صفحة جزء
فصل في القسم

وعلى الرجل أن يساوي بين نسائه في القسم ، وعماد القسم الليل ، إلا لمن معيشته بالليل كالحارس ، وليس له البداءة بإحداهن ، ولا السفر بها إلا بقرعة ، فإذا بات عندها بقرعة أو غيرها ، لزمه المبيت عند الثانية ، وليس عليه التسوية بينهن في الوطء ، بل يستحب . ويقسم لزوجته الأمة ليلة ، وللحرة ليلتين ، وإن كانت كتابية .


فصل في القسم

القسم - بفتح القاف - مصدر قسمت الشيء ، وأما بالكسر فهو النصيب ( و ) واجب ( على الرجل أن يساوي بين نسائه في القسم ) لا نعلم فيه خلافا; لقوله تعالى : وعاشروهن بالمعروف [ النساء : 19 ] وليس مع الميل معروف; لقوله تعالى : فلا تميلوا كل الميل [ النساء : 129 ] وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : من كان له امرأتان ، فمال إلى إحداهما ، جاء يوم القيامة وشقه مائل وعن عائشة قالت : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقسم ، فيعدل ، ويقول : اللهم هذا قسمي فيما أملك ، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك يعني : القلب رواهما الخمسة ، ولفظهما لأبي داود ، وخرج منه الطفل .

[ ص: 205 ] ( وعماد القسم الليل ) ; لقوله تعالى : وجعل الليل سكنا [ الأنعام : 96 ] ; ولقوله تعالى : ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله [ القصص : 73 ] ; لأن الليل للسكن والنهار للمعاش ( إلا لمن معيشته بالليل كالحارس ) فإنه يقسم بين نسائه النهار ، ويكون الليل في حقه كالنهار في حق غيره; لأن النهار يدخل في القسم تبعا بدليل أن سودة وهبت يومها لعائشة - متفق عليه .

فرع : له أن يأتيهن وأن يدعوهن إلى منزله ويسقط حق ممتنعة ، وله دعاء البعض ، وقيل : يدعو الكل أو يأتي الكل ، فعلى هذا ليست الممتنعة ناشزة ، والحبس كغيره ، إلا أنه إن دعاهن لم يلزم ما لم يكن سكن مثلهن .

( وليس له البداءة بإحداهن ولا السفر بها إلا بقرعة ) ; لأن البداءة بها تفضيل لها ، والتسوية واجبة; لأنهن متساويات في الحق ولا يمكن الجمع بينهن ، فوجب المصير إلى القرعة; لأنه عليه السلام كان إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه ، فمن خرج سهمها خرج بها معه متفق عليه ، وظاهره : لا يشترط كونه مباحا ، بل يشترط كونه مرخصا ، وقال أكثر العلماء : لا يجوز إلا برضاهن أو قرعة ( فإذا بات عندها بقرعة أو غيرها ) أتم وقضى ، واختار المؤلف لا زمن سيره ( لزمه المبيت عند الثانية ) ; لتعين حقها ، فإن كانتا اثنتين كفاه قرعة واحدة ، ويصير في الليلة الثانية إلى الثانية بغير قرعة; لأنه حقها ( وليس عليه التسوية بينهن في الوطء ، بل يستحب ) لا نعلم خلافا أنه لا يجب التسوية بينهن في الجماع; لأن طريقه الشهوة والميل ، وإن قلبه قد يميل إلى إحداهن ، قال [ ص: 206 ] تعالى : ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم [ النساء : 129 ] وكالتسوية بين دوابه وكالنفقة والكسوة والسكنى ، إذا قام بالواجب عليه نصا ، قال الشيخ تقي الدين : يقسم في النفقة والكسوة ، ونصه : لا بأس ، وقال في الجماع : لا ينبغي أن يدعه عمدا يبقى لنفسه لتلك ليلة وليلة ، وقال القاضي وغيره : أو ثلاثا ثلاثا .

( ويقسم لزوجته الأمة ليلة وللحرة ليلتين ) ; لقول علي : إذا تزوج الحرة على الأمة ، قسم للأمة ليلة وللحرة ليلتين رواه الدارقطني ، واحتج به أحمد; لأن الحرة حظها في الإيواء أكثر ، وتخالف النفقة والكسوة ، فإنه مقدر بالحاجة ، وقسم الابتداء شرع ليزول الاحتشام من كل منها ( وإن كانت كتابية ) يعني : أن الحرة الكتابية كالحرة المسلمة ، وصرح به في " المغني " و " الشرح " ، وحكاه ابن المنذر إجماعا; لأن القسم من حقوق الزوجية ، فاستويا فيه كالنفقة وتفارق الأمة; لأنه لا يتم تسليمها ولا يحصل لها الإيواء التام ، بخلاف الحرة والمعتق بعضها بالحساب .

فرع : عتقت أمة في نوبتها أو نوبة حرة مسبوقة ، فلها قسم حرة ، وفي نوبة حرة سابقة ، قيل : يتم للحرة على حكم الرق ، وقيل : يستويان بقطع أو استدراك ، وفي " المغني " و " الترغيب " : وإن عتقت بعد نوبتها اقتصرت على يومها ، زاد في " الترغيب " : بدأ بها أو بالحرة ، ويطوف بمجنون مأمون وليه وجوبا ، لا بطفل ، ويحرم تخصيص بإفاقته وإن أفاق في نوبة واحدة ، ففي قضاء يوم جنونه للأخرى وجهان .

التالي السابق


الخدمات العلمية