صفحة جزء
[ ص: 291 ] باب

ما يختلف به عدد الطلاق

يملك الحر ثلاث تطليقات وإن كان تحته أمة ، والعبد اثنتين وإن كان تحته حرة ، وعنه : أن الطلاق بالنساء ، فيملك زوج الحرة ثلاثا وإن كان عبدا ، وزوج الأمة اثنتين وإن كان حرا فإذا قال : أنت الطلاق ، أو الطلاق لي لازم ، ونوى الثلاث - طلقت ثلاثا ، وإن لم ينو شيئا أو قال : أنت طالق ، ونوى الثلاث ، ففيه روايتان ، إحداهما : تطلق ثلاثا ، والأخرى : واحدة ، وإن قال : أنت طالق واحدة ونوى ثلاثا - لم تطلق إلا واحدة في أحد الوجهين .


باب

ما يختلف به عدد الطلاق

( يملك الحر ثلاث تطليقات وإن كان تحته أمة ، والعبد اثنتين وإن كان تحته حرة ) وهذا مختار لعامة الأصحاب ، وهو قول عثمان ، وزيد ، وابن عباس ، لما روى أبو رزين قال : جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : قوله تعالى : الطلاق مرتان [ البقرة : 229 ] فأين الثالثة ؛ قال : تسريح بإحسان رواه أبو داود ، وصححه ابن القطان ، وقال عمر : يطلق العبد تطليقتين . رواه الشافعي والدارقطني بإسناد جيد ، وعن عائشة مرفوعا ، قال : طلاق العبد اثنتان رواه الدارقطني بإسناد ضعيف ؛ ولأن الطلاق خالص حق الزوج ، وهو مما يختلف بالحرية والرق ، فكان اختلافه كعدد المنكوحات ، وظاهره : ولو طرأ رقه كلحوق ذمي بدار حرب فاسترق وقد كان طلق ثنتين ، وقلنا : ينكح عبد حرة ، نكح هنا ، وله طلقة ، ذكره المؤلف ، وفي " الترغيب " وجهان ( وعنه : أن الطلاق بالنساء ، فيملك زوج الحرة ثلاثا وإن كان عبدا ، وزوج الأمة اثنتين وإن كان حرا ) هذا قول ابن مسعود ، وروي عن علي لما روت عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : طلاق الأمة طلقتان رواه أبو داود ، والترمذي ، والبيهقي ؛ ولأن المرأة محل الطلاق ، فيعتبر بها كالعادة ، والأول أصح ، والجواب : عن حديث عائشة بأنه من رواية طاهر بن أسلم ، وهو منكر الحديث - قاله أبو داود ، مع أن الدارقطني أخرجه في سننه عن عائشة مرفوعا ، قال : طلاق العبد اثنتان ، فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره ؛ ولأن الحر يملك أن يتزوج أربعا ، فملك ثلاث طلقات كما لو كان تحته حرة ، ولا خلاف في أن [ ص: 292 ] الحر الذي زوجته حرة طلاقه ثلاثا ، والعبد الذي تحته أمة طلاقه اثنتان ، وإنما الخلاف فيما إذا كان أحدهما حرا والآخر رقيقا .

فرع : المعتق بعضه كحر ، وفي " الكافي " : كقن ، والمكاتب ، والمدبر ، والمعلق عتقه بصفة - كالقن .

( فإذا قال : أنت الطلاق ، أو الطلاق لي لازم ) أو الطلاق يلزمني ، أو علي الطلاق ، أو أنت طالق الطلاق ، أو يلزمني الطلاق ( ونوى الثلاث - طلقت ثلاثا ) ؛ لأن ذلك صريح في المنصوص ؛ لأنه لفظ بالطلاق ، وهو مستعمل في عرفهم ، قال الشاعر :

أنوهت باسمي في العالمين وأفنيت عمري عاما فعاما     فأنت الطلاق وأنت الطلاق
وأنت الطلاق ثلاثا تماما

وقيل : ليس بصريح ؛ لأنه وصفها في قوله : أنت الطلاق بالمصدر ، وأخبر به عنها ، وهو تجوز والباقي كذلك ؛ لأن من كثر منه شيء يضره فهو عليه كالدين ، قلت : وقد اشتهر استعماله في الإيقاع ، فكان صريحا ، وسواء كان منجزا أو معلقا بشرط أو محلوفا به ( وإن لم ينو شيئا ) فعنه : يقع ثلاث ، اختاره أبو بكر ، وفي " الروضة " : هو قول جمهور الأصحاب ؛ لأن الألف واللام للاستغراق ، فيقتضي استغراق الكل وهو الثلاث ، والثانية : واحدة ، قال في " المغني " : وهي الأشبه ؛ لأنه اليقين ، والألف واللام تستعملان لغير الاستغراق كثيرا ؛ ولأن أهل العرف لا يعتقدونه ثلاثا ، ولا يفهمون أنهما للاستغراق .

فرع : إذا كان له أكثر من امرأة ، وثم نية أو سبب يقتضي تعميما أو تخصيصا [ ص: 293 ] عمل به ، وإلا وقع بالكل ، وقيل : بواحدة بقرعة ( أو قال : أنت طالق ونوى الثلاث ، ففيه روايتان ، إحداهما : تطلق ثلاثا ) اختارها جمع ؛ لأنه نوى بلفظه ما يحتمله ، فوقع ، كقوله : أنت طالق ثلاثا ؛ ولأن طالق اسم فاعل ، وهو يقتضي المصدر كما يقتضيه الفعل ، والمصدر يقع على القليل والكثير ( والأخرى واحدة ) وهي قول الحسن ، والثوري ، والأوزاعي ، واختارها أكثر المتقدمين ؛ لأن هذا اللفظ لا يتضمن عددا ولا بينونة ، فلم يقع به الثلاث ؛ ولأن " أنت طالق " إخبار عن صفة هي عليها ، فلم يتضمن العدد كقوله : حائض وطاهر ، والأولى أصح ، والفرق ظاهر ؛ لأنه لا يمكن تعددهما في حقها في آن واحد بخلاف الطلاق ، ولو قال : أنت طالق ثلاثا ونوى واحدة ، فهي ثلاث بغير خلاف نعلمه ؛ لأن اللفظ صريح في الثلاث ، والنية لا تعارض الصريح ؛ لأنها أضعف .

( وإن قال : أنت طالق واحدة ونوى ثلاثا - لم تطلق إلا واحدة في أحد الوجهين ) وهو الأصح ؛ لأنه نوى ما لا يحتمله لفظه ، فلو وقع أكثر منها وقع بمجرد النية ، والثاني : يقع ثلاث ؛ لأنه نواها ؛ ولأنه يحتمل أنت طالق واحدة معها اثنتان ، قال في " المغني " و " الشرح " : وهذا فاسد ؛ لأن قوله معها اثنتان لا يؤديه معنى الواحدة ، ولا يحتمله ، فنيته فيه نية مجردة ، فلا تعمل ، كما لو نوى الطلاق من غير لفظ ، وفيه نظر .

فإن الواحدة إذا لم تحتمل ذلك فـ " أنت طالق " تحتمله - قاله ابن المنجا . فعلى الثاني : لو قال : أنت طالق ، وصادف قوله ثلاثا موتها أو قارنه - فواحدة ، وعلى الأول يقع ثلاثا ؛ لوجود المفسر في الحياة ، قاله في " الترغيب " ، ولعل فائدة الخلاف تظهر في المدخول بها ، هل يرثها أم لا .

التالي السابق


الخدمات العلمية