صفحة جزء
وله منعها من الخروج عن منزله فإن مرض بعض محارمها أو مات ، استحب له أن يأذن لها في الخروج إليه ، ولا تملك المرأة إجارة نفسها للرضاع والخدمة بغير إذن زوجها ، وله أن يمنعها من رضاع ولدها ، إلا أن يضطر إليها وتخشى عليه .


( وله منعها من الخروج عن منزله ) إلى مالها منه بد ، سواء أرادت زيارة والديها ، أو حضور جنازة أحدهما; لما روى أنس أن رجلا منع زوجته الخروج ، فمرض أبوها ، فاستأذنت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال لها : اتقي الله ولا تخالفي زوجك ، فمات أبوها ، فاستأذنت النبي - صلى الله عليه وسلم - في حضور جنازته ، فقال لها كالأول ، فأوحى الله تعالى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أني قد غفرت لها بطاعة زوجها رواه ابن بطة; ولأن حق الزوج واجب ، فلا يجوز تركه بما ليس بواجب ، فلو خرجت بلا إذنه حرم ، ولا تستحق نفقة ، ونقل أبو طالب : إذا قام بحوائجها وإلا لابد لها ، قال الشيخ تقي الدين فيمن حبسته بحقها : إن خاف خروجها بلا [ ص: 203 ] إذنه أسكنها حيث لا يمكنها ، فإن لم يكن له من يحفظها غير نفسه ، حبست معه ، فإن عجز عن حفظها أو خيف حدوث شر أسكنت في رباط ونحوه ، ومتى كان خروجها مظنة للفاحشة صار حقا لله ، يجب على ولي الأمر رعايته .

( فإن مرض بعض محارمها أو مات استحب له أن يأذن لها في الخروج إليه ) ; لما في ذلك من صلة الرحم ، وفي منعها قطيعة الرحم ، وحمل لها على مخالفته ، وأوجبه ابن عقيل للعيادة ، وقيل : أو نسيب ، وقيل : لها زيارة أبويها ككلامهما ، ولا يملك منعهما من زيارتها في الأصح ، ولا يلزمها طاعة أبويها في فراق وزيارة ونحوه ، بل طاعة زوجها أحق .

فرع : ليس عليها طحن وعجن وخبز ، نص عليه ، خلافا للجوزجاني ، وقاله أبو بكر بن أبي شيبة ; لأنه عليه السلام قضى على فاطمة ابنته بخدمة البيت ، وعلى علي ما كان خارج البيت رواه الجوزجاني من طرق ، وأجيب بأن المعقود عليه من جهتها الاستمتاع ، فلا يلزمها غيره كسقي دوابه ، وأوجب الشيخ تقي الدين المعروف مثلها لمثله ، وقال ابن حبيب في " الواضحة " : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - حكم على فاطمة بخدمة البيت ، وقال أبو ثور : عليها أن تخدمه في كل شيء .

( ولا تملك المرأة إجارة نفسها للرضاع والخدمة بغير إذن زوجها ) ; لأنه يملك الاستمتاع بها ، وكونها تملك ذلك يؤدي إلى فوات حقه فلم يملكه كما لا تملك منعه من الوطء ، فلو فعله بإذنه جاز ، فإن أجرت نفسها للرضاع ثم تزوجت ، صح العقد ، ولم يملك الزوج فسخ الإجارة ولا منعها من الرضاع حتى تنقضي المدة; لأن منافعها ملكت بعقد سابق على نكاحه ، أشبه بيع [ ص: 204 ] المستأجرة ، وقيل : له الفسخ إن جهله ، وله الوطء ، وقيل : لا ، إن ضر بلبن ( وله أن يمنعها من رضاع ولدها ) ; لأن إرضاعه ليس بواجب عليها ، وحق الزوج واجب; لأن عقد النكاح يقتضي ملكه للاستمتاع في كل زمان سوى أوقات الصلوات ، والرضاع يفوته عليه ، وظاهره سواء كان منه أو من غيره ، وهو أحد الوجهين فيما إذا كان منه ، وهو ظاهر كلام القاضي; لأنه يخل باستمتاعه .

والثاني : ليس له منعها منه ، وصرح به المؤلف في النفقات; لقوله تعالى : والوالدات يرضعن أولادهن [ البقرة : 233 ] وهو خبر بمعنى الأمر ، وهو عام في كل والدة ، وحكم ولد غيرها كذلك ( إلا أن يضطر إليها وتخشى عليه ) بأن لا يوجد من ترضعه ، أو لا يقبله من غيرها; لأنها حالة ضرورة ، وحفظ لنفس الولد ، فقدم على حق الزوج كتقديم المضطر على المالك حيث لم يكن به مثل ضرورته .

التالي السابق


الخدمات العلمية