لله ولزيد بشيء ، فنصفان ، وجزم في الكافي ، وغيره بأن جميعه لزيد ; لأن ذكر الله تعالى للتبرك ، وإن وصى للرسول ، ولزيد ، صح ، ونصف الرسول يصرف في المصالح . [ ص: 47 ] ( وإن وصى لوارثه وأجنبي بثلث ماله ) فأجاز الورثة وصية الوارث ، فالثلث بينهما ، وفي الرد أشار إليه بقوله : ( فرد الورثة ، فللأجنبي السدس ) في قول أكثر العلماء ; لأن كلا منهما له السدس ، فصح للأجنبي إذ لا اعتراض للورثة عليه ، وبطل بينها الوارث ; لأن الوصية له لا تصح إلا بإجازة الوارث ، وفي الرعاية إذا أوصى لوارث وغيره بثلثه اشتركا مع الإجازة ، ومع الرد على الوارث للآخر الثالث ، وقيل : نصفه ، كما لو أوصى لهما بثلثه ، فرد عليهما ، أو على الوارث فقط ، وإن رد الزائد على الثلث دون وصيته عينا ، فهو لهما ، وقيل للأجنبي ، وقيل : له السدس ، ويبطل الباقي ، ولو أجيز للوارث وحده ، فله الثلث ، وكذا الأجنبي إذن ، وقيل السدس ( وإن وصى لهما ) أي للوارث ، وأجنبي ( بثلثي ماله ، فكذلك عند القاضي ) أي : إذا أبطل الورثة الزائد على الثلث تعين نصيب أحدهما ، فالثلث بينهما واحد منهما السدس ، واختاره في الوجيز ; لأن الوارث يزاحم الأجنبي مع الإجازة ، فإذا ردوا ، تعين أن يكون الباقي بينهما ، كما لو تلف بغير رد ( وعند أبي الخطاب له الثلث ) لأنهم ، لا يقدرون على إبطال الثلث ، فما دون إذا كان لأجنبي ولو جعلنا الوصية بينهما لملكوا إبطال ما زاد على السدس ، وكما لو خصوا الوارث بالإبطال ، فإن قالوا : أجزنا وصية الوارث ، ورددنا نصف وصية الأجنبي ، صح ، واتبع كالعكس ، وإن أجازوا أن ينقصوا الأجنبي عن نصف وصيته ، لم يملكوا ذلك مطلقا فإن ردوا جميع وصية الوارث ، ونصف وصية الأجنبي ، فلهم ذلك ، على قول القاضي ، وعلى قول أبي الخطاب يتوفر الثلث كله للأجنبي . [ ص: 48 ] ( وإن وصى بماله لابنيه وأجنبي ، فله التسع عند القاضي ) لأنه بالرد رجعت الوصية إلى الثلث ، والموصى له ابنان وأجنبي ، فيكون للأجنبي التسع ; لأنه ثلث الثلث ( وعند أبي الخطاب له الثلث ) لأن الأجنبي موصى له بالثلث ، وبالرد بطلت وصية الوارث ، فوجب أن يكون له الثلث عملا بالوصية السالمة عن المزاحم ( وإن وصى لزيد وللفقراء بثلثه ، فلزيد التسع ) هذا هو المذهب ; لأنه وصى لثلاث جهات فوجبت التسوية ، كما لو وصى لزيد وبكر وخالد ، وقال محمد بن الحسن : له الخمس ، وللفقراء خمسان ، وللمساكين خمسان ; لأن أقل الجمع اثنان ، وقال ابن حمدان : ويحتمل أن له السدس ; لأنهما هنا صنف ، وظاهره : أنه إذا كان زيد مسكينا أنه لا يدفع إليه من سهمهم إذ العطف يقتضي المغايرة ، فلو كانت الوصية لقوم يمكن حصرهم كزيد وإخوته فهو كأحدهم في وجه ، وفي آخر كالتي قبلها ، فلو وصى بثلثه لزيد وللفقراء فنصفان ، وقيل : كأحدهم . تنبيه : لو أوصى مسلم لأهل قريته ، وقيل : أو لقرابته بلفظ عام لم يعم كافرهم إلا بذكره في الأشهر ، وإن كان الموصى كافرا ، عم مسلمهم بدون ذكره في الأصح ، وقيل : إن كان أهل القرية ، أو الأقارب كلهم كفارا ، والموصي مسلما عمهم ، كما لو كان فيهم مسلم ، وإن كان أكثرهم كفارا ، لم يعمهم ، وفيه احتمال . مسألة : أوصى بثلثه للمساكين ، وله أقارب محاويج ، ولم يوص لهم بشيء ، ولم يرثوه ، فإنهم أحق به ، ولو وصى نصراني بثلثه لفقراء المسلمين ، وله إخوة فقراء ، أعطى كل واحد خمسين فقط ، نص عليهما ، ولو وصى لولد زيد ، وليس له إلا ولد ولد دخلوا فيها ، ويحتمل دخول ولد البنين فقط .

التالي السابق


الخدمات العلمية