صفحة جزء
وفيما إذا وجد أحدهما بصاحبه عيبا به مثله ، أو حدث به العيب بعد العقد هل يثبت الخيار ؛ على وجهين ، فإن علم بالعيب وقت العقد ، أو قال : قد رضيت به معيبا ، أو وجد منه دلالة على الرضى من وطء ، أو تمكين مع العلم بالعيب ، فلا خيار له ،


( وفيما إذا وجد أحدهما بصاحبه عيبا به مثله ) لا خيار ; لأنه لا مزية لأحدهما على صاحبه ، والثاني - وهو الأصح - : ثبوته ; لوجود سببه ، أشبه العبد المغرور بأمة ; لأن الإنسان قد يأنف من عيب غيره ، ولا يأنف من عيب نفسه ، وعلم منه أنه إذا اختلف العيب فيهما أنه يثبت الخيار ، إلا أن يجد المجبوب المرأة رتقاء ، فلا ينبغي أن يثبت لهما الخيار ; لامتناع الاستمتاع بعيب نفسه ، واختار في " الفصول " إن لم يطأ لبظر بها فرتقاء ( أو حدث به العيب بعد العقد هل يثبت الخيار ؛ على وجهين ) أحدهما واختاره القاضي ، وجزم به في " الوجيز " ، وصححه في الشرح : يثبت الخيار ; لأنه عيب أثبت الخيار مقارنا ، فأثبته طارئا كالإعسار والرق ، والثاني : لا ، وهو قول أبي بكر وابن حامد ; لأنه عيب حدث بالمعقود عليه بعد لزوم العقد ، أشبه الحادث [ ص: 109 ] بالمبيع ، والأول أشبه ; لأنه ينتقض بالعيب الحادث في الإجارة .

تنبيه : علم مما سبق أنه لا فسخ بغير ذلك ، كعور ، وعمى ، وقطع يد ، بخلاف البيع ، وفي " الروضة " : هل يحط من مهر المثل بقدر النقص ؛ فيه نظر ، وقيل لشيخنا : لم فرق بين هذه العيوب وغيرها ؛ قيل : قد علم أن عيوب الفرج المانعة من الوطء بها في العادة ، فإن المقصود من النكاح الوطء بخلاف اللون والطول والقصر ، وأن الحرة لا تقلب كما تقلب الأمة ، والزوج قد رضي رضى مطلقا وهو لم يشترط صفة ، فبانت بدونها ، والصواب أن له الفسخ ، وذكر صاحب " الهدي " في قطع يد أو رجل أو خرس أو طرش وكذا كل عيب لا يحصل به مقصود النكاح ، فوجب الخيار ، وأنه أولى من البيع ، واختار بعض الشافعية رد المرأة بما ترد به الأمة في البيع ، حكاه أبو عاصم العباداني ، وقال أبو البقاء : الشيخوخة في أحدهما عيب ، ولو بان عقيما فلا خيار ، نص عليه ، ونقل ابن منصور أعجب إلي أن يبين لها .

( فإن علم بالعيب وقت العقد أو قال : قد رضيت به معيبا ) فلا خيار له بغير خلاف نعلمه ; لأنه قد رضي به ، أشبه مشتري المبيع ، وإن ظنه يسيرا فبان كثيرا فلا خيار له ، بخلاف ما إذا رضي بعيب فبان غيره ; لأنه وجد به عيبا لم يرض به ولا يحسبه ، وإن رضي بعيب فزاد بعد العقد فلا خيار له ; لأن رضاه به رضى بما يحدث منه ( أو وجد منه دلالة على الرضى من وطء ، أو تمكين مع العلم بالعيب ، فلا خيار له ) ; لأنه عيب يثبت الخيار ، فبطل بما ذكر كالعيب في المبيع ، وعلم منه أن خيار العيب والشرط على التراخي ، لا يسقط إلا بما يدل على [ ص: 110 ] الرضى من قول أو فعل ، إلا في العنة ، فإنه لا يسقط بغير القول ، وصرح به الأصحاب .

التالي السابق


الخدمات العلمية