صفحة جزء
وإن طلقها ثلاثا في طهر لم يصبها فيه ، كره ، وفي تحريمه روايتان .


( وإن طلقها ثلاثا ) وقيل : أو اثنتين بكلمة أو كلمات ( في طهر ) - لم يقيده في " الفروع " - ( لم يصبها فيه ، كره ) ; للاختلاف في تحريمه ( وفي تحريمه روايتان ) إحداهما : لا يحرم ، ويكون تاركا للاختيار ، واختاره الخرقي ، وهو قول عبد الرحمن بن عوف ، والحسن بن علي ; لأن الملاعن طلق امرأته ثلاثا قبل أن يأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي رواية [ ص: 262 ] داود : فطلقها ثلاث تطليقات عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأنفذه ولم ينقل أنه - عليه السلام - أنكره ، ولو لم يكن للسنة لأنكره ، فعليها : يكره ، ذكره جماعة ، ونقل أبو طالب : هو طلاق السنة ، والثانية : يحرم ، وهو بدعة ، ويقع ، اختاره الأكثر; لقوله تعالى : يا أيها النبي إذا طلقتم النساء الآية ، ثم قال : ومن يتق الله يجعل له مخرجا [ الطلاق : 2 ] ، ومن طلق ثلاثا ، لم يبق له أمر يحدث ، ولم يجعل له مخرجا ، وقد روى النسائي عن محمود بن لبيد ، قال : أخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعا ، فقام غضبانا ، ثم قال : أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم ، حتى قام رجل فقال : يا رسول الله ، ألا أقتله ؛ ; ولأنه تحريم للبضع من غير حاجة ، فحرم كالظهار ، بل هذا أولى; لأن الظهار يرتفع تحريمه بالتكفير ، والثالثة : يحرم في الطهر لا الأطهار ، وظاهره : أنه إذا طلق اثنتين فهو للسنة وإن كان الجمع بدعة ، وقال المجد : هو كما لو جمع بين الثلاث .

مسألة : إذا أوقع ثلاثا في كلمة واحدة - وقع الثلاث ، روي عن جماعة من الصحابة ، وهو قول أكثر العلماء ، وقال جماعة : من طلق البكر ثلاثا فهو واحدة ، وحكى المحب الطبري عن الحجاج بن أرطاة وابن مقاتل : أن طلاق الثلاث واحدة ، وأنكر النووي حكايته عن الحجاج ، وأن المشهور عنه أنه لا يقع شيء ، وأوقع الشيخ تقي الدين من ثلاث - مجموعة أو مفرقة قبل رجعة - واحدة ، وقال : إنه لا يعلم أحدا فرق بين الصورتين ، ولم يوقعه على حائض وفاقا لابن عقيل في " الواضح " ; لأن النهي للفساد ، ولا في طهر وطئ فيه ، وقال عن قول عمر في إيقاع الثلاث : إنما جعله لإكثارهم منه ، فعاقبهم على الإكثار لما عصوا بجمع [ ص: 263 ] الثلاث ، فيكون عقوبة من لم يتق الله من التعزير الذي يرجع إلى اجتهاد الأئمة ، كالزيادة على الأربعين في حد الخمر ، لما أكثر الناس منه وأظهروه ، ساغت الزيادة عقوبة ، ثم إن كانت لازمة مؤبدة كانت حدا ، وإن كان المرجع إلى اجتهاد الإمام - كان تعزيزا .

التالي السابق


الخدمات العلمية