صفحة جزء
[ ص: 154 ] باب أصول المسائل الفروض ستة ، وهي نوعان : نصف وربع وثمن وثلثان وثلث وسدس ، وهي تخرج من سبعة أصول : أربعة لا تعول ، وثلاثة تعول ، فالتي لا تعول : هي ما كان فيها فرض واحد أو فرضان من نوع واحد ، فالنصف وحده من اثنين ، والثلث وحده أو مع الثلثين من ثلاثة ، والربع وحده أو مع النصف من أربعة ، والثمن وحده أو مع النصف من ثمانية ، فهذه التي لا تعول ، وأما التي تعول : فهي التي يجتمع فيها فرض أو فرضان من نوعين ، فإذا اجتمع مع النصف سدس أو ثلث أو ثلثان ، فهي من ستة ، وتعول إلى عشرة ، ولا تعول إلى أكثر من ذلك ، وإن اجتمع مع الربع أحد الثلاثة فهي من اثني عشر ، وتعول على الإفراد إلى سبعة عشر ، ولا تعول لأكثر من ذلك ، وإن اجتمع مع الثمن سدس أو ثلثان فاجعلها من أربعة وعشرين ، وتعول إلى سبعة وعشرين ، ولا تعول إلى أكثر منها ، وتسمى البخيلة ; لقلة عولها ، والمنبرية ; لأن عليا رضي الله عنه سئل عنها على المنبر ، فقال : صار ثمنها تسعا .


باب أصول المسائل

ومعنى أصول المسائل : المخارج التي تخرج منها فروضها ، والمسائل جمع مسألة ، وهو مصدر سأل سؤالا ومسألة ، فهو من إطلاق المصدر على المفعول بمعنى مسألة ، أي مسئولة بمعنى سأل عنها ، وفيه العول أيضا ، يقال : عالت ، أي : ارتفعت ، وهو ازدحام الفرائض ، بحيث لا يتسع لها المال ، فيدخل النقص عليهم كلهم ، ويقسم المال بينهم على قدر فروضهم ، كما يقسم مال المفلس بين غرمائه بالحصص ، وقال ابن عباس ، ومحمد بن الحنفية ، ومحمد بن علي بن الحسين ، وعطاء : لا تعول المسائل ، ويلزمه مسألة فيها زوج وأم وأخوان من أم ، فإن حجب الأم إلى السدس ، خالف مذهبه ، فإنه لا يحجبها بأقل من ثلاثة إخوة ، وإن نقص الإخوة من الأم ، رد النقص على من لم يهبطه الله تعالى من فرض إلى ما بقي ، وإن أعال المسألة رجع إلى قول الجماعة ، وترك مذهبه ، قال في " المغني " ، و " الشرح " : ولا نعلم اليوم قائلا بمذهبه .

( الفروض ) المقدرة في كتاب الله تعالى ( ستة وهي نوعان : نصف ) بدأ الفرضيون به لكونه مفردا ، قاله السبكي ، قال : وكنت أود لو بدءوا بالثلثين ; لأن الله تعالى بدأ به حتى رأيت ابن المنجا ، والحسين بن محمد الوني ، بدآ به ، فأعجبني ذلك ، وهو فرض خمسة ( وربع ) وهو فرض اثنين ( وثمن ) وهو فرض واحد ( وثلثان ) وهو فرض أربعة ( وثلث ) وهو فرض اثنين ( وسدس ) وهو فرض سبعة ( وهي تخرج من سبعة أصول : أربعة لا تعول ، وثلاثة تعول ) لأن كل [ ص: 155 ] مسألة فيها فرض مفرد ، فأصلها من مخرجه ، وإن اجتمع معه فرض من نوعه ، فأصلها من مخرج أقلهما ; لأن مخرج الكبير داخل في مخرج الصغير ( فالتي لا تعول ، هي ما كان فيها فرض ) ، وما بقي ( أو فرضان من نوع واحد ) كنصفين في مسألة ، وهي زوج ، وأخت لأبوين أو لأب ، وتسمى اليتيمتين ; لأنهما فرضان متساويان ، ورث بهما المال ، ولا ثالث لهما ( فالنصف وحده من اثنين ، والثلث وحده أو مع الثلثين من ثلاثة ، والربع وحده أو مع النصف من أربعة ، والثمن وحده أو مع النصف من ثمانية ، فهذه التي لا تعول ) لأن العول ازدحام الفروض ، ولا يوجد ذلك هنا .

( وأما التي تعول ، فهي التي يجتمع فيها فرض أو فرضان من نوعين ، فإذا اجتمع مع النصف سدس أو ثلث أو ثلثان ، فهي من ستة ) لأن مخرج النصف من اثنين ، والسدس من ستة ، فهو داخل فيه ، فيكتفى به ، ومخرج الثلث من ثلاثة ، والنصف من اثنين ، فتضرب إحداهما في الأخرى تكن ستة ، وذلك أصل المسألة ، وهو مخرج السدس . زوج وأم وأخت لأم ، أبوان وابنتان ( وتعول ) وهو زيادة في السهام نقص في أنصباء الورثة إلى سبعة كزوج وأختين لأبوين أو لأب أو إحداهما من أبوين والأخرى من أب ، وإلى ثمانية كزوج وأخت من أبوين وأم ، وتسمى المباهلة ; لأن عمر شاور الصحابة فيها ، فأشار العباس بالعول ، واتفقت الصحابة عليه إلا ابن عباس ، لكن لم يظهر النكير في حياته ، فلما مات عمر ، دعا إلى المباهلة ، وقال : من شاء باهلته ، إن الذي أحصى رمل عالج عددا ، لم يجعل في المال نصفا ونصفا وثلثا إذا ذهب النصفان ، فأين محل الثلث ، [ ص: 156 ] وايم الله لو قدموا من قدم الله ، وأخروا من أخر الله ، ما عالت مسألة قط ، فقيل له : لم لا أظهرت هذا زمن عمر ، قال : كان مهيبا فهبته .

وإلى تسعة كزوج وأم وثلاث أخوات مفترقات ، ويسمى عولها الغراء ; لأنها حدثت بعد المباهلة ، واشتهر القول بها ( إلى عشرة ) كزوج وأم وأختين من أبوين وأختين من أم ، وهي أم الفروخ ، .

ومن عالت مسألته إلى ثمانية أو تسعة أو عشرة ، لم يكن الميت إلا امرأة ; لأنه لا بد فيها من زوج ( ولا تعول إلى أكثر من ذلك ) لأنه لا يجتمع في مسألة أكثر من نصف ونصف وثلثين ( وإن اجتمع مع الربع أحد الثلاثة ) أي الثلثان أو الثلث أو السدس ( فهي من اثني عشر ) لأن مخرج الثلث والربع لا موافقة بينهما ، فاضرب أحدهما في الآخر ، والربع والسدس بينهما موافقة بالأنصاف ، فاضرب وفق أحدهما في الآخر يبلغ ذلك ، ولا بد في هذا الأصل من أحد الزوجين لأجل فرض الربع ، ولا يكون لغيرهما كزوج وأبوين وخمسة بنين .

( وتعول على الإفراد إلى سبعة عشر ) فعول ثلاثة عشر منها إذا كان من الورثة من له ربع ونصف ، كزوجة وأخت لأبوين وأخوين لأم .

ومنها : أن يكون في الورثة من له ربع ، وسدس ، وثلثان كزوجة وجدة ، وأختين من أبوين .

ومنها : أن يكون فيهم من له ربع ، ونصف ، وسدسان ، كزوج ، وبنت ، وبنت ابن ، وأم ، وعول خمسة عشر ، كزوج ، وأبوين ، وابنتين ، وعول سبعة عشر اثنتان : كثلاث نسوة وجدتين ، وأربع أخوات لأم ، وثمانية أخوات لأبوين ، أو [ ص: 157 ] لأب ، وتسمى أم الأرامل ، ومتى عالت إلى سبعة عشر لم يكن الميت فيها إلا رجلا ، وإنما كان عول هذا الأصل على الإفراد ; لأن فيها فرضا يباين سائر فروضها ، وهو الربع ، فإنه ثلاثة وهو فرد ، وسائر فروضها أزواج ، فإذا علمت ذلك ، علمت أن الاثني عشر تعول ثلاث مرات أوتارا ، الأول بمثل نصف سدسها ، وفي الثانية بمثل ربعها وسدسها ، قال السهيلي : وليس في ما يكون أصلا للمسألة ، وتنقسم منه إلا ثلاثة عشر ، وسبعة عشر ; لأنه أصل في سائر العول .

( ولا تعول إلى أكثر من ذلك ) بالسبر ( وإن اجتمع مع الثمن سدس أو ثلثان فاجعلها من أربعة وعشرين ) فإنك تضرب مخرج الثمن في مخرج الثلثين ، أو في وفق مخرج السدس تبلغ ذلك ، وإنما لم نذكر الثلث ; لأنه لا يجتمع مع الثمن ، لكونه فرض الزوجة مع الولد ، ويكون الثلث في مسألة فيها ولد ; لأنه لا يكون إلا لولد الأم ، والولد يسقطهم ، وللأم بشرط عدم الولد زوجة وأم وابنتان ، وما بقي ثلاث نسوة وأربع جدات ، وستة عشر بنتا ، وأخت .

( وتعول إلى سبعة وعشرين ) وهو أن يكون في الورثة من له ثمن ، ونصف ، وثلاثة أسداس كزوجة وبنت وبنت ابن وأبوين ، وأن يكون فيهم من له ثمن سدسان وثلثان كزوجة وأبوين وابنتين ، ولا يكون الميت في هذا الأصل إلا رجلا ، بل لا تكون المسألة من أربعة وعشرين ، إلا وهو رجل ( ولا تعول إلى أكثر منها ) بالسبر ، وفي " التبصرة " رواية إلى أحد وثلاثين ، وهو قول ابن مسعود [ ص: 158 ] لأنه يحجب الزوجين بالولد الكافر والقاتل والرقيق ، ولا يورثهم فعلى قوله : إذا كانت امرأة وأم وست أخوات مفترقات ، وولد كافر ، فللأخوات الثلث والثلثان ، وللأم والمرأة السدس والثمن سبعة ، وتعول إلى أحد وثلاثين ( وتسمى البخيلة لقلة عولها ) لأنها أقل الأصول عولا ، ولم تعل إلا بمثل ثمنها ( والمنبرية ; لأن عليا رضي الله عنه سئل عنها على المنبر ، فقال : صار ثمنها تسعا ) ومضى في خطبته ، يعني : أن المرأة كان لها الثمن ثلاثة من أربعة وعشرين ، فصار لها بالعول ثلاثة من سبعة وعشرين ، وهو التسع .

تنبيه : إنما اختصت هذه الثلاثة بالعول دون الأربعة لوجهين ، الأول : أن العول إنما يتحقق إذا كثرت الفرائض ، فزادت الأجزاء على المخرج ، وهو لا يتحقق في غير الثلاثة ، وأما الاثنان ، فلأنه متى كان المخرج اثنين لا تكون المسألة إلا نصفين أو نصفا ، وما بقي ، ولا يجتمع في فريضة ثلاثة أنصاف ، ليحصل العول ، وأما الثلاثة ، فلأنه لا يجتمع في مسألة ثلثان وثلثان ، ولا ثلث وثلث وثلثان ، وأما الأربعة ، فلأنه لا يجتمع في مسألة مخرجها من أربعة أكثر من نصف وربع ، وأما الثمانية ، فلأنه لا يجتمع في مسألة مخرجها من ثمانية أكثر من نصف وثمن ، ويبين ذلك أن المسألة إذا كانت من اثنين لا بد فيها من عصبة يأخذ ما بقي إلا في زوج وأخت إذ لا تزاحم ، وإذا كانت من اثنين ، فكذلك إلا في أختين لأب ، وأختين لأم ، وكذا إذا كانت من أربعة أو ثمانية بخلاف الثلاثة الأخيرة ، فإنه لا يتصور فيها وجود عاصب ، فلهذا قبلت العول .

الثاني : أن الأصول قسمان : تام ، وناقص ، فالتام : هو الذي إذا جمعت أجزاؤه الصحيحة كانت مثله أو أزيد ، [ ص: 159 ] فالستة تامة ; لأن لها سدسا ، وثلثا ، ونصفا ، فتساوت ، والاثنا عشر لها سدس وربع وثلث ونصف ، فزادت ، والأربعة والعشرون لها ثمن وسدس وربع وثلث ونصف ، فالمجموع ثلاثة وثلاثون ، فهذه تعول ، والناقص : هو الذي إذا جمعت أجزاؤه كانت أقل منه كالاثنين ليس لها جزء صحيح إلا النصف ، وهو واحد ، والثلاثة ثلث واحد ، والثلثان تضعيف الثلث ، والأربعة ليس لها إلا ربع ونصف ، وهما ثلاثة ، والثمانية ليس لها إلا ثمن وربع ونصف ، فهذه لا تعول ; لأنك إذا جمعت سهامها الصحيحة نقصت عنها .

فائدة : المسائل على ثلاثة أضرب : عادلة ، وهي التي يستوي مالها وفروضها ، وعائلة : وهي التي تزيد فروضها عن مالها ، ومردودة : وهي التي يفضل مالها عن فروضها ، ولا عصبة فيها ، وشرع في شأنها فقال :

التالي السابق


الخدمات العلمية