صفحة جزء
فصل

وإن جنى على سيده أو أجنبي ، فعليه فداء نفسه مقدما على الكتابة ، وقال أبو بكر : يتحاصان ، وإن عتق ، فعليه فداء نفسه ، وإن عجز ، فلسيده تعجيزه إن كانت الجناية عليه ، وإن كانت على أجنبي ، ففداه سيده ، وإلا فسخت الكتابة وبيع في الجناية ، وإن أعتقه السيد ، فعليه فداؤه ، والواجب في الفداء أقل الأمرين من قيمته أو أرش جنايته ، وقيل : يلزمه فداؤه بأرش الجناية كاملة ، وإن لزمته ديون معاملة تعلقت بذمته يتبع بها بعد العتق .


فصل

( وإن جنى على سيده أو أجنبي فعليه فداء نفسه ) أي : إذا جنى المكاتب جناية موجبة للمال ، تعلق أرشها برقبته ، وقال قوم : جنايته على سيده ، وقال آخرون : يرجع بها سيده ، فعلى الأول ، يبدأ بأداء الجناية ( مقدما على الكتابة ) سواء حل نجم أو لا ، نص عليه ; لأن جنايته تقدم على حق الملك إذا كان قنا ، فعلى حقه في المكاتب أولى ( وقال أبو بكر : يتحاصان ) لأنهما اشتركا في الاستحقاق ، فتساويا ، وكذا إن أقر بجناية ( وإن عتق ، فعليه فداء نفسه ) أي : إذا أدى مبادرا ، وليس محجورا عليه ، عتق ، واستقر الفداء ، ويكون الأرش في ذمته ، فيضمن ما كان عليه قبل العتق ، ويفديه بأقل الأمرين من قيمته أو أرش جنايته ، وإن عتقه السيد ، فعليه فداؤه ; لأنه أتلف محل الاستحقاق ، أشبه ما لو قتله ( وإن عجز ، فلسيده تعجيزه إن كانت الجناية عليه ) لأن الأرش حق له ، فكان له تعجيزه إذا عجز عنه كمال الكتابة ( وإن كانت على أجنبي ، ففداه سيده ) لأنه لو كان عبدا لملك ، فداه ، فكذا هنا ( وإلا ) أي : وإن لم يفده ( فسخت [ ص: 357 ] الكتابة وبيع في الجناية ) قنا ، نقله ابن منصور ; لأن حق المجني عليه مقدم على حق السيد ; لأن أرش الجناية يتعلق بعتق المكاتب بخلاف السيد ، فإن حقه متعلق بالذمة ، ونقل الأثرم : جنايته في رقبته يفديه إن شاء ، قال أبو بكر : وبه أقول ( وإن أعتقه السيد ، فعليه فداؤه ) أي : على السيد فداء الجاني ; لأنه فوت تسليم الرقبة إلى المجني عليه ، فكان عليه فداؤه ، كما لو قتله ( والواجب في الفداء أقل الأمرين من قيمته أو أرش جنايته ) لأن الأقل إن كان القيمة ، فهو لا يستحق إلا الرقبة والقيمة بدل عنها ; لأن حقه في المالية لا العين ، وإن كان الأقل أرش الجناية ، فهو لا يستحق أكثر منها ; لأن الإنسان لا يستحق أكثر مما جني عليه ، وعنه : جنايته على أجنبي ، وعنه : وسيده بالأرش كله ( وقيل : يلزمه فداؤه بأرش الجناية كاملة ) لأنه تعذر تسليمه إلى المجني عليه ، أشبه ما لو جنى عبده غير الجاني ، وامتنع من تسليمه .

مسائل : الأولى : إذا جنى على سيده ، فيما دون النفس عمدا ، فلسيده القصاص ، فإن عفي على مال ، أو كانت موجبة له ، وجب ; لأن المكاتب مع سيده كالأجنبي ، ويفدي نفسه بما ذكرنا ، فإن اختار السيد تأخير الأرش ، وتقديم مال الكتابة جاز ، ويعتق إذا أدى ، خلافا لأبي بكر ، وحكم ورثة السيد مع المكاتب حكم سيده معه ، فإن جنى جنايات استوفيت كلها ، فإن كان بعضها موجبا للقصاص ، فلوليه الاستيفاء ، ويبطل حقوق الآخرين ، فإن عفي إلى مال ، فكجناية المال ، فإن أعتقه السيد ، أو فداه ، لزمه الأقل من قيمته ، أو أرشها مجتمعة على الأشهر ( وإن لزمته ديون معاملة تعلقت بذمته ) لا رقبته ، ومقدمها محجور عليه لعدم تعلقها برقبته ، فلهذا إن لم يكن بيده مال ، فليس لغريمه تعجيزه بخلاف الأرش ، ودين [ ص: 358 ] الكتابة ( يتبع بها بعد العتق ) أي : إذا عجز عنها ; لأن ذلك حال يساره ، وعنه : ويتعلق برقبته ، قال في المحرر : وهو أصح عندي ، فيتساوى الإقدام ، ويملك تعجيزه ، ويشترك رب الدين والأرش بعد موته لفوت الرقبة ، وقيل : يقدم دين المعاملة ، ولغير المحجور تقديم أي دين شاء ، وذكر ابن عقيل وغيره : أنه بعد موته هل يقدم دين الأجنبي على السيد كحالة الحياة ، أم يتحاصان ؛ فيه روايتان ، وهل يتصرف سيده بدين معاملة مع غريم ؛ فيه وجهان .

التالي السابق


الخدمات العلمية