صفحة جزء
ولا يجوز الفسخ إلا بحكم الحاكم ، فإن فسخ قبل الدخول فلا مهر ، وإن فسخ بعده فلها المهر المسمى ، وقيل : عنه مهر المثل ، ويرجع به على من غره من المرأة والولي ، وعنه : لا يرجع .


( ولا يجوز الفسخ إلا بحكم الحاكم ) ; لأنه مجتهد فيه كالفسخ بالإعسار والعنة ، بخلاف خيار المعتقة تحت عبد ، فإنه متفق عليه ، فعليه بفسخه هو أو برده إلى من له الخيار ، وفي " الوجيز " : يتولاه هو ، وإن فسخ مع عنيته ، أو فرق بين متلاعنين بعد عنيتهما - ففيه خلاف في " الانتصار " ، وفي " الترغيب " : لا يطلق على عنينين كولي في أصح الروايتين ، ولا تحرم أبدا ، وعنه : كلعان ، وقال الشيخ تقي الدين : ليس هو الفاسخ ، وإنما يأذن ، ويحكم به ، فمتى أذن أو حكم لأحد باستحقاق عقد أو فسخ ، فهو فعله .

فرع : إذا زال العيب فلا فسخ ، وكذا إن علم حالة العقد ، ومنعه في " المغني " في عنين ذكره في المصراة ، قال في " الفروع " : ويتوجه في غيره مثله ( فإن فسخ قبل الدخول فلا مهر ) سواء كان الفاسخ الزوج أو الزوجة ; لأن الفسخ إن كان منها ، فالفرقة من جهتها يسقط مهرها كرضاع زوجة له أخرى ، وإن كان منه ، فإنما فسخ لعيب بها دلسه بالإخفاء ، فصار الفسخ كأنه منها ، لا يقال : هلا جعل فسخها لعيبه كأنه منه لحصوله بتدليسه ; لأن العوض من الزوج في مقابلة منافعهما ، فإذا اختارت الفسخ مع سلامة ما عقد عليه - رجع العوض إلى العاقد منهما ، وليس من جهتها عوض في مقابلة منافع الزوج ، وإنما ثبت لها الخيار ; لأجل ضرر يلحقها ، لا لأجل تعذر ما استحقت عليه في مقابلته عوضا ، فافترقا ( وإن فسخ بعده فلها المهر المسمى ) على المذهب ; لأنه نكاح صحيح وجد بأركانه [ ص: 111 ] وشروطه ، فترتب عليه أحكام الصحة ; ولأن المهر يجب بالعقد ، ويستقر بالخلوة فلا يسقط بحادث بعده بدليل أنه لا يسقط بردتها ; وفيه مسمى صحيح ، فوجب كغير المعيبة والمعتقة تحت عبد ، وكما لو طرأ العيب ( وقيل : عنه مهر المثل ) ; لأن الفسخ استند إلى العقد ، فصار كالعقد الفاسد ، وقيل : عنه مهر المثل في فسخ الزوج لشرط أو عيب قديم ، وقيل فيه ينسب قدر نقص مهر المثل لأجل ذلك إلى مهر المثل كاملا ، فيسقط من المسمى بنسبته فسخ أو أمضى ، وقاسه في الخلاف على المبيع المعيب ، وفي مختصر ابن رزين مسمى بلاحق ومثل بسابق .

فرع : الخلوة هنا كالوطء في تقرير المهر ونحوه .

( ويرجع به على من غره من المرأة والولي ) أو الوكيل ، رواه مالك عن عمر ، وكما لو غر بحرية أمة ، قال المؤلف : والصحيح أن المذهب - رواية واحدة - أنه يرجع ، قال أحمد : كنت أذهب إلى قول علي ، فهبته ، فملت إلى قول عمر ( وعنه : لا يرجع ) وهي قول أكثر العلماء ; لأنه ضمن ما استوفى بدله وهو الوطء ، فلا يرجع به على غيره ، كما لو كان المبيع معيبا فأكله ، فعلى الأول إن كان الولي علم ، غرم ، وإن لم يعلم رجع عليها بالصداق ، ويقبل قول الولي مع يمينه في عدم علمه بالعيب إلا أن تقوم عليه بينة بإقراره ، وقال القاضي : إن كان أبا أو جدا أو ممن يجوز أن يراها فالتقرير في جهته علم أو لا ، ومثله الرجوع على الغار ولو زوج امرأة ، فأدخلوا عليه غيرها ، ويلحقه الولد ، وتجهز زوجته بالمهر الأول ، نص عليه .

فرع : إذا طلقها قبل الدخول ، ثم علم أنه كان بها عيب ، فعليه نصف [ ص: 112 ] الصداق ، وإن مات أو ماتت قبل العلم بالعيب فلها الصداق ، ولا يرجع فيهما ، وإذا بانت بالفسخ فلا سكنى لها ولا نفقة إن كانت حائلا ، كالبائن بالثلاث ، وإن كانت حاملا فلها النفقة للحمل ، والحمل لاحق به ، وقيل : لا ; لأنها بائن ، وفي السكنى روايتان .

التالي السابق


الخدمات العلمية