صفحة جزء
فصل وإن أسلم المجوس أو تحاكموا إلينا ، ورثوا بجميع قراباتهم فإذا خلف أمه - وهي أخته من أبيه - وعما ، ورثت الثلث بكونها أما ، والنصف بكونها أختا ، والباقي للعم ، فإن كان معها أخت أخرى ، لم ترث بكونها أما إلا الثلث ; لأنها انحجبت بنفسها وبالأخرى ، ولا يرثون بنكاح ذوي المحارم ، ولا بنكاح لا يقرون عليه لو أسلموا .


فصل

( وإن أسلم المجوس أو تحاكموا إلينا ، ورثوا بجميع قراباتهم ) إن أمكن ، نص عليه ، وهو قول عمر وعلي وابن مسعود وابن عباس وزيد في الصحيح عنه ، وجمع من التابعين وغيرهم ، واختاره ابن اللبان ; لأن الله تعالى فرض للأم الثلث ، وللأخت النصف ، فإذا كانت الأم أختا ، وجب إعطاؤها ما فرض الله لها في الآيتين كالشخصين ، ولأنهما قرابتان ترث كل واحد منهما منفردة ، ولا تحجب إحداهما الأخرى إذا كانا في شخصين ، ولا ترجيح فيهما ، فيرث بهما جميعا ، كزوج هو ابن عم ، وابن عم هو أخ لأم ، وعنه : يرث بأقوى القرابتين ، وهي التي لا تسقط بحال ، روي عن زيد ، وقاله الحسن والزهري ; لأنهما قرابتان لا يورث بهما في الإسلام ، فلا يورث بهما في غيره ، كما لو أسقطت إحداهما الأخرى ، وجوابه : أن أبا بكر أنكر هذه الرواية ، وقال : لم يحك حنبل عن أحمد لفظا ومعنى ، وبأن القرابتين في الأصل تسقط إحداهما الأخرى ، إذا كانا في شخصين ، فكذا إذا كانا في شخص واحد ، وقولهم : لا تورث بهما في الإسلام لعدم وجودهما فلو تصور وجودهما ، كزوج هو ابن عم ورث بهما .

تنبيه : اعلم أن المسائل التي يجتمع بها قرابتان ، ويصح الإرث بهما ست : إحداهن [ ص: 237 ] في الذكور ، وهي عم هو أخ لأم ، وخمس في الإناث ، وهي بنت ، هي أخت ، أو بنت ابن ، وأم هي أخت ، وأم أم هي أخت لأب ، وأم أب هي أخت لأم ، ومتى كانت البنت أختا ، والميت رجل ، فهي أخت لأم ، ومتى كان امرأة فهي أخت لأب ، فإن قيل : أم هي أخت لأم ، أو أم ، أو هي أخت لأم ، وأم أب هي أخت لأب ، فهو محال .

( فإذا خلف أمه - وهي أخته من أبيه - وعما ، ورثت الثلث بكونها أما ، والنصف بكونها أختا ) لما تقدم ( والباقي للعم ) لخبر ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر .

( فإن كان معهما أخت أخرى ، لم ترث بكونها أما إلا السدس ) وعلله ( لأنها انحجبت بنفسها وبالأخرى ) لأن الأم ترد من الثلث إلى السدس بالأختين ، ومن ورثها بأقوى القرابتين ، ورثها الثلث بكونها أما ، ولم يحجبها بنفسها ، وقد تحجب هي نفسها ، وهو ما إذا تزوج مجوسي أمه ، فأولدها بنتا ، ثم مات ، فلها السدس ، ولابنته النصف ، ولا يرث أمه بالزوجية ، ولا ابنته بالأخوة للأم ; لأن ولد الأم ، وهو موجود هنا ، فيكون إذا قد حجبت نفسها بنفسها .

مسألة : مجوسي تزوج ابنته ، فأولدها بنتا ، ثم مات عنها ، وعن عم ، فلها الثلثان ، والبقية للعم ، ولا ترث الكبرى بالزوجية في قول الجميع ، فإن ماتت الكبرى بعده ، فالمال للصغرى ; لأنها بنت وأخت ، فإن ماتت قبل الكبرى ، فلها نصف وثلث ، والبقية للعم ، ومن ورث بأقواهما لم يورثها بالأخوة شيئا في المسألتين ، ثم لو تزوج الصغرى ، فولدت بنتا ، وخلف معهن عما ، فلبناته الثلثان ، وما بقي للعم ، ولو ماتت بعده ابنته الكبرى ، فللوسطى النصف ; لأنها بنت ، وما [ ص: 238 ] بقي لها وللصغرى ; لأنهما أختان لأب ، وتصح من أربعة ، فهذه بنت بنت ، ورثت مع بنت فوق السدس ، ولو ماتت بعده الوسطى ، فالكبرى أم وأخت لأب ، والصغرى بنت وأخت لأب ، فللأم السدس ، وللبنت النصف ، وما بقي لهما بالتعصيب ، وإن ماتت الصغرى بعدها فأم أمها أخت لأب ، فلها الثلثان ، وما بقي للعم ، ولو ماتت بعده بنته الصغرى ، فللوسطى بأنها أم السدس ، وحجبت نفسها ، ولهما الثلثان ، بأنهما أختان لأب ، وما بقي للعم ، ولا ترث الكبرى بأنها جدة مع أم ، فهذه جدة حجبت أما ، وورثت معها ، ومن حجب نفسه عمل به .

( ولا يرثون بنكاح ذوات المحارم ) لا نعلم فيه خلافا ( ولا بنكاح لا يقرون عليه ) كمن تزوج مطلقته ثلاثا ( لو أسلموا ) لأنه باطل لا يقر عليه ، والمجوس وغيرهم في هذا سواء ، وظاهره : أنهم إذا اعتقدوا صحته ، وأقروا عليه بعد الإسلام يرثون به ، سواء وجد بشروطه الصحيحة المعتبرة في نكاح المسلمين ، أو لا ، كمن تزوج بلا شهود ونحوه ; لأنه نكاح يقر عليه ، فترتب عليه الإرث كالنكاح الصحيح ، وفي بعض الأنكحة خلاف ، واستحقاق الإرث مبني على الخلاف ، في أنه يقر عليه أم لا ، فالمجوسي إذا تزوج امرأة في عدتها ، فظاهر كلام أحمد : أنهما يتوارثان ; لإقرارهم عليه بعد الإسلام ، وقال القاضي : إن أسلما بعد انقضاء العدة أقرا ، وإلا فلا ، فعليه لو مات أحدهما قبل انقضاء العدة ، لم يتوارثا ، وإن مات بعده توارثا ، ونأول كلام أحمد على من أسلم بعد انقضاء العدة .

التالي السابق


الخدمات العلمية