صفحة جزء
والأذان خمس عشرة كلمة لا ترجيع فيه ، والإقامة إحدى عشرة كلمة ، فإن رجع في الأذان ، أو ثنى الإقامة فلا بأس ،


( والأذان ) المختار ( خمس عشرة كلمة لا ترجيع فيه ، والإقامة إحدى عشرة كلمة ) هذا هو المشهور لحديث عبد الله بن زيد ، وكان بلال يؤذن كذلك ، ويقيم حضرا وسفرا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أن مات ، وعليه عمل أهل المدينة ، قال أحمد : هو آخر الأمرين وكان بالمدينة قيل له : إن أبا محذورة بعد حديث عبد الله بن زيد ، لأن حديث أبي محذورة بعد فتح مكة فقال : أليس قد رجع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة ، وأقر بلالا على أذان عبد الله ؛ ، ويعضده حديث أنس قال : أمر بلال أن يشفع الأذان ، ويوتر الإقامة متفق عليه . زاد [ ص: 317 ] البخاري إلا الإقامة ، وحديث ابن عمر قال : إنما كان الأذان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرتين ، والإقامة مرة مرة غير أنه يقول : قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة رواه أحمد ، وأبو داود ، وابن خزيمة ، وصححه .

فائدة : قوله الله أكبر أي : من كل شيء ، أو أكبر من أن ينسب إليه ما لا يليق بجلاله ، أو هو بمعنى كبير ، وقوله أشهد أي : أعلم ، وقوله : حي على الصلاة أي : أقبلوا إليها ، وقيل : أسرعوا ، والفلاح الفوز والبقاء ، لأن المصلي يدخل الجنة إن شاء الله فيبقى فيها ويخلد ، وقيل : هو الرشد والخير ، وطالبهما مفلح ، لأنه يصير إلى الفلاح ، ومعناه : هلموا إلى سبب ذلك ، وختم ( بلا إله إلا الله ) ليختم بالتوحيد ، وباسم الله تعالى كما بدأ به ، وشرعت المرة إشارة إلى وحدانية المعبود سبحانه .

( فإن رجع في الأذان أو ثنى الإقامة فلا بأس ) أي : هو جائز ، نص عليه في رواية حنبل ، فقال : أذان أبي محذورة أعجب إلي ، وعليه عمل أهل مكة إلى اليوم ، وهو يرجع فيعيد الشهادتين خفضا بصوت أرفع من الصوت الأول . عن أبي محذورة : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - علمه الأذان تسع عشرة كلمة رواه أحمد ، وأبو داود ، وصححه الترمذي ، وابن خزيمة ، وابن حبان .

والحكمة : أن يأتي بهما بتدبر وإخلاص ، لكونهما المنجيتين من الكفر المدخلتين في الإسلام ، وسمي بذلك ، لأنه رجع إلى الرفع بعد أن تركه ، أو إلى الشهادتين بعد [ ص: 318 ] ذكرهما ، والمراد بالخفض : أن يسمع من بقربه أو أهل المسجد إن كان واقفا ، والمسجد متوسط الخط ، والترجيع : اسم للمجموع من السر والعلانية ، وعنه : لا يعتبر الترجيع فيه ، وأجاب في " الشرح " أن النبي إنما أمر أبا محذورة بذكر الشهادتين سرا ليحصل الإخلاص بهما ، فإنه في الإسرار أبلغ ، وخص أبا محذورة بذلك ، لأنه لم يكن مقرا بهما حينئذ ، فإن في الخبر أنه كان مستهزئا يحكي أذان مؤذن النبي - صلى الله عليه وسلم - فسمعه ، فدعاه فأمره بالأذان ، وقصد نطقه بهما ليسلم بذلك ، وهذا لا يوجد في غيره ، بدليل أنه لم يأمر به بلالا ، ولا غيره ممن هو ثابت الإسلام ، ويعضده أن خبر أبي محذورة متروك بالإجماع ، لعدم عمل الشافعي به في الإقامة ، وأبي حنيفة في الأذان ، وعنه : هما سواء ، وقاله إسحاق لصحة الرواية بهما ، وأما تثنية الإقامة فهي كالأذان ، لأن في حديث عبد الله بن زيد أنه أقام مثل أذانه . رواه أبو داود ، ولا تكره تثنيتها .

التالي السابق


الخدمات العلمية