صفحة جزء
فصل

وإذا اختلف الزوجان في قدر الصداق ، فالقول قول الزوج مع يمينه ، وعنه : القول قول من يدعي مهر المثل منهما ، فإن ادعى أقل منه وادعت أكثر منه ، رد إليه بلا يمين عند القاضي في الأحوال كلها ، وعند أبي الخطاب : يجب اليمين ، وإن قال : تزوجتك على هذا العبد ، قالت : بل على هذه الأمة ، خرج على الروايتين ، فإن اختلفا في قبض المهر ، فالقول قولها ، وإن اختلفا فيما يستقر به المهر فالقول قوله ، وإن تزوجها على صداقين - سرا وعلانية - أخذ بالعلانية ، وإن كان قد انعقد بالسر ، ذكره الخرقي ، وقال القاضي : إن تصادقا على السر لم يكن لها غيره ، وإن قال : هو عقد واحد ، أسررته ثم أظهرته ، وقالت : بل هو عقدان - فالقول قولها مع يمينها .


فصل

( وإذا اختلف الزوجان ) أو ورثتهما ( في قدر الصداق ) ولا نية على مبلغه ( فالقول قول الزوج ) قدمه في " المحرر " و " الفروع " ; لأنه منكر للزيادة ( مع [ ص: 163 ] يمينه ) ; لأنه مدعى عليه ، فيدخل في قوله عليه السلام ولكن اليمين على المدعى عليه ( وعنه : القول قول من يدعي مهر المثل منهما ) نصره القاضي وأصحابه ، وجزم به في " الوجيز " ; لأن الظاهر صدق من يدعيه ، فيقدم قوله ، أشبه المنكر في سائر الدعاوى ، فلو ادعت المرأة مهر المثل أو أقل منه ، قبل قولها ، وإن ادعى الزوج مهر المثل أو أكثر منه ، قبل قوله ; لأن الظاهر صدق المدعي ، ولا فرق بين أن يكون هذا الاختلاف قبل الدخول أو بعده ، قبل الطلاق أو بعده ، وعنه ثالثة : يتحالفان ، ذكرها في " المبهج " ، فإن حلف أحدهما ونكل الآخر ثبت ما قاله الآخر ، وإن حلفا وجب مهر المثل ، والأصح : لا تحالف; لأنه عقد لا ينفسخ بالتحالف ، فلم يشرع فيه ، كالعفو عن دم العمد ( فإن ادعى أقل منه وادعت أكثر منه رد إليه ) أي : إلى مهر المثل; لأن ذلك فائدة قبول قول من يدعيه ( بلا يمين عند القاضي ) ; لأنها دعوى في نكاح أشبهت الدعوى في أصل النكاح ( في الأحوال كلها ) سواء وافق قول الزوج أو قولها ( وعند أبي الخطاب : يجب اليمين ) ; لأنه اختلاف فيما يجوز بدله ، فوجب أن تجب فيه اليمين كسائر الدعاوي في الأموال ، وفي " المغني " : إذا ادعى أقل من مهر المثل وادعت أكثر منه - رد إلى مهر المثل ، ولم يذكر أصحابنا يمينا ، والأولى أن يتحالفا ، فإن ما يقوله كل واحد منهما محتمل للصحة ، فلا يعدل عنه إلا بيمين كالمنكر في سائر الدعاوي; ولأنهما متساويان في عدم الظهور ، فشرع التحالف كاختلاف المتبايعين ، وفيه نظر; لأنه نفى أن يكون الأصحاب ذكروا يمينا ، والحال أنه ذكره عن القاضي نفيا وعن أبي الخطاب إثباتا ، وقوله : " فشرع [ ص: 164 ] التحالف " يقتضي أنه ليس بواجب ، وليس كذلك ، فيقول هو : ما أصدقتها كذا ، وإنما أصدقتها كذا ، أو تقول هي : ما أصدقني كذا ، وإنما أصدقني كذا ، كاختلاف المتبايعين ( وإن قال : تزوجتك على هذا العبد ، قالت : بل على هذه الأمة خرج على الروايتين ) ، أي : إذا اختلفا في عينه أو صفته ، فإن كان قيمة العبد مهر المثل أو أكثر منه ، وقيمة الأمة دون ذلك - حلف الزوج ، ولها قيمة العبد ، وإن كان قيمة الأمة مهر المثل أو أقل ، وقيمة العبد دون ذلك ، فالقول قولها مع يمينها ، وهل تجب الأمة أو قيمتها ؛ فيه وجهان ، أحدهما : تجب عين الأمة; لأنه يقبل قولها في القدر ، فكذا في العين ، والثاني : تجب لها قيمتها; لأن قولها إنما وافق الظاهر في القدر لا في العين ، وفي فتاوى المؤلف : إن عينت أمها وعين أباها ، فينبغي أن يعتق أبوها; لأنه مقر بملكها له ، وإعتاقه عليها ، ثم يتحالفان ، ولها الأقل من قيمة أمها أو مهر مثلها ، وفي " الواضح " : يتحالفان كبيع ، ولها الأقل مما ادعته أو مهر مثلها ، وفي " الترغيب " : يقبل قول مدع جنس مهر المثل في أشهر الروايتين ، والثانية : قيمة ما يدعيه هو .

فرع : اختلف الزوج وأبو الصغيرة أو المجنونة قام الأب مقامها في اليمين; لأنه يحلف على فعل نفسه كالوكيل ، ذكره في " الكافي " و " الشرح " ، وفي الواضح توقف اليمين إلى حين بلوغها ، ويجب على الزوج دفع ما أقر به ، وعلى الأول إن لم يحلف حتى بلغت الصغيرة وعقلت المجنونة ، فاليمين عليها; لأنه إنما حلف لتعذر اليمين منهما ، فإذا أمكن ، لزمهما كالوصي إذا بلغ الطفل ، فأما أبو البكر البالغة العاقلة فلا تسمع مخالفة الأب; لأن قولها مقبول ، والحق لها ، وأما سائر الأولياء فليس لهن أن يزوجوا بدون مهر المثل ، فإن فعلوا ثبت لها [ ص: 165 ] مهر المثل بغير يمين ، فإن ادعى أنه زوجها بأكثر من مهر مثلها ، فاليمين على الزوج; لأن قوله مقبول في قدر مهر المثل .

( فإن اختلفا في قبض المهر ، فالقول قولها ) مع يمينها; لأن الأصل عدمه ، وذكر ابن الزاغوني رواية أنه يقبل قول الزوج مع يمينه بناء على : " كان له علي وقضيته " ( وإن اختلفا فيما يستقر به المهر ) من المسيس والخلوة ( فالقول قوله ) ; لأنه منكر ، والأصل عدمه ( وإن تزوجها على صداقين - سرا وعلانية - أخذ بالعلانية ، وإن كان قد انعقد بالسر ، ذكره الخرقي ) ونص عليه أحمد; لأن الزوج وجد منه بذل الزائد على مهر السر ، فلزمه كما لو زادها في صداقها ، ومقتضى ذلك أنه يؤخذ بأزيدهما ، وقدمه في الفروع ( وقال القاضي : إن تصادقا على السر لم يكن لها غيره ) أي : الواجب المهر الذي انعقد به النكاح - سرا كان أو علانية - لأنه هو الذي ثبت به النكاح والعلانية ليس بعقد حقيقة ، وإنما هو عقد صورة ، والزيادة فيه غير مقصودة ، وحمل كلام أحمد والخرقي على أن المرأة لم تقر بنكاح السر ، وإذا القول قولها; لأن الأصل عدم نكاح السر ، فلو اتفقا على أن المهر ألف ، وأنهما عقدا بألفين تجملا فالمهر ألفان ، أي : ما عقد به في الأصح ، كعقده هزلا وتلجئة ، نص عليه ، ولا فرق فيما ذكرنا بين أن يكون السر من جنس العلانية أو يكونا من جنسين ، وذكر الحلواني في بيع مثله ( وإن قال : هو عقد واحد ، أسررته ثم أظهرته ، وقالت : بل هو عقدان - فالقول قولها مع يمينها ) ; لأن الظاهر أن الثاني عقد صحيح يفيد حكما كالأول ، ولها المهران وإن [ ص: 166 ] أصر على الإنكار سئلت المرأة ، فإن ادعت أنه دخل بها ثم طلقها ثم نكحها حلفت ، واستحقت وإن أقرت بما يسقط جميعه أو نصفه لزمها ما أقرت به .

فرع : يلحق الزيادة بعد العقد بالمهر على الأصح فيما يقرره وينصفه ، وتملك الزيادة من حينها ، نقله مهنا في أمة عتقت فزيد مهرها ، وجعلها القاضي لمن الأصل له فأما هديته فليست من المهر نص عليه ، فإن كانت قبل العقد ، وقد وعد به فزوجوا غيره رجع ، قاله الشيخ تقي الدين ، وقال : ما قبض بسبب نكاح فكمهر ، وقال فيما كتب فيه المهر : لا يخرج منها بطلاقها إذا كان منه .

التالي السابق


الخدمات العلمية