صفحة جزء
[ ص: 78 ] فصل في الوصية بالأجزاء إذا أوصى له بجزء أو حظ أو شيء أو نصيب فللورثة أن يعطوه ما شاءوا ، وإن وصى له بسهم من ماله ففيها ثلاث روايات ، إحداهن : له السدس بمنزلة سدس مفروض ، إن لم تكمل فروض المسألة ، أو كانوا عصبة ، أعطي سدسا كاملا ، وإن كملت فروضها أعيلت به ، وإن عالت أعيل معها ، والثانية : له سهم مما تصح منه المسألة ، ما لم يزد على السدس ، والثالثة : له مثل نصيب أقل الورثة ما لم يزد على السدس وإن وصى له بجزء معلوم كثلث أو ربع ، أخذته من مخرجه ، فدفعته إليه ، وقسمت الباقي على مسألة الورثة إلا أن يزيد على الثلث ، ولا يجيزوا له ، فتفرض له الثلث ، وتقسم الثلثين عليها ، وإن وصى بجزأين أو أكثر ، أخذتها من مخرجها ، وقسمت الباقي على المسألة ، فإن زادت المسألة على الثلث ، ورد الورثة ، جعلت السهام الحاصلة للأوصياء ثلث المال ، ودفعت الثلثين إلى الورثة ، فلو وصى لرجل بثلث ماله ، ولآخر بربعه ، وخلف ابنين ، أخذت الثلث والربع من مخرجهما سبعة من اثني عشر ، تبقى خمسة للابنين ، إن أجازا ، وإن ردا جعلت السبعة ثلث المال ، فتكون المسألة من أحد وعشرين ، وإن أجازا لأحدهما دون الآخر ، أو أجاز أحدهما لهما دون الآخر ، أو أجاز كل واحد لواحد ، فاضرب وفق مسألة الإجازة وهو ثمانية في مسألة الرد تكن مائة وثمانية وستين ، للذي أجيز له سهمه من مسألة الإجازة ، مضروب مسألة الرد ، وللذي عليه سهمه من مسألة الرد في وفق مسألة الإجازة ، والباقي للورثة ، وللذي أجاز لهما نصيبه من مسألة الإجازة في وفق مسألة الرد ، وللآخر سهمه من مسألة الرد في وفق مسألة الإجازة ، والباقي بين الوصيين على سبعة .


فصل في الوصية بالأجزاء

( إذا أوصى له بجزء ، أو حظ ، أو شيء ، أو نصيب ) أو قسط ( فللورثة أن يعطوه ما شاءوا ) بغير خلاف نعلمه ; لأن ما يعطونه يقع عليه الاسم ، كقوله : أعطوا فلانا من مالي ، لكونه لا حد له في اللغة ، ولا في الشرع ، فكان على إطلاقه ، لكن شرطه أن يكون مما يتمول ، قاله في الرعاية ، والوجيز ، والفروع ، فلو أوصى بثلثه إلا حظا ، أعطي ما يصح استثناؤه ( وإن وصى له بسهم من ماله ففيها ثلاثة روايات إحداهن : له السدس بمنزلة سدس مفروض ) نقله ابن منصور ، واختاره القاضي وأصحابه ، وقدمه في الفروع ، وجزم به في الوجيز ، لما روى ابن مسعود أن رجلا أوصى لآخر بسهم من المال ، فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم السدس ، وهو قول علي ، وابن مسعود ، ولا مخالف لهما في الصحابة ، ولأن السهم في كلام العرب السدس ، قاله إياس بن معاوية ، فتنصرف الوصية إليه كما لو لفظ به ، ( إن لم تكمل فروض المسألة ) كبنت ، وبنت ابن ، ( أو كانوا عصبة ) كالبنين أو الإخوة ، أعطي سدسا كاملا ; لأنه موصى به ، وإن كملت فروضها أعيلت به ، وإن عالت أعيل معها ، كمسائل العول ، وقيل : له سدسه كله أطلقه في رواية حرب ، وأطلقه في المحرر ، والروضة ، ولعل مرادهم ما ذكره المؤلف من التفصيل ، ( والثانية له سهم مما تصح منه المسألة ) مضافا إليها ، وهي ظاهر [ ص: 79 ] كلامه في رواية الأثرم ، وأبي طالب ; لأن سهما ينصرف إلى سهام فريضته ، أشبه ما لو قال فريضتي ، أو كذا سهما لك منه أسهم ، قال القاضي وتبعه المؤلف : ( ما لم يزد على السدس ) فإن زاد عليه ، فله السدس ; لأنه متحقق ، والثالثة : له مثل نصيب أقل الورثة ، مضموما إليها ، اختاره الخلال وصاحبه ; لأن السهم يطلق ، ويراد به النصيب ، والنصيب هنا : هو نصيب الورثة ، والأقل منها هو المتيقن ( ما لم يزد على السدس ) كذا قيده تبعا للقاضي وجمع ، فإن زاد عليه رد إليه ; لأنه أقل سهم يرثه ذوا قرابة ، والمجد وجماعة أجروا هاتين الروايتين على إطلاقهما ، نظرا لإطلاق الإمام .

مسائل توضح ما ذكر ، رجل خلف أما وبنتين ، وأوصى بسهم من ماله فعلى الأولى تكمل به السدس ، إذ مسألتهم من ستة ، ترجع بالرد إلى خمسة ، فيزاد عليها السهم الموصى به ، فتصير من ستة ، وكذا على الأخريين ، ولو كانت أما وأختا ، فيضاف إليها السدس على الأولى والثانية ، وعلى الثالثة يضاف إليها مثل نصيب الأم ; لأنه أقل نصيب وارث فتصير من سبعة ، وعلى ما قيده المؤلف تبعا للقاضي له السدس ; لأن النصيب زاد عليه ، ولو كانت ابنتان وأبوان ، فهي من ستة وتعول بالسهم الموصى به إلى سبعة على الروايات ، ولو كانت لأبوين وأختان لأم وأم ، فهي من ستة ، وتعول إلى سبعة ، وتعول بالسهم الموصى به إلى ثمانية على الروايات أيضا ، ولو كان ثلاث أخوات لأبوين وأخوان وأختان لأم وأم ، فهي من ستة ، وتعول إلى سبعة ، وبالسهم الموصى به على الأولى إلى ثمانية ، وتصح من ثمانية وأربعين ، وعلى الثانية : تصح من اثنين وأربعين يرد إليها السهم [ ص: 80 ] فتصير من ثلاثة وأربعين ، وعلى الثالثة تصح من اثنتين وأربعين ، ويزاد عليها أقل أنصباء الورثة ، وهو ثلاثة أسهم ، فتصير من خمسة وأربعين ، ولو كان زوجا وأختا ، كان له السبع ، كما لو كان معها جدة على الروايات ، وذكر في المغني ، والشرح الذي يقتضيه القياس فيما إذا أوصى بسهم من ماله ، إن صح أن السهم في لسان العرب ، أو صح الحديث السابق ، فهو كما لو أوصى بسدس ماله ، وإلا فهو كما لو أوصى بجزء من ماله ، على ما اختاره الشافعي ، خلف زوجة وأما وابنا ، وأوصى لآخر بسهم من ماله ، فذكر أبو الخطاب أنها تصح على الأولى من أربعة وعشرين ، وكذا على الثالثة ، وعلى الثانية من خمسة وعشرين ، قال في المستوعب : أما حكمه في هذه المسألة صحيح على الثالثة ، وفي حكمه على الروايتين الأوليين سهو منه ; لأنه أعطى الزوجة والأم فرضهما قبل الوصية ، وذلك بخلاف نص القرآن والإجماع ، ثم صححها على الأولى من مائة وأربعة وأربعين ، وعلى الأخرى من سبعة وعشرين .

فرع : خلف أبوين وابنين ، ووصى لشخص بسدس من ماله ، ولآخر بسهم منه ، جعلت ذا السهم كأحد أبويه ، وأعطيت صاحب السدس سدسا كاملا ، وقسمت الباقي بين الورثة والوصي على سبعة ، وتصح من اثنين وأربعين لصاحب السدس سبعة ، ولصاحب السهم سهم على الروايات ، ويحتمل أن يعطى الموصى له بالسهم السبع كاملا ، كما لو أوصى له به من غير وصية أخرى ، فتكون له ستة ، ويبقى تسعة وعشرون ، على ستة لا تنقسم ، فتضربها في اثنين وأربعين ، تكن مائتين واثنين وخمسين .

[ ص: 81 ] ( وإن وصى له بجزء معلوم كثلث أو ربع ، أخذته من مخرجه ) فيكون ذلك صحيحا ، فالثلث مخرجه من ثلاثة ، والربع من أربعة ( فدفعته إليه ) أي : إلى الموصى له ; لأنه موصى له به ( وقسمت الباقي على مسألة الورثة ) لأنه حقهم ، فلو كان له ابنان ، والوصية بالثلث ، صحت من ثلاثة ، ولو كان ثلاثة ، والوصية بالربع صحت من أربعة ( إلا أن يزيد على الثلث ولا يجيزوا له ) أي : للموصى له ( فتفرض له الثلث ، وتقسم الثلثين عليها ) أي : على مسألة الورثة ، فإن انقسمت فظاهر ، وإن لم تنقسم ، ضربت المسألة أو وفقها في مخرج الوصية ، فما بلغ فمنه تصح ، وظاهره : أنهم إذا أجازوا ، فإنها تنفذ في الموصى به مطلقا ( وإن وصى بجزئين أو أكثر أخذتها من مخرجها ، وقسمت الباقي على المسألة ) أي : مسألة الورثة ( فإن زادت على الثلث ، ورد الورثة جعلت السهام الحاصلة للأوصياء ثلث المال ) ليقسم ذلك بين الأوصياء بلا كسر ( ودفعت الثلثين إلى الورثة ) لأنه حقهم ( فلو وصى لرجل بثلث ماله ، ولآخر بربعه ، وخلف ابنين ، أخذت الثلث والربع من مخرجهما سبعة من اثني عشر ) لأن مخرج الثلث من ثلاثة ، والربع من أربعة ، فإذا ضربت أحدهما في الآخر ، كانت اثني عشر فثلثها ، وربعها سبعة ( تبقى خمسة للابنين إن أجازا ) وتصح من أربعة وعشرين ، لصاحب الثلث ثمانية ، ولصاحب الربع ستة يبقى عشرة للابنين ( وإن ردا ، جعلت السبعة ثلث المال ) مقسومة بينهما على قدر وصيتهما لصاحب الثلث أربعة ، ولصاحب الربع ثلاثة ( فتكون المسألة من أحد وعشرين ) [ ص: 82 ] يبقى أربعة عشر ، للابنين نصفين ( وإن أجاز لأحدهما دون الآخر ، أو أجاز له أحدهما لهما دون الآخر ، أو أجاز كل واحد لواحد ) فوافق بين مسألة الإجازة ، ومسألة الرد ، وهما تتفقان بالأثلاث ( فاضرب وفق مسألة الإجازة ، وهو ثمانية في مسألة الرد ، تكن مائة وثمانية وستين للذي أجيز له سهمه من مسألة الإجازة مضروب في وفق مسألة الرد ) فإن كانت الإجازة لصاحب الثلث وحده ، فسهمه من مسألة الإجازة ثمانية مضروب في وفق مسألة الرد ، وهو سبعة تكن ستة وخمسين ، ولصاحب الربع نصيبه من مسألة الرد ثلاثة في وفق مسألة الإجازة وهو ثمانية ، تكن أربعة وعشرين ، فصار المجموع للوصيين ثمانين سهما ، والباقي وهو ثمانية وثمانون بين الابنين ، لكل ابن أربعة وأربعون سهما ، وإن أجازا لصاحب الربع وحده أخذت سهمه من مسألة الإجازة ستة مضروبة في وفق مسألة الرد ، وهو سبعة ، تكن اثنين وأربعين ، يدفعها إليه ، ولصاحب الثلث سهمه من مسألة الرد أربعة ، تضربها في وفق مسألة الإجازة ، وهو ثمانية ، تكن اثنين وثلاثين ، فصار المجموع أربعة وسبعين يبقى أربعة وتسعون للابنين ، وإن أجاز أحد الابنين لهما دون الآخر ، فللذي أجاز لهما سهمه من مسألة الإجازة خمسة مضروبة في وفق مسألة الرد سبعة ، تكن خمسة وثلاثين ، وللذي رد سهمه في مسألة الرد سبعة مضروب في وفق مسألة الإجازة ، وهو ثمانية ، تكن ستة وخمسين ، تضمها إلى خمسة وثلاثين تكن أحدا وتسعين ، يبقى للوصيين سبعة وسبعون ، بينهما على سبعة ، لصاحب الثلث أربعة وأربعون ، . ولصاحب الربع ثلاثة وثلاثون ، وهو المراد بقوله :

( وللذي رد عليه سهمه من مسألة الرد في وفق مسألة الإجازة ، والباقي للورثة [ ص: 83 ] وللذي أجاز لهما نصيبه من مسألة الإجازة في وفق مسألة الرد ، وللآخر سهمه من مسألة الرد في وفق مسألة الإجازة ، والباقي بين الوصيين على سبعة ) لم يذكر المؤلف ما للمجاز له ، والمردود عليه ، وما للمجيز ، فنقول : إذا أجاز الابنان لصاحب الثلث ، كان له ستة وخمسون ، وإذا ردا عليه ، كان له اثنان وثلاثون ، فقد نقصه ردهما أربعة وعشرين ، وإن أجازا لصاحب الربع ، كان له اثنان وأربعون ، وإن ردا عليه كان له أربعة وعشرون ، فنقصه رد أحدهما تسعة يبقى له ثلاثة وثلاثون ، وأما الابنان ، فالذي أجاز لصاحب الثلث إذا أجاز لهما كان له خمسة وثلاثون ، وإذا رد عليهما كان له ستة وخمسون ، فنقصته الإجازة لهما أحدا وعشرين ، لصاحب الثلث منها اثنا عشر يبقى له أربعة وأربعون ، والذي أجاز لصاحب الربع إذا أجاز لهما كان له خمسة وثلاثون ، وإذا رد عليهما كان له ستة وخمسون ، فنقصته الإجازة لهما أحدا وعشرين ، منها تسعة لصاحب الربع بقي له سبعة وأربعون ، وللوصيين سبعة وسبعون ، لصاحب الثلث أربعة وأربعون ، ولصاحب الربع ثلاثة وثلاثون ، فصار المجموع لهما وللابنين مائة وثمانية وستين .

مسألة : أوصى لشخص بنصف ماله ، ولآخر بربعه ، فللأول نصف المال ، وللآخر ربعه مع الإجازة ، وإن رد الورثة ، قسمت الثلث بينهما على قدر سهامهما ، لصاحب النصف ثلثاه ، وللآخر ثلثه ، وقسمت الثلثين على الورثة ، هذا قول الجمهور .

التالي السابق


الخدمات العلمية