صفحة جزء
النكاح سنة ، والاشتغال به أفضل من التخلي لنوافل العبادة ، إلا أن يخاف على نفسه مواقعة المحظور بتركه فيجب عليه . وعنه : أنه واجب على الإطلاق .


( النكاح سنة ) وهو من له شهوة ولا يخاف الزنا ; لأن فعله راجح على تركه ; لأنه عليه السلام علقه بالاستطاعة ، والواجب لا يعلق عليها ( والاشتغال به أفضل من التخلي لنوافل العبادة ) كصوم وصلاة ، ونحوهما ( إلا أن يخاف على نفسه مواقعة المحظور ) أي : الزنا ( بتركه ، فيجب عليه ) في قول عامة الفقهاء ، ويقدم على حج واجب ، نص عليه ، قال ابن هبيرة : اتفقوا على أن من تاقت نفسه إليه ، وخاف العنت ، فإنه يتأكد في حقه ، ويكون أفضل له من الحج ، والجهاد والصلاة والصوم المتطوع بها ، وزاد أحمد ، فبلغ به إلى الوجوب مع الشرطين ، وهما : أن تتوق نفسه ، ويخاف العنت [ ص: 5 ] رواية واحدة ( وعنه : أنه واجب على الإطلاق ) اختاره أبو بكر ، وأبو حفص لظاهر النصوص ، ومرادهم إذا كان ذا شهوة .

الثالث : من له شهوة ، ولم تتق نفسه إليه ، فيستحب له التزويج ، وهو أفضل من نوافل الطاعات ، قال أحمد : من دعاك إلى غير التزويج ، فقد دعاك إلى غير الإسلام ، وليست العزبة من أمر الإسلام في شيء .

الرابع : من لا شهوة له ، وهو من لم تتق نفسه إليه ، خلقة أو لكبر ونحوه ، فمباح له في الأشهر ; لأنه لا يحصل فيه مصلحة النكاح ، ويلزم نفسه واجبات وحقوقا لعله يعجز عنها . وعنه : يستحب ، قال السامري : اختارها القاضي ; لدخوله في عموم الأخبار ، وقيل : يكره ، وحكي عنه : يلزم ، وهو وجه في " الترغيب " و " المنصوص " ، حتى لفقير ، وجزم في " النظم " : لا يتزوج فقير إلا لضرورة ، وكذا قيدها ابن رزين بالموسر ، ونقل صالح : يقترض ويتزوج . قال الشيخ تقي الدين : فيه نزاع في مذهب أحمد وغيره ، وذكر أبو الفتح بن المني : أن النكاح فرض كفاية ، والاشتغال به أولى كالجهاد ، وكان القياس يقتضي وجوبه على الأعيان ، تركناه للحرج والمشقة ، ومع أنه ليس بعبادة ; لأنه يتلقى من الشارع ، وإنما صح من الكافر لما فيه من عمارة الدنيا ، كعمارة المساجد ، وفي " الواضح " : إذا قلنا بوجوبه ، هل يجب الوطء ؛ فيه وجهان ، والأشهر لا يكتفى بمرة ، وفي المذهب وغيره : بلى لرجل وامرأة ، نقل ابن الحكم : المتبتل الذي لم يتزوج قط ، قال أبو الحسين : وفي الاكتفاء بتسر وجهان ، أصحهما : أنه يجزئ عنه ، ولا يلزم نكاح أمة ، وقال القاضي ، وجمع : يباح ، والصبر عنه أولى . وأوجبه أبو يعلى الصغير ، والمخالف استحبه ; فلهذا جوابه عن الآية : ما لم يقل به صار كالمسكوت عنه .

[ ص: 6 ] فرع : له النكاح بدار حرب ضرورة ، وبدونها وجهان ، وكرهه أحمد ، وقال : لا يتزوج ولا يتسرى ، إلا أن يخاف على نفسه ، وقال : لا يطلب الولد ، ويجب عزله إن حرم نكاحه بلا ضرورة ، وإلا استحب ذكره في " الفصول " .

التالي السابق


الخدمات العلمية