صفحة جزء
فصل

والمبتدأة تجلس يوما وليلة ، ثم تغتسل وتصلي ، فإن انقطع دمها لأكثر فما دون ، اغتسلت عند انقطاعه وتفعل ذلك ثلاثا ، فإن كان في الثلاث على قدر واحد ، صار عادة ، وانتقلت إليه ، وأعادت ما صامته من الفرض فيه ، وعنه : أنه يصير عادة مرتين ،


فصل

( والمبتدأة ) هي التي رأت دم الحيض ، ولم تكن حاضت في زمن يمكن أن يكون حيضا ، وظاهره لا فرق بين الأسود والأحمر ، وهو الأصح ، وقال ابن حامد ، وابن عقيل : لا تلتفت أول مرة إلا إلى الأسود ، قدمه في " الرعاية " فإن كان صفرة أو كدرة ، فظاهره أنها تجلس ، صرح به في " المغني " و " الشرح " وظاهر كلام الإمام خلافه ( تجلس ) أي : تدع برؤيته - نقله الجماعة - الصلاة ، والصيام ، ونحوهما ، لأن دم الحيض جبلة وعادة ، ودم الاستحاضة لعارض من مرض ، ونحوه ، والأصل عدمه ( يوما وليلة ) نص عليه في رواية ابنيه ، والمروذي ، لأن العبادة ، واجبة في ذمتها بيقين ، وما زاد على أقل الحيض مشكوك فيه فلا نسقطها بالشك ، ولو لم نجلسها الأقل ، لأدى إلى عدم جلوسها أصلا ، وظاهره : أنه إذا كان أقل من يوم وليلة ، لا يلتفت [ ص: 273 ] إليه ، لأنه دم فساد إلا إذا قلنا : أقله يوم ، قال القاضي ، وابن عقيل : إن المبتدأة لا تجلس فوق الأقل بلا خلاف ، وإنما موضع ذلك إذا اتصل الدم ، وحصلت مستحاضة في الشهر الرابع ( ثم تغتسل ) لأنه آخر حيضها حكما ، أشبه آخره حسا ( وتصلي ) لأن المانع منها هو الحيض ، وقد حكم بانقطاعه ، وعدم الغسل ، وقد وجد حقيقة . ولا يحل وطؤها حتى ينقطع أو يجاوز أكثر الحيض ، لأن الظاهر أنه حيض ، وإنما أمرناها بالعبادة احتياطا لبراءة ذمتها ، فتعين ترك وطئها احتياطا ، وعنه : يكره ، وقيل : يباح مع خوف العنت ، فإن انقطع واغتسلت أبيح ، لأنها رأت النقاء الخالص ، وعنه : يكره لاحتمال عوده كالنفساء ، وعنه : إن أمن العنت ، وإن عاد بعد الانقطاع حرم الوطء إلى أكثر الحيض .

( فإن انقطع دمها لأكثر فما دون ) هو بضم النون لقطعه عن الإضافة ( اغتسلت عند انقطاعه ) لاحتمال أن يكون آخر حيضها ، فلا تكون طاهرة بيقين إلا بالغسل ( وتفعل ذلك ) أي : مثل جلوسها يوما وليلة ، وغسلها عند آخرهما ، وعند الانقطاع ( ثلاثا ) لأن العادة لا تثبت إلا بها في المشهور من المذهب ، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : دعي الصلاة أيام أقرائك هي صيغة جمع ، وأقله ثلاث ، ولأن ما اعتبر له التكرار اعتبر فيه الثلاث ، كالأقراء في عدة الحرة والشهور ، وخيار المصراة ، ومهلة المرتد ، فعلى هذا تجلس في الشهر الرابع ، وقال القاضي : في الثالث .

( فإن كان في ) الأشهر ( الثلاث على قدر ) أي : لمقدار ( واحد صار عادة ) [ ص: 274 ] لما ذكرناه ، فلو تكرر مختلفا كخمسة من الأول ، وسبعة في الثاني ، وعشرة في الثالث ، فالمتكرر حيض دون غيره ( وانتقلت إليه ) أي : لزمها جلوسه ( وأعادت ما صامته من الفرض فيه ) لأنا تبينا فعله في زمن الحيض ، وكذا حكم غيره من اعتكاف واجب وطواف ، لكن إن ارتفع حيضها ولم يعد ، أو أيست قبل التكرار لم تقض ( وعنه : أنه ) أي : الدم ( يصير عادة ) بتكرره ( مرتين ) لأن العادة مأخوذة من المعاودة ، وقد عاودها في المرة الثانية فتجلس في الشهر الثالث . وقال القاضي : بل في الثاني ، واختاره الشيخ تقي الدين ، فإن كلام أحمد يقتضيه ، وعلم منه أن العادة لا تثبت بمرة ، قال في " المغني " وغيره : لا يختلف المذهب فيه .

التالي السابق


الخدمات العلمية