صفحة جزء
وأقل سن تحيض له المرأة تسع سنين ، وأكثره خمسون سنة ، وعنه : ستون في نساء العرب ، والحامل لا تحيض ،


( وأقل سن تحيض له المرأة ) تمام ( تسع سنين ) في المشهور من المذهب ، قال الترمذي : قالت عائشة : إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة ، ورواه القاضي مرفوعا من رواية ابن عمر ، أي : حكمها حكم المرأة ، قال الشافعي : رأيت جدة لها إحدى وعشرين سنة ، وذكر ابن عقيل : أن نساء تهامة يحضن لتسع سنين ، وظاهره أنها إذا رأت الدم لدون تسع سنين فليس بحيض ، وهو كذلك بغير خلاف ، لأنه لم يثبت في الوجود والعادة لأنثى حيض قبل استكمالها ، وأنه لا فرق فيه بين البلاد الحارة والباردة ، وقيل : لا حيض قبل تمام عشر ، وعنه : اثنتا عشرة ، لأنه الزمان الذي يصح فيه بلوغ الغلام ، وهو تقريب ، وقيل : تحديد ، ولانقطاعه غاية ، نص عليه .

( وأكثره خمسون سنة ) قدمه في " المستوعب " و " التلخيص " وصححه في " البلغة " ، واختاره عامة المشايخ ، قاله ابن الزاغوني لقول عائشة : إذا بلغت [ ص: 268 ] المرأة خمسين سنة ، خرجت من حد الحيض ، ذكره أحمد ، وقال أيضا : لن ترى في بطنها ولدا بعد الخمسين ، رواه أبو إسحاق الشالنجي ، وظاهره أنه لا فرق بين نساء العرب وغيرهن لاستوائهن في جميع الأحكام .

( وعنه : ستون في نساء العرب ) وخمسون لغيرهن ، وقاله أهل المدينة ، لأنهن أقوى جبلة ، وعنه : غايته ستون سنة ، جزم بها في " المحرر " و " الوجيز " وقدمها ابن تميم ، واختارها أبو الخطاب في " خلافه " الصغير ، لأن ما قبل ذلك وجد فيه حيض بنقل نساء ثقات ، وعنه : إن تكرر بعد الخمسين فهو حيض ، وإلا فلا ، صححها في " الكافي " لوجوده على ما نقله الزبير بن بكار ، وعنه : مشكوك فيه ، اختارها الخرقي ، فتصوم ، وتصلي ، لأن وجوبها متيقن ، فلا يزول بالشك ، ولا يقربها زوجها إذا انقطع حتى تغتسل ، لاحتمال أن يكون حيضا ، والصوم تقضيه وجوبا على الأصح ، لأنه واجب بيقين فلا يسقط بالشك ، وقد علم أنها إذا رأت دما ( بعد السنين ) أنه ليس بحيض بغير خلاف في المذهب ، لأنه لم يوجد ، وهو بمنزلة الجرح ، قاله أحمد ، وهو دم فساد خلافا للشافعي ، فإنه لا غاية لانقطاعه . فالجواب : أنه قد وصف النساء بالإياس منه لقوله تعالى واللائي يئسن من المحيض [ الطلاق 4 ] ، ولو أمكن أن يكون حيضا لم تيأس أبدا ، ولأنها تعتد بالأشهر .

( والحامل لا تحيض ) في المنصوص وفاقا لأبي حنيفة لما روى أبو سعيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في سبي أوطاس : لا توطأ حامل حتى تضع ، ولا غير ذات حمل حتى تحيض رواه أحمد ، وأبو داود من رواية شريك القاضي ، فجعل الحيض [ ص: 269 ] علما على براءة الرحم ، فدل على أنه لا يجتمع معه ، وقال عليه السلام في حق ابن عمر لما طلق زوجته وهي حائض : ليطلقها طاهرا أو حاملا فجعل الحمل علما على عدم الحيض كالطهر ، احتج به أحمد ، وعنه : بلى ، حكاها أبو القاسم التميمي والبيهقي والشيخ تقي الدين ، واختارها قال في " الفروع " : وهي أظهر ، وذكر عبيدة بن الطيب أنه سمع إسحاق ناظر أحمد ، ورجع إلى قوله هذا . رواه الحاكم ، لأنه دم صادف عادة ، فكان حيضا كغيرها ، فعلى الأولى إذا رأت دما فهو دم فساد لا تترك له العبادة ، ولا تمنع زوجها من وطئها ، ويستحب أن تغتسل بعد انقطاعه ، نص عليه ، وفي وجوبه وجهان ، إلا أن تراه قبل ولادتها بيومين أو ثلاثة فهو نفاس ، ولا تنقص به مدته ، نص عليه ، لأنه دم خرج بسبب الولادة فكان نفاسا ، ولا تترك العبادة من غير علامة على قرب الوضع عملا بالأصل ، فإن تركتها لعلامة فتبين بعده عنها أعادت ما تركته من العبادة الواجبة ، لأنه تبين أنه ليس بحيض ولا نفاس .

التالي السابق


الخدمات العلمية