صفحة جزء
فصل

وإن أسلم كافر ، وتحته أكثر من أربع نسوة ، فأسلمن معه ، اختار منهن أربعا ، وفارق سائرهن ، فإن لم يختر ، أجبر عليه ، وعليه نفقتهن إلى أن يختار ، فإن طلق إحداهن أو وطئها كان اختيارا لها ، وإن طلق الجميع ثلاثا ، أقرع بينهن ، فأخرج بالقرعة أربعا منهن ، وله نكاح البواقي ، وإن ظاهر أو آلى من إحداهن ، فهل يكون اختيارا لها ؛ على وجهين ، وإن مات فعلى الجميع عدة الوفاة ، ويحتمل أن يلزمهن أطول الأمرين من ذلك ، أو ثلاثة قروء ، والميراث لأربع منهن بالقرعة ، وإن أسلم وتحته أختان ، اختار منهما واحدة ، وإن كانتا أما وبنتا ، فسد نكاح الأم ، وإن كان دخل بالأم ، فسد نكاحهما .


فصل

( وإن أسلم كافر وتحته أكثر من أربع نسوة ، فأسلمن معه ) وكن كتابيات ( اختار منهن ) ولو كان محرما بحج أو عمرة ، خلافا للقاضي ( أربعا ) ولو من شاب إن كان مكلفا وإلا وقف الأمر حتى يكلف ( وفارق سائرهن ) ; لقوله عليه السلام لغيلان بن سلمة - وقد أسلم على عشر نسوة فأسلمن معه - فأمره أن يختار [ ص: 124 ] منهن أربعا رواه الترمذي وابن ماجه ، وفي لفظ اختر منهن أربعا وفارق سائرهن روى أبو داود وابن ماجه عن قيس بن الحارث معناه ، وهو من رواية محمد بن أبي ليلى ، عن حميضة بن الشمردل ، وقد ضعفا ، وسواء تزوجهن في عقد واحد أو عقود ، اختار الأوائل أو الأواخر ، ولفظ الاختيار نحو : اخترت هؤلاء أو أمسكتهن ، أو اخترت حبسهن أو نكاحهن ، أو أمسكت هؤلاء ، أو تركت هؤلاء ، فإن أسقط " اخترت " ، فظاهر كلام بعضهم : يلزمه فراق بقيتهن ، والمهر لمن انفسخ نكاحها بالاختيار ، ولا مدخل للقرعة هنا ; لأنها قد تقع على من لا يحبها ، فيفضي إلى تنفيره ، ولا يصح تعليقها بشرط ، وعدة المتروكات منذ اختار ; لأن البينونة الحقيقية حصلت به ، وقيل : منذ أسلم ; لأن البينونة الحقيقية حصلت بالإسلام ، وإنما الاختيار بين محلها ، فإن أسلم البعض وليس الباقي كتابيات - ملك إمساكا وفسخا في مسلمة فقط ، وله تعجيل إمساك مطلقا ، وتأخيره حتى تنقضي عدة البقية أو يسلمن ( فإن لم يختر أجبر عليه ) ; لأنه حق عليه ، يمكنه فعله وهو يمتنع منه ، فأجبر عليه كإيفاء الدين ، وظاهره أنه يجبر عليه بحبس ، ثم تعزير ، وليس للحاكم أن يختار عنه كما يطلق على المولى ; لأن الحق هنا لغير معين ( وعليه نفقتهن إلى أن يختار ) ; لأنهن محبوسات عليه ، وهن في حكم الزوجات ( فإن طلق إحداهن ) فقد اختارها في الأصح ; لأن الطلاق لا يكون إلا في زوجة ، فإن قال : فارقت ، أو اخترت هؤلاء ، فإن لم ينو به الطلاق كان اختيارا لغيرهن للخبر ; لأنه يدل على أن لفظ الفراق صريح فيه ، وقيل : اختيار للمفارقات عند الإطلاق ، والأول أولى ، واختار في " الترغيب " أن لفظ الفراق هنا ليس طلاقا ولا اختيارا للخبر [ ص: 125 ] فإن نوى به طلاقا كان طلاقا واختيارا ( أو وطئها كان اختيارا لها ) في قياس المذهب ; لأنه لا يجوز إلا في ملك كوطء الجارية المبيعة بشرط الخيار ، وفي " الواضح " وجه كرجعة بناء على أن الوطء في حق المطلقة الرجعية لا يوجب الرجعة ( وإن طلق الجميع ثلاثا ، أقرع بينهن ، فأخرج بالقرعة أربعا منهن ) ; لأن ذلك فائدة الإقراع ( وله نكاح البواقي ) ; لأنهن لم يطلقن منه ، وشرطه أن تنقضي عدة المطلقات ، ذكره في " المغني " و " الشرح " ، لئلا يكون جامعا بين أكثر من أربع ، وقيل : لا قرعة ، ويحرمن إلا بعد زوج ، وإن وطئ الكل تعين الأول .

فرع : أسلم ثم طلق الجميع ، ثم أسلمن في العدة ، اختار منهن أربعا ، فإذا اختار تبينا أن طلاقه وقع بهن ; لأنهن زوجات ، ويعتددن من حين طلاقه ، وبان البواقي باختياره لغيرهن ، ولا يقع بهن طلاقه ، وله نكاح أربع منهن إذا انقضت عدة المطلقات ، والفرق بينها وبين التي قبلها أن طلاقهن قبل إسلامهن في زمن ليس له الاختيار فيه ، فإذا أسلمن تجدد له الاختيار حينئذ .

( وإن ظاهر أو آلى من إحداهن ، فهل يكون اختيارا لها ؛ على وجهين ) كذا أطلقهما في " المحرر " و " الفروع " ، أحدهما : لا يكون اختيارا ، جزم به في " الكافي " و " الوجيز " ; لأنه يصح في غير زوجته .

والثاني : بلى ; لأن حكمه لا يثبت في غير زوجه ، فإن قذفها لم يكن اختيارا ( وإن مات ) ولم يختر ( فعلى الجميع عدة الوفاة ) قدمه في " المحرر " ، وجزم به في " الوجيز " ; لأن الزوجات لم يتعين منهن ( ويحتمل أن يلزمهن أطول [ ص: 126 ] الأمرين من ذلك أو ثلاثة قروء ) وقاله القاضي في " المجرد " ، وإن كانت حاملا فعدتها بوضعه ; لأن ذلك تنقضي به العدة بكل حال ، وإن كانت آيسة أو صغيرة فعدتها عدة الوفاة ; لأنها أطول العدتين في حقها ، وإن كانت من ذوات الأقراء اعتدت أطول الأجلين من ثلاثة أقراء ، أو أربعة أشهر وعشرا ; لأن كل واحدة منهن يحتمل أن تكون مختارة وعدتها عدة الوفاة ، أو مفارقة ، وعدتها ثلاثة قروء ، فأوجبنا أطولهما لتقضى به العدة بيقين ، كما لو نسي صلاة من خمس ، ذكره في " المغني " و " الكافي " ، وقال في الشرح عن القول الأول : لا يصح ، وحكاهما في " الفروع " قولين من غير ترجيح ( والميراث لأربع منهن بالقرعة ) في قياس المذهب ; لأن الميراث بالزوجية ولا زوجية فيما زاد على الأربع ، فإن اخترن الصلح جاز كيفما اصطلحن .

فرع : إذا أسلمن معه ثم متن قبل اختياره ، فله أن يختار منهن ، ويكون له ميراثهن ، ولا يرث الباقيات ، وإن مات بعضهن فله الاختيار من الأحياء والأموات ، ولو أسلم بعضهن فمتن ثم أسلم البواقي فله الاختيار من الجميع ، وإن لم يسلم البواقي لزم النكاح في الميتات ، وإن وطئ الجميع قبل إسلامهن ، ثم أسلمن ، فاختار أربعا فليس لهن إلا المسمى ، ولسائرهن المسمى بالعقد الأول ، ومهر المثل للوطء الثاني ، وإن وطئهن بعد إسلامهن فالموطوءات أولا المختارات ، والباقي أجنبيات ، والحكم في المهر على ما تقدم .

( وإن أسلم وتحته أختان ، اختار منهما واحدة ) ; لما روى الضحاك بن فيروز ، عن أبيه قال : أسلمت وعندي امرأتان أختان ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : اختر أيتهما شئت رواه الترمذي ، وفي رواية أحمد ، وأبي داود ، قال : فأمرني النبي - صلى الله عليه وسلم - أن أطلق إحداهما ; ولأن أنكحة الكفار صحيحة ، وإنما حرم الجمع في الإسلام [ ص: 127 ] ما لو طلق إحداهما قبل إسلامه ، ثم أسلم والأخرى في حباله ، وكذا الحكم في المرأة وعمتها أو خالتها ; لأن المعنى في الجميع واحد ، وإن أسلمت إحداهما معه قبل المسيس ، تعينت ، وقيل : إن لم تكن الأخرى كتابية ( وإن كانتا أما وبنتا فسد نكاح الأم ) وحرمت على الأبد ; لما روى عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : أيما رجل نكح امرأة ، دخل بها أو لم يدخل ، فلا تحل له أمها رواه ابن ماجه ; ولأنها من أمهات نسائه ، فيدخل في عموم قوله تعالى : وأمهات نسائكم [ النساء : 23 ] ; ولأنها أم زوجته فتحرم عليه كما لو طلق ابنتها في حال شركه ( وإن كان دخل بالأم فسد نكاحهما ) وحرمتا على الأبد ، حكاه ابن المنذر إجماعا ، والمهر للأم ، قاله في " الترغيب " وغيره .

التالي السابق


الخدمات العلمية