صفحة جزء
كتاب الفرائض وهي قسمة المواريث .


[ ص: 112 ] كتاب الفرائض

جمع فريضة ، وهي في الأصل اسم مصدر من فرض وأفرض ، وسمي البعير المأخوذ في الزكاة فريضة فعيلة بمعنى مفعولة ، مشتق من الفرض ، وهو التقدير لقوله تعالى فنصف ما فرضتم أي : قدرتم ، ويأتي بمعنى القطع ; لقوله تعالى نصيبا مفروضا أي : مقطوعا ، وبمعنى الحز ، يقال : فرض القوس ، وفرضته ، الحز الذي فيه الوتر ، وفرضة النهر ، أي : ثلمته ، وبمعنى التبيين ; لقوله تعالى ( فرض الله لكم تحلة أيمانكم ) أي : بين ، وبمعنى الإنزال ; لقوله تعالى إن الذي فرض عليك القرآن أي أنزل ، وبمعنى الإحلال ; لقوله تعالى ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له أي أحل ، وبمعنى العطاء ، تقول العرب : ما أصبت منه فرضا .

ولما كان علم الفرائض مشتملا على هذه المعاني لما فيه من السهام المقدرة ، والمقادير المنقطعة ، والعطاء المجرد ، وقد بين لكل وارث نصيبه وأحله له سمي بذلك ، ويقال للعالم به : فرضي وفارض وفريض ، كعالم وعليم ، حكاه المبرد .

وقد ورد التحريض على تعلمها وتعليمها ، فعن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : تعلموا الفرائض وعلموها الناس ، فإني امرؤ مقبوض ، وإن العلم سيقبض ، وتظهر الفتن حتى يختلف اثنان في الفريضة ، فلا يجدان من يفصل بينهما رواه أحمد ، والترمذي ، والحاكم ، ولفظه له . وعن أبي هريرة مرفوعا : تعلموا الفرائض وعلموها ، فإنها نصف العلم ، وهو ينسى ، وهو أول علم ينزع من [ ص: 113 ] أمتي رواه ابن ماجه ، والدارقطني من رواية حفص بن عمر ، وقد ضعفه جماعة ، واختلف في معناه ، فقال أهل السلامة : لا نتكلم فيه ، بل يجب علينا اتباعه ، وقيل : علم معناه باعتبار الحال ، فإن حال الناس اثنان ، حياة ووفاة ، فالفرائض تتعلق بالثاني ، وسائر العلوم بالأول ، وقيل : هو نصف باعتبار الثواب ; لأنه يستحق بتعلم مسألة واحدة من الفرائض مائة حسنة ، وبغيرها من العلوم عشر حسنات ، وقيل باعتبار المشقة ، وهما ضعيفان ، وأحسنها أن أسباب الملك اختياري واضطراري ، فالاختياري إن شاء دخلت في ملكه ، وإن شاء رد كالشراء والهبة ونحوهما ، والاضطراري يدخل في ملكه إجبارا ، ورد ، وقال عمر : إذا تحدثتم فتحدثوا في الفرائض ، وإذا لهوتم فالهوا بالرمي ، وكان لا يولي أحدا حتى يسأله عن قسمة المواريث ، وحكي أن الوليد بن مسلم رأى في منامه دخل بستانا ، فأكل من جميع ثمره إلا العنب الأبيض ، فقصه على شيخه الأوزاعي ، فقال : تصيب من العلوم كلها إلا الفرائض ، فإنها جوهر العلم ، كما أن العنب الأبيض جوهر العنب .

( وهي قسمة المواريث ) فظاهره أن الفرائض هي نفس القسمة ، والظاهر أنه على حذف مضاف تقديره وهي العلم بقسمة المواريث ، وصرح به في الكافي ، وهو جمع ميراث ، وهو المال المخلف عن الميت ، أصله موراث انقلبت الواو ياء لسكونها ، وانكسار ما قبلها ، ويقال له : التراث .

التالي السابق


الخدمات العلمية