صفحة جزء
فصل

في تعليقه بالحيض

إذا قال : إذا حضت ، فأنت طالق ، طلقت بأول الحيض ، فإن بان أن الدم ليس بحيض لم تطلق به ، وإن قال لطاهر : إذا حضت حيضة فأنت طالق ، لم تطلق حتى تحيض ثم تطهر ، ولا يعتد بالحيضة التي هي فيها ، وإن قال : إذا حضت نصف حيضة فأنت طالق ، احتمل أن يعتبر نصف عادتها ، واحتمل أنها متى طهرت تبينا وقوع الطلاق في نصفها ، واحتمل أن يلغو قوله : نصف حيضة ، وقيل : إذا حاضت سبعة أيام ونصفا طلقت ، وإن قال : إذا طهرت فأنت طالق ، طلقت بانقطاع الدم ، وإن كانت طاهرا ، طلقت إذا طهرت من حيضة مستقبلة ، وإذا قالت : حضت ، وكذبها ، قبل قولها في نفسها ، وإن قال : قد حضت ، فأنكرته - طلقت بإقراره ، وإن قال : إن حضت فأنت وضرتك طالقتان ، فقالت له : حضت ، وكذبها - طلقت دون ضرتها ، وإن قال : إن حضتما فأنتما طالقتان ، فقالتا : قد حضنا فصدقهما - طلقتا ، وإن كذبهما لم تطلقا ، وإن كذب إحداهما طلقت وحدها ، وإن قال ذلك لأربع ، فقلن : قد حضنا ، فصدقهن ، طلقن ، وإن صدق واحدة أو اثنتين لم يطلق منهن شيء ، وإن صدق ثلاثا طلقت المكذبة وحدها ، وإن قال : كلما حاضت إحداكن ، فضرائرها طوالق ، فقلن : قد حضنا فصدقهن - طلقن ثلاثا ثلاثا ، وإن صدق واحدة لم تطلق ، وطلق ضراتها طلقة طلقة ، وإن صدق اثنتين طلقت كل واحدة منهما طلقة ، وطلقت المكذبتان طلقتين طلقتين ، وإن صدق ثلاثا طلقت المكذبة ثلاثا .


فصل

في تعليقه بالحيض

( إذا قال : إذا حضت ، فأنت طالق ، طلقت بأول الحيض ) ؛ لأن الصفة وجدت بدليل منعها من الصلاة والصيام ، نقل مهنا : تطلق برؤية الدم ؛ لتحريم مباشرتها طاهرا فيه ، وفي قبل موتي بشهر ، وكل زمن يحتمل أن يتبين أنه زمن الطلاق في الأصح ، ولمنع المعتادة من العبادة إجماعا ، وفي " الانتصار " و " الفنون " وغيرهما بتبينه بمضي أقله .

( فإن بان أن الدم ليس بحيض لم تطلق به ) ؛ لأنه تبين أن الصفة لم توجد ، وذلك بأن تكون بنت دون تسع سنين أو ينقطع لأقل من أقل الحيض ، ويتصل الانقطاع إلى أكثر الحيض ، ولم يشرط في " المغني " الاتصال ، واشترطه أبو الخطاب [ ص: 335 ] وغيره ، ولا بد منه ؛ لأنه إذا انقطع لما ذكر ثم جاء قبل الأكثر كان حيضا ؛ لكون من رأته ملفقة ، ومعنى : لم تطلق ، أي : لم يقع ( وإن قال لطاهر : إذا حضت حيضة فأنت طالق ، لم تطلق حتى تحيض ثم تطهر ) نص عليه ؛ لأنها لا تحيض حيضة إلا بذلك ، وقيل : لا تطلق حتى تغتسل منها ، وذكره ابن عقيل رواية من أول حيضة مستقبلة ، والأول أصح ، والظاهر : أنه يقع سنيا ( ولا يعتد بالحيضة التي هي فيها ) ؛ لأنها ليست حيضة كاملة .

فرع : إذا قال : إذا حضت حيضة فأنت طالق ، وإذا حضت حيضتين فأنت طالق - طلقت واحدة ، فإذا حاضت الثانية ، طلقت الثانية عند طهرها ، فلو قال : ثم إذا حضت حيضتين فأنت طالق ، لم تطلق الثانية حتى تطهر من الحيضة الثالثة ؛ لأن " ثم " للترتيب تقتضي حيضتين بعد الطلقة الأولى .

( وإن قال : إذا حضت نصف حيضة فأنت طالق ، احتمل أن يعتبر نصف عادتها ) جزم به في " الوجيز " ، وصححه في " الشرح " ؛ لأن الأحكام تعلقت بالعادة ، فيتعلق بها وقوع الطلاق ( واحتمل أنها متى طهرت تبينا وقوع الطلاق في نصفها ) وهو أشهر ؛ لأنها إذا طهرت في ستة أيام مثلا تحقق أن نصف حيضها ثلاثة ، فيجب أن يحكم بوقوع الطلاق فيها ؛ لوجود شرطه ، وفيه إشعار أنها لا تطلق حتى تطهر ، وهو صحيح ؛ لأن شرط الطلاق مضي نصف الحيضة ، ولا يتحقق نصفها إلا بكمالها ( واحتمل أن يلغو قوله : نصف حيضة ) وهو قول القاضي ؛ لأن الحيضة لا تتنصف ؛ لأنها عبارة عن جريان الدم ، فعلى هذا يتعلق [ ص: 336 ] طلاقها بأول الدم ، كقوله : إذا حضت ( وقيل : إذا حاضت سبعة أيام ونصفا طلقت ) ؛ لأنه لا يتيقن مضي الحيضة إلا بذلك ؛ ولأنه نصف أكثر الحيض ، قال في " الكافي " بمعنى - والله أعلم - أنه مادام حيضها باقيا لا يحكم بوقوع طلاقها حتى يمضي نصف أكثر الحيض ؛ لأن ما قبل الحيض لا يتيقن به مضي نصف الحيضة ، فلا يقع الطلاق بالشك .

( وإن قال : إذا طهرت فأنت طالق ، طلقت بانقطاع الدم ) نص عليه ؛ لأنه بانقطاعه ثبت لها أحكام الطاهرات في وجوب الصلاة ، وصحة الصيام ، فيجب أن يتعلق به وجوب الطلاق ، وفي عبارته تسامح ، ولو قال : بأول طهر مستقبل ، لكان أولى ، وظاهر أنها تطلق وإن لم تغتسل ؛ لأنه ثبت لها أحكام الطهر ؛ لأنها ليست حائضا ، فلزم أن تكون طاهرا ؛ لأنهما ضدان ، وفي " التنبيه " قول حتى تغتسل ؛ لأن بعض أحكام الحيض باقية ، وبناه في " الشرح " على العدة ( وإن كانت طاهرا ، طلقت إذا طهرت من حيضة مستقبلة ) ؛ لأن قوله لها : " إذا طهرت " يقتضي تجدد الطهارة ، فإذا كانت طاهرا ، لم توجد الطهارة المتجددة إلا إذا طهرت من حيضة مستقبلة ، ضرورة كونها طهارة متجددة ، ( وإذا قالت : حضت ، وكذبها ، قبل قولها في نفسها ) بغير يمين في ظاهر المذهب ؛ لقوله تعالى : ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن [ البقرة : 228 ] قيل : هو الحيض ، فلولا أن قولها مقبول فيه ما حرم عليها كتمانه ، ولأنه لا يعرف إلا من جهتها ، ولقوله : إن أضمرت بغضي ، فادعته بخلاف دخول الدار ، وعنه : تطلق بنيته ، فيختبرنها النساء بإدخال قطنة في الفرج زمن دعواها [ ص: 337 ] الحيض ، فإن ظهر دم فهي حائض ، واختاره أبو بكر ؛ لأن الحيض يمكن معرفته من غيرها كدخول الدار ، وعلى الأول هل يعتبر يمينها ؛ فيه وجهان مبنيان على ما إذا ادعت أن زوجها طلقها ، وأنكرها وفاقا لأبي حنيفة ، وقوله : قبل قولها في نفسها ، أي : دون غيرها من طلاق أخرى ، أو عتق عبد ، نص عليه في الطلاق ؛ لأنها مؤتمنة في حق نفسها دون غيرها .

( وإن قال : قد حضت ، فأنكرته - طلقت بإقراره ) ؛ لأنه أقر بما يوجب طلاقها ، أشبه ما لو قال : طلقتها ( وإن قال : إن حضت فأنت وضرتك طالقتان ، فقالت : قد حضت ، وكذبها - طلقت ) ؛ لأن قولها مقبول في حق نفسها ( دون ضرتها ) أي : أن الضرة لا تطلق إلا أن تقيم بينة على حيضها ، فإن ادعت الضرة أنها حاضت ، لم تقبل ؛ لأن معرفتها بحيض غيرها كمعرفة الزوج به ، وعنه : تختبر ، وعنه : إن أخرجت على خرقة دما ، طلقت الضرة ، اختاره في " التبصرة " ، وحكاه عن القاضي ، فإذا قال : حضت ، وأنكرت - طلقت بإقراره ( وإن قال : إن حضتما فأنتما طالقتان ، فقالتا : قد حضنا فصدقهما - طلقتا ) ؛ لأنهما أقرتا وصدقهما ، فوجدت الصفة في حقهما ( وإن كذبهما لم تطلقا ) ولا واحدة منهما ؛ لأن طلاق كل واحدة منهما معلق على شرطين : حيضها وحيض ضرتها ، ولا يقبل قول واحدة منهما في حق ضرتها ، فلم يوجد الشرطان ( وإن كذب إحداهما طلقت وحدها ) ؛ لأن قولها مقبول في حقها ، وقد صدق الزوج ضرتها ، فوجد الشرطان في حقها ، ولم تطلق المصدقة ؛ لأن قول المكذبة غير مقبول في حقها ، ولم يصدقها الزوج ، فلم يوجد شرط طلاقها .

[ ص: 338 ] فرع : إذا قال لزوجتيه : إن حضتما حيضة فأنتما طالقتان ، طلقتا بحيضتين منهما عملا باليقين ، وفي " الكافي " و " المستوعب " : يلغى قوله " حيضة " كقوله : إن حضتما ، قاله القاضي ، وقدمه في " الرعاية " ، زاد في " الكافي " : فإن قال : أردت إذا حاضت كل واحدة منهما حيضة ، قبل ؛ لأنه محتمل لذلك ، والأشهر تطلقان بالشروع فيهما ، وقيل : بحيضة من واحدة ، وقيل : لا تطلقان بحال كمستحيل .

( وإن قال ذلك لأربع ) فقد علق طلاق كل واحدة منهن على حيض الأربع ( فقلن : قد حضنا ، فصدقهن ، طلقن ) ؛ لأنه قد وجد حيضهن بتصديقه ( وإن صدق واحدة أو اثنتين لم يطلق منهن شيء ) ؛ لأن شرط طلاقهن حيض الأربع ، ولم يوجد ، وكذا إن كذب الكل ( وإن صدق ثلاثا طلقت المكذبة وحدها ) ؛ لأن قولها مقبول في حيضها ، وقد صدق الزوج صواحبها ، فوجد حيض الأربع في حقها فطلقت ، ولا تطلق المصدقات ؛ لأن قول المكذبة غير مقبول في حقهن .

فائدة : الأفصح في صاحبة أن تجمع على صواحب كضوارب ، ووقع لبعضهم صواحباتها ، وهي لغة قليلة .

( وإن قال : كلما ) أو أيتكن ( حاضت إحداكن ، فضرائرها طوالق ، فقلن : قد حضنا فصدقهن - طلقن ثلاثا ثلاثا ) ؛ لأن حيض كل واحدة منهن صفة لطلاق البواقي ، ولكل واحدة ثلاث ضرائر وقد حضن ، فتطلق ثلاث تطليقات ، فإن كذبهن لم يطلق منهن شيء ؛ لأن قولهن غير مقبول في طلاق غيرهن ( وإن صدق واحدة لم تطلق ) ؛ لأنه ليس لها صاحبة ثبت حيضها ( وطلق ضراتها طلقة طلقة ) ؛ لأن لكل [ ص: 339 ] منهن صاحبة ثبت حيضها ( وإن صدق اثنتين طلقت كل واحدة منهما طلقة ) ؛ لأن لكل واحدة منهما ضرة مصدقة ( وطلقت المكذبتان طلقتين طلقتين ) ؛ لأن لكل واحدة منهما ضرتين مصدقتين ( وإن صدق ثلاثا طلقت المكذبة ثلاثا ) ؛ لأن لها ثلاث ضرائر ثبت حيضهن ، وطلقت كل واحدة من المصدقات طلقتين ؛ لأن لكل واحدة ضرتين مصدقتين .

فرع : العتق المعلق بالحيض كذلك .

تذنيب : إذا قال لأربع : أيتكن لم أطأها ، فضرائرها طوالق ، فإن قيده بوقت معين ، فمضى ، ولم يطأهن - طلقن ثلاثا ثلاثا ؛ لأن لكل واحدة ثلاث ضرائر غير موطوءات ، فإن وطئ ثلاثا ، وترك واحدة - لم تطلق المتروكة ؛ لأنها ليس لها ضرة غير موطوءة ، وتطلق كل واحدة من الموطوءات طلقة طلقة ، وإن وطئ طلقتا طلقتين ، وإن أطلق تقيد بالعمر ، فإذا مات هو ، طلقن كلهن في آخر جزء من حياته ، وعنه : فيمن قال لعبيده : أيكم أتاني بخبر كذا ، فهو حر ، فجاء به جماعة - عتقوا ، ونقل حنبل : فيتوجه أحدهم بقرعة ، فيتوجه مثله في نظائرها ، ذكرهما في الإرشاد .

التالي السابق


الخدمات العلمية