صفحة جزء
والثاني : نكاح المحلل ، وهو أن يتزوجها على أنه إذا أحلها طلقها ، فإن نوى ذلك بغير شرط ، لم يصح في ظاهر المذهب ، وقيل : يكره ويصح .


( والثاني : نكاح المحلل ) وهو حرام باطل في قول عامة العلماء ( وهو أن يتزوجها على أنه إذا أحلها ) للأول ( طلقها ) أو فلا نكاح بينهما ، أو زوجتكها إلى أن تطأها ، لما روى ابن مسعود قال : لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المحلل والمحلل له رواه أحمد ، والنسائي ، والترمذي وصححه ، وعن علي مثله ، رواه الخمسة إلا النسائي ، وعن أبي هريرة كذلك ، رواه أحمد ، وعن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ألا أخبركم بالتيس المستعار ؛ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : هو المحلل ، لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المحلل والمحلل له رواه ابن ماجه ، وهو عليه السلام لا يلعن على فعل جائز ، فدل ذلك على تحريمه وفساده ، وتسميته محللا لقصده الحل في موضع لا يحصل فيه الحل ، كقوله عليه السلام : ما آمن بالقرآن من استحل محارمه وعن جابر ، قال : سمعت عمر يخطب وهو يقول : والله إني لا أوتى بمحلل ولا محلل له إلا رجمتهما ، رواه الأثرم ، وهو قول الفقهاء من التابعين ; ولأنه نكاح إلى مدة ، وفيه شرط يمنع بقاءه ، أشبه نكاح المتعة ، وخرج القاضي وأبو الخطاب رواية ببطلان الشرط ، وصحة العقد من مسألة اشتراط الخيار ، وكذلك ابن عقيل ، لكنه خرجها من الشروط الفاسدة ( فإن نوى ذلك بغير شرط لم يصح في ظاهر المذهب ) وعليه الأصحاب ; لعموم ما تقدم ، يؤيده ما روى ابن شاهين في غرائب [ ص: 86 ] السنن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن نكاح المحلل ، فقال : لا نكاح إلا نكاح رغبة ، لا نكاح دلسة وظاهره شامل إذا اشترطا التحليل حال العقد أو قبله ، ولم يرجع عنه ; لأن الشرط السابق كالمقارن ، إلا أن هنا النية كافية في المنع ، فغايته أنها أكدت بالشرط السابق ، نعم ، لو شرط في العقد ثم نوى فيه نكاحا ، فالمؤلف يصححه ، والشيخ تقي الدين يقول : إن الشرط السابق كالمقارن ، فالشرط لا يلزم معه العقد ( وقيل : يكره ويصح ) قطع به ابن البنا ، وحكاه عن أحمد ، أما الكراهة ; فلأنه مختلف في صحته ، وأما صحته ; فلأنه عقد خلا عن شرط يفسده ، أشبه ما لو طلقها بغير الإحلال ، ونقل حرب ، عن أحمد إذا تزوج امرأة وفي نفسه طلاقها - فكرهه ، فأخذ من ذلك الشريف وأبو الخطاب رواية بالصحة مع الكراهة ، وهو مقتضى كلام شيخنا ، ومنع من ذلك الشيخ تقي الدين ، إذ رواية حرب فيمن نوى الطلاق ، وذلك إنما يكون فيمن له رغبة في النكاح ، والمحلل لا رغبة له فيه أصلا ، ومن هنا قال القاضي وأصحابه : إذا نوى التطليق في وقت بعينه فهو كنية التحليل ، ونص أحمد يشهد لهم .

أصل : لو زوج عبده بمطلقته ثلاثا ، ثم وهبها العبد أو بعضه لينفسخ نكاحها ، لم يصح النكاح ، نص عليه ، وهو كمحلل ، ولو دفعت مالا هبة لمن تثق به ليشتري مملوكا ، فاشتراه وزوجه بها ثم وهبه لها - انفسخ النكاح ، ولم يكن هناك تحليل مشروط ولا منوي ممن تؤثر نيته وشرطه - وهو الزوج - ولا أثر لنية الزوجة والولي ، قاله في " إعلام الموقعين " وقال : صرح أصحابنا بأن ذلك يحلها ، وفي " المحرر " و " الفروع " : ومن لا فرقة بيده لا أثر لنيته .

التالي السابق


الخدمات العلمية