صفحة جزء
وأقل الحيض يوم وليلة ، وعنه : يوم ، وأكثره خمسة عشر يوما ، وعنه : سبعة عشر ، وغالبه ست أو سبع ، وأقل الطهر بين الحيضتين ثلاثة عشر يوما ، وقيل : خمسة عشر ، ولا حد لأكثره .


( وأقل الحيض يوم وليلة ) هذا هو المشهور ، واختاره عامة المشايخ لقول علي رضي الله عنه . لا ثلاثة أيام ، خلافا لأبي حنيفة ( وعنه : يوم ) اختارها أبو بكر ، لأن الشرع علق على الحيض أحكاما ، ولم يبينه ، فعلم أنه رده إلى العرف ، كالقبض والحرز ، وقد وجد حيض معتاد يوما ، ولم يوجد أقل منه . قال عطاء : رأيت من تحيض يوما ، رواه الدارقطني ، وقال الشافعي : رأيت امرأة فقالت : إنها لم تزل تحيض يوما لا يزيد ، وقال أبو عبد الله الزبيري : كان في [ ص: 270 ] نسائنا من تحيض يوما ، فمن قال به أخذ بظاهر الإطلاق ، يؤيده قول الأوزاعي : عندنا امرأة تحيض بكرة ، وتطهر عشية ، ومن قال باليوم والليلة ، قال : إنه المفهوم من إطلاق اليوم ، ومن ثم قال القاضي : يمكن حمل كلام أحمد : أقله يوم أي : بليلته ، فتكون المسألة رواية واحدة ، وهذه طريقة الخلال ، ولكن الأكثر على خلافها .

( وأكثره خمسة عشر يوما ) في ظاهر المذهب ، قال الخلال : لا اختلاف فيه لقول عطاء : رأيت من تحيض خمسة عشر يوما ، يؤيده ما رواه عبد الرحمن بن أبي حاتم في سننه عن ابن عمر مرفوعا أنه قال : النساء ناقصات عقل ودين قيل : وما نقصان دينهن ؛ قال : تمكث إحداهن شطر عمرها لا تصلي وذكر ابن المنجا أنه رواه البخاري ، وهو خطأ ، قال البيهقي : لم أجده في شيء من كتب الحديث ، وقال ابن منده : لا يثبت بوجه من الوجوه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .

( وعنه : سبعة عشر ) قال ابن المنذر : بلغني أن نساء الماجشون كن يحضن سبع عشرة ، وحكاه ابن مهدي عن غيرهن ، وقيل : عليهما ، وليلة . لا عشرة بلياليها خلافا لأبي حنيفة ، وقال مالك : لا حد لأقله ، فلو رأت دفعة واحدة كان حيضا ، وأكثره خمسة عشر يوما .

[ ص: 271 ] ( وغالبه ست أو سبع ) لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لحمنة بنت جحش لما سألته : تحيضي في علم الله بستة أيام أو سبعة ، ثم اغتسلي ، وصلي أربعا وعشرين ليلة ، أو ثلاثا وعشرين ليلة وأيامها ، فإن ذلك يجزئك ، وكذلك فافعلي في كل شهر كما تحيض النساء ويطهرن لميقات حيضهن وطهرهن رواه أبو داود ، والنسائي ، وأحمد ، والترمذي ، وصححاه ، وحسنه البخاري ( وأقل الطهر بين الحيضتين ثلاثة عشر يوما ) هذا هو المختار في المذهب ، وجزم به في " الوجيز " لما روى أحمد ، واحتج به عن علي : أن امرأة جاءته ، وقد طلقها زوجها ، فزعمت أنها حاضت في شهر ثلاث حيض ، فقال علي لشريح : قل فيها ، فقال شريح : إن جاءت ببينة من بطانة أهلها ممن يرضى دينه وأمانته فشهدت بذلك ، وإلا فهي كاذبة ، فقال علي : " قالون " أي : جيد بالرومية ، وهذا لا يقوله إلا توقيفا ، وهو قول صحابي انتشر ولم يعلم خلافه ، ووجود ثلاث حيض في شهر ، دليل على أن الثلاثة عشر طهر صحيح يقينا ، قال أحمد : لا يختلف أن العدة يصح أن تنقضي في شهر إذا قامت به البينة ، وظاهره أن الطهر في أثناء الحيضة لا توقيت فيه وسيأتي .

( وقيل : خمسة عشر ) هذه رواية عن أحمد حكاها في " المحرر " و " الفروع " وهي قول أكثر العلماء ، لما تقدم من قوله : تمكث إحداكن شطر عمرها لا تصلي ، وذكر أبو بكر أنهما مبنيان على أكثر الحيض ، فإن قيل : خمسة عشر يوما فأقل الطهر مثله ، وإن قيل : سبعة عشر يوما فأقله ثلاثة عشر يوما ، [ ص: 272 ] والمشهور عند الأصحاب لا بناء ، فأكثر الحيض خمسة عشر يوما ، وأقل الطهر ثلاثة عشر يوما ، ثم إنما يلزم ذلك أن لو كان شهر المرأة لا يزيد على ثلاثين يوما ، فإذا زاد تصور أن حيضها سبعة عشر ، وطهرها خمسة عشر ، وأكثر ، وقيل : يزاد على كل عدد ليلة ، وعنه : لا توقيت فيه ، وهو على ما تعرفه من عادتها ، اختاره بعض أصحابنا ، وعنه : إلا في العدة أي : إذا ادعت انقضاءها في شهر كلفت البينة ، وإن كان في أكثر منه صدقت ( ولا حد لأكثره ) أي : الطهر ، لأن التحديد من الشرع ، ولم يرد به ، ولا نعلم له دليلا ، ولأنه قد وجد من لا تحيض أصلا ، لكن غالبه بقية الشهر .

التالي السابق


الخدمات العلمية