صفحة جزء
وليس للمسلم وإن كان عبدا نكاح أمة كتابية ، وعنه : يجوز ، ولا يحل لحر مسلم نكاح أمة مسلمة إلا أن يخاف العنت ، ولا يجد طولا لنكاح حرة ولا ثمن أمة ، وإن تزوجها وفيه الشرطان ، ثم أيسر ، أو نكح حرة ، فهل يبطل نكاح الأمة ؛ على روايتين ، وإن تزوج حرة أو أمة ، فلم تعفه ، ولم يجد طولا لحرة أخرى ، فهل له نكاح أمة أخرى ؛ على روايتين .

قال الخرقي : وله أن ينكح من الإماء أربعا إذا كان الشرطان قائمين فيه .


( وليس للمسلم وإن كان عبدا نكاح أمة كتابية ) رواه عن أحمد نحو عشرين نفسا ، قال أبو الخطاب : هو قول عامة أصحابنا ; لقوله تعالى : من فتياتكم المؤمنات [ النساء : 25 ] ; ولأنه اجتمع فيها نقص الرق والكفر ، أشبهت المجوسية ، فإنه اجتمع فيها الكفر وعدم الكتاب ; وحذارا من استرقاق الولد ( وعنه : يجوز ) ; لأنها تحل بملك اليمين ، فتحل بالنكاح كالمسلمة ، فعلى هذا تحل للعبد مطلقا وللحر بشرطه ، وعلى الأول : لا فرق فيها بين أن تلد أولا ، ولا بين أن تكون لمسلم أو كافر ، صرح به القاضي في " تعليقه " ( ولا يحل لحر مسلم نكاح أمة مسلمة ، إلا أن يخاف العنت ، ولا يجد طولا لنكاح حرة ) أي : ليس للحر المسلم أن يتزوج أمة مسلمة إلا بوجود شرطين : عدم الطول ، وخوف العنت ; لقوله تعالى : ومن لم يستطع منكم طولا [ النساء : 25 ] فشرطهما تعالى لنكاح الأمة ، والمعلق على شرط عدم عند عدمه ، وكما إذا كان تحته حرة ، والقيد الأول يحترز به من العبد ، فإن له نكاحها شرط لتساويهما .

والثاني : يحترز به عن الكافر ، وقيد الأمة بكونها مسلمة ; احترازا من الكافرة ، فإنه لا يجوز نكاحها ولا مع الشرطين ، والعنت فسره القاضيان أبو يعلى ، وأبو الحسين ، والشيرازي ، والمؤلف : بالزنا ، وفسره المجد : لحاجة المتعة ، أو الخدمة لكبر أو سقم ، نص عليه ، وجعله ابن حمدان قولا ، والطول ، قال أحمد - تبعا لابن عباس - : السعة ، وعن ابن عباس : لا يجد صداق حرة ، وقاله القاضي في [ ص: 74 ] " المجرد " ، وزاد عليه ابن عقيل : ولا نفقتها ، وزاد المؤلف تبعا لغيره ( ولا ثمن أمة ) ; لأن القادر على ذلك غير خائف العنت ; لأنه قدر على صيانة ولده من الرق ، فهو كالقادر على نكاح مؤمنة ، وإن شرط حرية الولد صار حرا ، ذكره في " الروضة " وفي " إعلام الموقعين " ، وظاهره : أنه إذا لم يجد طولا لحرة مسلمة ووجد طولا لحرة كتابية - أن له نكاح الأمة ، قاله في " الانتصار " ; لظاهر الآية ، وصرح الأكثر بعدم اشتراط الإسلام ، فمن وجد طولا لحرة مطلقا لا يجوز له نكاح الأمة ; لأنه إذن يأمن العنت ، فيفوت الشرط ، وتوقف أحمد في رواية حرب ، وقد دخل في كلامه المجبوب ونحوه ، له نكاح الأمة بشرطه ، وأن له نكاح الأمة الولود ، وإن وجد آيسة ، صرح به القاضي وأبو الخطاب في خلافيهما وعدم جواز نكاحها مع فقد شرطه ، وإن كانت لا تلد لصغر أو رتق ونحوهما ، واقتضى كلامه أنه إذا لم يجد ما يتزوج به حرة لم يلزمه الاقتراض مع القدرة عليه ، ولا التزوج بصداق في الذمة وإن كان مؤجلا ; دفعا للضرر عنه ، ولو وهب له الصداق لم يلزمه قبوله ، نعم ، لو رضيت بدون مهر مثلها وهو قادر على ذلك فاحتمالان للقاضي في " تعليقه " فلو وجد حرة بزيادة على مهر مثلها لا تجحف بماله لزمه للاستطاعة ، قاله المؤلف ، ولا يرد اليتيم على وجه ; لأنه رخصة عامة ، ونكاح الأمة للضرورة وفي " الترغيب " : ما لم يعد سرفا ، وحرة لا توطأ لصغر أو غيبة كعدم ، في المنصوص ، وكذا مريضة ، وفي " الترغيب " وفيه وجهان ، وفيه من نصفها حر أولى من أمة ; لأن إرقاق بعض الولد أولى من جميعه .

فرع : يقبل قوله في خشية العنت وعدم الطول حتى لو كان بيده قال : [ ص: 75 ] فادعى أنه وديعة أو مضاربة قبل قوله ; لأنه حكم فيما بينه وبين الله تعالى .

( وإن تزوج حرة أو أمة ، فلم تعفه ، ولم يجد طولا لحرة أخرى فهل له نكاح أمة أخرى ؛ على روايتين ) إحداهما : ليس له ذلك ، قال أحمد : يذهب إلى حديث ابن عباس ، لا تتزوج من الإماء إلا واحدة ; ولأن تحته زوجة ، والثانية : بلى ، وهي المذهب ; لأنه خائف العنت ، عادم لطول حرة ، أشبه من لا زوجة تحته ، ثم أكده بقوله ( قال الخرقي : له أن ينكح من الإماء أربعا إذا كان الشرطان قائمين فيه ) ; لأن المعنى الذي أبيح من أجله نكاح الأمة - الشرطان ، فإذا وجدا وجب العمل بهما ، وقد يقال : له نكاح الأربع دفعة واحدة [ ص: 76 ] إذا علم أنها لا تعفه ، صرح به القاضي في " المجرد " ، وحكى الأول عن أبي بكر ، وحمله في " الجامع الكبير " على ما إذا خشي العنت ، وفسره هنا بما إذا كان تحته أمة غائبة أو مريضة أو نحوهما .

( وإن تزوجها وفيه الشرطان ، ثم أيس أو نكح حرة ، فهل يبطل نكاح الأمة ؛ على روايتين ) إذا أيسر بعد نكاحها لم يبطل نكاح الأمة على المذهب المجزوم به عند الأصحاب ; لأن عدم استطاعة الطول شرط نكاح الأمة ، فلم تعتبر استدامته كخوف العنت ، والثانية : بلى ؛ لأنه إنما أبيح للحاجة ، فإذا زالت لم يجز له استدامته كأكل الميتة ، وفرق بينهما في " المغني " من حيث إن أكل الميتة بعد القدرة ابتداء للأكل ، بخلاف عادم الطول مبتدئ ، وإنما هو مستديم ، وفي تزوج الحرة ينبني على انفساخه باليسار وعدمه ، وجعلهما في " الترغيب " في زوال خوف العنت ، وفي " المنتخب " : يكون طلاقا لا فسخا ، ونقلهابن منصور إذا تزوج حرة على أمة يكون طلاقا للأمة ; لقول ابن عباس ، قال أبو بكر : مسألة إسحاق مفردة .

التالي السابق


الخدمات العلمية