صفحة جزء
باب

سنة الطلاق وبدعته

السنة في الطلاق : أن يطلقها واحدة في طهر لم يصبها فيه ، ثم يدعها حتى تنقضي عدتها ، وإن طلق المدخول بها في حيضها أو طهر أصابها فيه - فهو طلاق بدعة محرم ، ويقع ، ويستحب رجعتها ، وعنه : أنها واجبة .


باب

سنة الطلاق وبدعته

طلاق السنة : ما أذن فيه الشارع ، والبدعة : ما نهى عنه ، ولا خلاف أن المطلقة على الصفة الأولى مطلق للسنة ، قاله ابن المنذر وابن عبد البر ، والأصل فيه قوله تعالى : يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن [ الطلاق : 1 ] قال ابن مسعود وابن عباس : طاهرا من غير جماع ، وحديث ابن عمر لما طلق امرأته وهي حائض [ ص: 260 ] فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمر : مره فليراجعها ، ثم ليمسكها حتى تطهر ، ثم تحيض ، ثم تطهر ، ثم إن شاء طلقها طاهرا قبل أن تمس وهو في " الصحيحين " .

( السنة في الطلاق : أن يطلقها واحدة ) ; لقول علي ، رواه البخاري ، ( في طهر لم يصبها فيه ) ; لما تقدم من قول ابن مسعود وغيره ، إلا في طهر متعقب لرجعة من طلاق في حيض - فبدعة في ظاهر المذهب ، اختاره الأكثر ( ثم يدعها حتى تنقضي عدتها ) أي : لا يتبعها طلاقا آخر قبل انقضاء العدة; لقول علي : لا يطلق أحد للسنة فيندم - رواه الأثرم ، ( وإن طلق المدخول بها في حيضها أو طهر أصابها فيه - فهو طلاق بدعة محرم ، ويقع ) في قول عامتهم; لأنه - عليه السلام - أمر ابن عمر بالمراجعة ، وهي لا تكون إلا بعد وقوع الطلاق ، وفي لفظ للدارقطني قال : قلت : يا رسول الله ، أرأيت لو أني طلقتها ثلاثا ؛ قال : كانت تبين منك وتكون معصية وذكر في " الشرح " هذا الحديث مع غيره ، وقال : كلها أحاديث صحاح ; ولأنه طلاق من مكلف في محله ، فوقع كطلاق الحامل; ولأنه ليس بقربة ، فيعتبر; لوقوعه موافقة السنة ، بل هو إزالة عصمة وقطع ملك ، فإيقاعه في زمن البدعة أولى تغليظا عليه وعقوبة له ، وفي " المحرر " : وكذا أنت طالق في آخر طهرك ، ولم يطأ فيه ، وكلام الأكثر : أنه مباح ، إلا على رواية " القروء " : الأطهار ، وفي " الترغيب " : تحملها ماءه في معنى الوطء ، واختار الشيخ تقي الدين : أنه لا يقع ، وهو قول ابن علية ، وهشام بن الحكم ، والسبعة; لأن الله تعالى أمر به قبل العدة ، فإذا طلق في غيره ، لم يقع ، كالوكيل إذا أوقعه في زمن ، أمره موكله بإيقاعه في غيره ( ويستحب [ ص: 261 ] رجعتها ) في ظاهر المذهب ، وهو قول الأكثر لأنه - عليه السلام - أمر به ابن عمر ، وأدنى أحواله الاستحباب; ولأنه طلاق لا يرتفع بالرجعة ، فلم تجب الرجعة فيه كالطلاق في طهر أصابها فيه ، فإنهم أجمعوا على أن الرجعة لا تجب فيه ، حكاه ابن عبد البر عن الجميع ( وعنه : أنها واجبة ) ذكرها في " الموجز " و " التبصرة " و " الترغيب " ، واختارها ابن أبي موسى ; لظاهر أمره - عليه السلام - بها; ولأن الرجعة تجري مجرى استبقاء النكاح ، وهو واجب ، بدليل تحريم الطلاق ، وعنه : تجب في حيض ، اختاره في " الإرشاد " و " المبهج " ، وظاهر كلامه : أن الخلاف راجع إلى الصورتين ، وليس كذلك ، فإن الطاهر المصابة فيه لا تجب رجعتها - رواية واحدة ، وتقدم حكاية الإجماع قبله ، ولكن يستحب; لأنه طلاق بدعة ، فاستحب قطعه بها كطلاق الحائض .

فرع : إذا علقه بقيام ، فقامت حائضا ، ففي " الانتصار " : مباح ، وفي " الترغيب " : بدعي ، وفي " الرعاية " : يحتمل وجهين ، وذكر المؤلف : إن علقه بقدومه فقدم في حيضها - فبدعة ، ولا إثم ، وكذا طلاقها في الطهر المتعقب للرجعة بدعي في ظاهر المذهب ، وعنه : يجوز ، واختار في " الترغيب " : ويلزمه وطؤها .

التالي السابق


الخدمات العلمية