صفحة جزء
ولا يحل لمسلمة نكاح كافر بحال ، ولا لمسلم نكاح كافرة إلا حرائر أهل الكتاب .

فإن كان أحد أبويها غير كتابي ، أو كانت من نساء بني تغلب ، فهل تحل ؛ على روايتين ،


( ولا يحل لمسلمة نكاح كافر بحال ) لا نعلم فيه خلافا ، وظاهره : ولو كان وكيلا ( ولا لمسلم نكاح كافرة ) ; لقوله تعالى ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن [ البقرة : 221 ] وظاهره : ولو كان عبدا ، صرح به في " الفروع " ، ولا نكاح مرتدة وإن تدينت بدين أهل الكتاب ; لأنها لا تقر على دينها ، ولا مجوسية ; لأنه لم يثبت لها كتاب ( إلا حرائر أهل الكتاب ) فإنها تحل بغير خلاف نعلمه ، وسنده قوله تعالى : والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن [ ص: 71 ] [ المائدة : 5 ] ; ولإجماع الصحابة عليه ، لا يقال : ما تقدم يدل على عدم إباحتهن لشركهن ، وقول ابن عباس : آية المائدة متأخرة عنهما ; لأن لفظ المشركين لا يتناول أهل الكتاب ; لقوله تعالى لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين [ البينة : 1 ] ونص على الحرائر ; لأن الإماء يأتي حكمهن ، والأولى تركه ، وكرهه القاضي والشيخ تقي الدين ، كقول أكثرهم كذبائحهم بلا حاجة ، وشمل الحربيات من أهل الكتاب ، وهو أحد الأقوال ، اختاره القاضي ، وهو ظاهر " الوجيز " و " الفروع " ; لدخولهن في الآية الكريمة ، وقيل : لا يجوز ; حملا لآية المنع على ذلك ، وآية الجواز على غير الحربيات ، ونص أحمد أنه لا يجوز في دار الإسلام فقط ، وإن اضطر ، اختاره ابن عقيل ، وقيل : يجوز في دار الحرب مع الضرورة ، نص عليه ، وعلل الإمام المنع في دار الحرب من أجل الولد ; لئلا يستعبد ويصير على دينهم ، ومقتضاه : لا يتزوج ، ونقل الأثرم : لا يطأ زوجته إن كانت مغيبة ، فدل على أنه لا يتزوج آيسة وصغيرة .

تنبيه : أهل الكتاب هم اليهود والنصارى ومن وافقهم في أصل دينهم ، كالسامرة ، والفرنج ، والأرمن ، وأما الصابئة فقال أحمد : هم من جنس النصارى ، وقال في موضع آخر : بلغني أنهم يسبتون ، فألحقهم باليهود وفي " المغني " : الصحيح أن من وافق اليهود في أصل دينهم وخالفهم في فروعه - فهو منهم ، ومن خالفهم في أصل دينهم ، فلا ، ومن سواهم من الكفار كالمتمسك بصحف إبراهيم ، وشيث ، وزبور داود ، فليسوا بأهل كتاب على الصحيح ، ذكره ابن عقيل ، فلا [ ص: 72 ] تحل نساؤهم ولا ذبائحهم ; لقوله تعالى أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين [ الأنعام : 156 ] الآية ، وقيل : هم أهل كتاب ، فتنعكس الأحكام ( فإن كان أحد أبويها غير كتابي ، أو كانت من نساء بني تغلب ، فهل تحل ؛ على روايتين ) وفيه مسألتان ، الأولى : قطع الخرقي ، وأبو بكر ، وابن أبي موسى ، والقاضي ، وجمهور أصحابه ، والمؤلف في " الكافي " - أنه لا يحل لمسلم نكاحها ; لأنها متولدة بين من يحل ومن لا يحل ، كالمتولد بين مأكول وغيره .

والثانية : بلى ; لأنها كتابية ، فتدخل في العموم ، وحكى ابن رزين ثالثة : أنها تحل إذا كان أبوها كتابيا ; لأن الولد ينسب إليه ، قال الشيخ تقي الدين : هذا خطأ ، وكلام أحمد يدل على أن العبرة بالدين ، وأنه لم يعلق الحكم بالنسب البتة ، وكذا ذكره القاضي في " تعليقه " ردا على الشافعية أن تحريم النكاح والذبيحة تتعلق بالدين دون النسب ، والدين المحرم موجود ، فكان الاعتبار به دون النسب ، وظاهره إذا كان كتابيين ، فالتحريم وهو المذهب وقيل عنه : لا ، وجزم به في " المغني " ، واختاره الشيخ تقي الدين اعتبارا بنفسه ( وأما الثانية ) فالصحيح أنها تحل ، روي عن عمر وابن عباس ، قال الأثرم : ما علمت أحدا من الصحابة كرهه إلا عليا ; ولأنها كتابية فتشملها الآية ; ولأن بني تغلب يقرون على دينهم ببذل المال ، فتحل نساؤهم كأهل الكتاب .

والثانية : لا ، روي عن علي ; ولأنه يحتمل أنهم دخلن في دين الكفر بعد التبديل ، وقيل : هما في بقية اليهود والنصارى من العرب ، فإن شك فيه فالأشهر أنهما يحرمان [ ص: 73 ] فرع : لا ينكح مجوسي كتابية ، وقيل : ولا كتابي مجوسية .

التالي السابق


الخدمات العلمية