صفحة جزء
وتصح وصية الكافر إلى المسلم ، وإلى من كان عدلا في دينه ، وإذا قال : ضع ثلثي حيث شئت ، أو أعطه من شئت ، لم يجز له أخذه ، ولا دفعه إلى ولده ويحتمل جواز ذلك لتناول اللفظ له ، وإن دعت الحاجة إلى بيع بعض العقار ، لقضاء دين الميت أو حاجة الصغار ، وفي بيع بعضه نقص ، فله البيع على الكبار والصغار ، ويحتمل أنه ليس له البيع على الكبار ، وهو أقيس .


( وتصح وصية الكافر إلى المسلم ) لقبول شهادته عليه ، وعلى غيره ، ومحله ما لم تكن التركة خمرا أو خنزيرا أو نحوهما ، ( وإلى من كان عدلا في دينه ) في الأشهر ; لأنه يلي النسب ، قيل : بالوصية كالمسلم ، والثاني : لا يصح ، وهو قول أبي ثور ; لأنه أسوأ حالا من الفاسق ، وعلى الأول : إذا لم يكن عدلا في دينه ، لا يصح ; لأن عدم العدالة في المسلم تمنع الصحة ، فالكافر أولى .

( وإذا قال : ضع ثلثي حيث شئت أو أعطه ) أو تصدق به ( على من شئت ، لم يجز له أخذه ) في المنصوص ; لأنه تمليك ملكه بالإذن ، فلا يكون قابلا له كالوكيل ، وقيل : يعمل بالقرينة ( ولا دفعه إلى ولده ) لأنه متهم في حقه كهو ، وأباحه الشيخان ، وذكر جماعة : مع أبيه ، وذكره آخرون وأبيه ، ولم يزيدوا ، ولا يجوز دفعه إلى [ ص: 110 ] وارثه ، سواء كان غنيا أو فقيرا ، نص عليه ، وذكر ابن رزين : في منع من يمونه وجها ( ويحمل جواز ذلك لتناول اللفظ له ) ولأنه يجوز دفعه إلى الأجنبي ، فكذا ما ذكر ، وقيل : له إعطاء ولده وسائر أقاربه إذا كانوا مستحقين له دون نفسه ; لأنه مأمور بالتفريق ، وقد وجد .

مسائل : إذا قال : تصدق من مالي ، احتمل ما تناوله الاسم ، واحتمل ما قل وكثر ; لأنه لو أراد معينا ، عينه ، ذكر في التمهيد : من أوصي إليه بحفر بئر في طريق مكة ، أو في السبيل ، فقال : لا أقدر ، فقال الموصي : افعل ما ترى ، لم يجز حفرها بدار قوم لا بئر لهم ، لما فيه من تخصيصهم ، نقله ابن هانئ ، ولو أمره ببناء مسجد ، فلم يجد عرصة ، لم يجز شراء عرصة يزيدها في مسجد صغير ، نص عليه ، ولو قال : ادفع إلى يتامى فلان ، فإقرار بقرينة وإلا وصية ، ذكره الشيخ تقي الدين .

( وإن دعت الحاجة إلى بيع بعض العقار لقضاء دين الميت ، أو حاجة الصغار ، وفي بيع بعضه نقص ) أي ضرر ( فله البيع على الكبار ) إذا امتنعوا أو غابوا ، والصغار نص عليه ; لأن الموصي يملك بيع التركة ، فملك جميعها ، كما لو كان الورثة صغارا أو التركة مستغرقة ، وكالعين المرهونة ، وظاهره : أنه إذا لم يكن فيه ضرر ، فليس له البيع على الكبار ; لأنه إنما جاز الضرر ، وقيل : يبيع بقدر دين ووصية وحصة صغار ، وقيل لأحمد : بيع الوصي الدور على الصغار يجوز ؛ قال : إذا كان نظرا لهم لا على كبار يؤنس فيهم رشد ، هو كالأب في كل شيء إلا في النكاح ، قيل له : وإن لم يكن أثبت وصيته عند [ ص: 111 ] القاضي ؛ قال : إذا كانت له بينة ( ويحتمل أنه ليس له البيع على الكبار ) لأنه لا يجب على الإنسان بيع ملكه ليزداد من ملك غيره ، كما لو كان شريكهم غير وارث ( قال : وهو أقيس ) وصححه في الشرح والمغني ، وقال ابن أبي ليلى : يجوز له البيع على الكل فيما لا بد منه .

فرع : إذا مات في موضع لا حاكم فيه ولا وصيا ، فلمن حضره من المسلمين حوز تركته ، ويبيع ما يراه ، وقيل : إلا الإماء ، قال أحمد في الجواري : أحب أن يتولى بيعهن الحاكم ، قال في الشرح : وإنما توقف عن بيعهن على طريق الاختيار احتياطا ; لأن بيعهن يتضمن إباحة فروجهن ، وعلى المذهب يجوز ; لأنه موضع ضرورة ، ويكفنه منها ثم من عنده ، ويرجع عليها أو على من تلزمه نفقته إن نواه ولا حاكم ، فإن تعذر الإذن رجع ، وقيل : فيه وجهان كإمكانه ولم يستأذنه أو لم ينو مع إذنه ، والله تعالى أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية