صفحة جزء
[ ص: 78 ] باب الاستنجاء

يستحب لمن أراد دخول الخلاء أن يقول : بسم الله ، أعوذ بالله من الخبث والخبائث ، ومن الرجس النجس ، الشيطان الرجيم .


باب الاستنجاء .

الاستنجاء : استفعال من : نجوت الشجرة أي : قطعتها ، فكأنه قطع الأذى ، وقيل : هو مأخوذ من النجوى ، وهي ما ارتفع من الأرض ، لأن من أراد قضاء الحاجة استتر بها ، وهو إزالة خارج من سبيل بماء ، وقد يستعمل في إزالته بالحجر ، ويسمى الاستجمار ، وهو استفعال من الجمار ، وهي الحجارة الصغار ، لأنه يستعملها في استجماره ، وعبر بعض بالاستطابة ، يقال : استطاب ، وأطاب : إذا استنجى ، قاله أهل اللغة . وبعض بقضاء الحاجة ، وهو ظاهر .

( يستحب لمن أراد دخول الخلاء ) بالمد : المكان الذي يتوضأ فيه ، وقال الجوهري : سمي بذلك ، لأنه يتخلى فيه أي : ينفرد ( أن يقول : بسم الله ) لما روى علي قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ستر ما بين الجن وعورات بني آدم إذا دخل الكنيف أن يقول : بسم الله رواه ابن ماجه ، والترمذي ، وقال : ليس إسناده بالقوي .

وتقال في ابتداء كل فعل تبركا بها ، وقدمت هنا على الاستعاذة ، لأن التعوذ هناك للقراءة ، والبسملة من القرآن ، فيقدم التعوذ عليها ، وشرطه : أن لا يقصد ببسم الله القرآن ، فإن قصده حرم ، قاله بعضهم ( أعوذ بالله من الخبث والخبائث ) اقتصر في " الغنية " ، و " المحرر " ، و " الفروع " على ذلك مع التسمية ، لما روىأنس : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا دخل الخلاء قال : اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث متفق عليه .

الخبث بإسكان الباء قاله أبو عبيد ، ونقل القاضي عياض : أنه أكثر روايات الشيوخ ، وفسره بالشر ، والخبائث [ ص: 79 ] بالشياطين ، فكأنه استعاذ من الشر وأهله ، قال الخطابي : هو بضم الباء ، وهو جمع خبيث ، والخبائث جمع خبيثة ، فكأنه استعاذ من ذكرانهم وإناثهم ، وقيل : الخبث : الكفر ، والخبائث : الشياطين ( ومن الرجس النجس الشيطان الرجيم ) وفي " البلغة " كـ " المقنع " وكذا في " الوجيز " عنه : أنه لم يذكر الاستعاذة من الخبث والخبائث لما روى أبو أمامة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لا يعجز أحدكم إذا دخل مرفقه أن يقول : اللهم إني أعوذ بك من الرجس النجس [ الخبيث المخبث ] الشيطان الرجيم رواه ابن ماجه .

قال الجوهري : الرجس القذر ، والنجس اسم فاعل من نجس ينجس فهو نجس ، قال الفراء : إذا قالوه مع الرجس أتبعوه إياه ، أي : قالوه بكسر النون وسكون الجيم ، والشيطان مشتق من شطن ، أي : بعد يقال : دار شطون ، أي : بعيدة ، سمي بذلك لبعده من رحمة الله تعالى ، وقيل : من شاط ، أي : هلك ، سمي به لهلاكه بمعصية الله تعالى ، والرجيم نعت له ، وهو بمعنى راجم ، أي : يرجم غيره بالإغواء ، أو بمعنى مرجوم ، لأنه يرجم بالكواكب عند استراقه السمع .

التالي السابق


الخدمات العلمية