صفحة جزء
[ ص: 210 ] وللمرأة أن تهب حقها من القسم لبعض ضرائرها بإذنه ، وله الرجوع فيجعله لمن شاء منهن ، فمتى رجعت في الهبة ، عاد حقها ، ولا قسم عليه في ملك يمينه ، وتستحب التسوية بينهن ، وأن لا يعضلهن إن لم يرد الاستمتاع بهن .


( وللمرأة أن تهب حقها من القسم ) بلا مال ( لبعض ضرائرها ) ; لفعل سودة بأنها وهبت لعائشة يومها ، فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقسم لعائشة يومها ويوم سودة متفق عليه ( بإذنه ) ; لأن حقه على الواهبة ثابت ، فلا ينتقل إلى غيرها إلا برضاه ، وظاهره : ولو أبت الموهوب لها أي : لا يشترط رضاها ، وليس لنا هبة يقبل فيها غير الموهوب له مع تأهله للقبول إلا هذه ، ثم إن كانت ليلة الواهبة لا تلي ليلة الموهوبة لم تجز الموالاة بينهما; لأن الموهوبة قائمة مقام الواهبة ، فلم يجز تغييرها عن موضعها ، وذكر جماعة : وإذن سيد أمة; لأن ولدها له ( وله ) أي : للزوج ( الرجوع ) ; لأن الحق لها ، فلمن نقلته إليه انتقل ( فيجعله لمن شاء منهن ) ; لأنه قائم مقام الواهبة ، فالخيرة له كهي ، وفي " الترغيب " لو قالت : خص بها من شئت ، الأشبه أنه لا يملكه; لأنه يورث الغيظ بخلاف تخصيصها واحدة ( فمتى رجعت في الهبة عاد حقها ) ; لأنها هبة لم تقبض ، والمراد به العود في المستقبل ، لا فيما مضى; لأنه قد اتصل به القبض ، فعلى هذا إذا رجعت في أثناء ليلتها لزم الزوج الانتقال إليها ، وإن لم يعلم حتى أتم الليلة لم يقض لها شيئا; لأن التفريط منها .

فرع : إذا بذلت ليلتها بمال لم يصح; لأنها ليست مالا ولا منفعة يستحق بها المال ، فإن كان العوض غير المال كإرضاء زوجها عنها أو غيره - جاز ولها بذل قسم ونفقة وغيرهما ، ليمسكها ، والرجوع ليجدد الحق ، وفي " الهدي " يلزم ولا مطالبة ، لأنها معاوضة كما يلزم ما صالح عليه من الحقوق .

( ولا قسم عليه في ملك يمينه ) بل يطأ من شاء منهن متى شاء; لقوله تعالى : [ ص: 211 ] فإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم [ النساء : 3 ] وقد كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - مارية وريحانة ، فلم يكن يقسم لهما; ولأن الأمة لا حق لها في الاستمتاع; ولذلك لا يثبت لها الخيار بكون السيد مجبوبا أو عنينا ، ولا تضرب لها مدة الإيلاء ، وظاهره : وإن أخذ من زمن زوجاته ، وفي " المحرر " : لكن يسوي في حرمانهن ( وتستحب التسوية بينهن ) ; لأنه أطيب لقلوبهن وأبعد من النفرة والبغضة ( و ) عليه ( أن لا يعضلهن إن لم يرد الاستمتاع بهن ) أي : إذا احتاجت الأمة إلى النكاح وجب عليه إعفافها ، إما بوطئها ، أو تزويجها ، أو بيعها; لأن إعفافهن وصونهن عن احتمال الوقوع في المحظور واجب .

التالي السابق


الخدمات العلمية