صفحة جزء
فصل

في تعليقه بالحلف

إذا قال : إن حلفت بطلاقك فأنت طالق ، ثم قال : أنت طالق إن قمت أو دخلت الدار - طلقت في الحال ، وإن قال : أنت طالق إن طلعت الشمس ، أو قدم الحاج ، فهل هو حلف ؛ فيه وجهان وإن قال : إن حلفت بطلاقك فأنت طالق ، أو قال : إن كلمتك فأنت طالق ، وأعاده مرة أخرى ، طلقت واحدة ، وإن أعاده ثلاثا ، طلقت ثلاثا ، وإن قال لامرأتيه : إن حلفت بطلاقكما فأنتما طالقتان ، وأعاده - طلقت كل واحدة طلقة ، وإن كانت إحداهما غير مدخول بها ، فأعاده بعد ذلك - لم تطلق واحدة منهم ، وإن قال لمدخول بهما : كلما حلفت بطلاق واحدة منكما فأنتما طالقتان ، وأعاده - طلقت كل واحدة طلقتين ، وإن قال : كلما حلفت بطلاق واحدة منكما فهي طالق ، أو فضرتها طالق ، وأعاده - طلقت كل واحدة طلقة ، وإن قال لإحداهما : إذا حلفت بطلاق ضرتك فأنت طالق ، ثم قال ذلك للأخرى - طلقت الأولى ، وإن أعاده للأولى طلقت الأخرى .


فصل

في تعليقه بالحلف

( إذا قال : إن حلفت بطلاقك فأنت طالق ، ثم قال : أنت طالق إن قمت أو دخلت الدار ) أو إن لم تدخلي الدار ، أو إن لم يكن هذا القول حقا ( طلقت في الحال ) ؛ لأنه حلف بطلاقها ، وكذا كل شرط فيه حث أو منع ، والأصح : أو تصديق خبر ، أو تكذيبه ، وعلم منه أن كل شرط ممكن الوجود ممكن العدم يقع به الطلاق ، واستثنى جماعة ثلاث صور أحدها : تعليقه على المشيئة ؛ لأن ذلك تمليك لا حلف ، الثاني : تعليقه على الحيض ؛ لأنه تعليق بدعة ، الثالث : تعليقه على الطهر ؛ لأنه طلاق سنة ، وأبى آخرون استثناءها ، ذكره الشيخ تقي الدين ، واختار العمل بعرف المتكلم ، وقصده في مسمى اليمين ، وأنه موجب أصول أحمد ونصوصه .

( وإن قال : أنت طالق إن طلعت الشمس ، أو قدم الحاج ، فهل هو حلف ؛ فيه وجهان ) أحدهما : لا تطلق حتى تطلع الشمس أو يقدم الحاج - قاله القاضي في " المحرر " واختاره ابن عقيل ، وقدمه في " المحرر " و " الفروع " ؛ لأن [ ص: 351 ] الحلف ما قصد به المنع من شيء أو الحث عليه ، وليس فيهما شيء من ذلك ، والثاني : أنه حلف ، قاله القاضي في " الجامع " وأبو الخطاب ، وقدمه السامري ؛ لأنه علق على شرط ، ويسمى حلفا عرفا ، فتعلق الحكم به ، كما لو قال : إن دخلت الدار ، فأنت طالق ؛ ولأن في الشرط معنى القسم من حيث كونه جملة غير مستقلة دون الجواب ، أشبه قوله : والله ، وبالله ، وتالله .

( وإن قال : إن حلفت بطلاقك فأنت طالق ، أو قال : إن كلمتك فأنت طالق ، وأعاده مرة أخرى ، طلقت واحدة ) ؛ لأنه حلف بطلاقها ، لكن لو قصد بإعادته إفهامها - لم يقع ، ذكره أصحابنا بخلاف ما لو أعاده من علقه بالكلام ، وأخطأ بعض أصحابنا وقال فيها كالأولى ، ذكره في " الفنون " .

( وإن أعاده ثلاثا ) أي غير المرة الأولى ( طلقت ثلاثا ) وحاصله : أنه إذا أعاده ثلاثا طلقت اثنتين ، وإن أعاده أربعا طلقت ثلاثا ؛ لأن كل مرة يوجد فيها شرط الطلاق ، وينعقد شرط لطلقة أخرى ، هذا إذا كانت مدخولا بها ، وإلا بانت بالأولة .

( وإن قال لامرأتيه : إن حلفت بطلاقكما فأنتما طالقتان ، وأعاده - طلقت كل واحدة طلقة ) ؛ لأن شرط طلاقهما الحلف بطلاقهما ، وقد وجد ، وإن أعاده ثلاثا طلقتا طلقتين ، وإن أعاده أربعا - فثلاث ؛ لوجود الشرط وهو الحلف .

( وإن كانت إحداهما غير مدخول بها ، وأعاده بعد ذلك - لم تطلق واحدة منهما ) ؛ لأن شرط طلاقهما الحلف بطلاقهما ، ولم يوجد ؛ لأن غير المدخول بها لا يصح الحلف بطلاقها ؛ لأنها بائن ، فإن جدد نكاح البائن ، ثم قال لها : إن كلمتك ، فأنت طالق ، فاختار المؤلف أنها لا تطلق ، وهو معنى كلامه في " الكافي " أنه لا يصح الحلف بطلاقها ؛ لأن الصفة لم تنعقد ؛ لأنها بائن ، وكذا جزم به في " الترغيب " [ ص: 352 ] أنه لا يصح التعليق بعد البينونة ، وإنما عللوا بذلك أن ما يقع به الطلاق به الصفة ، كمسألة الولادة في الأشهر ، وقيل : تطلقان ؛ لأنه صار بهذا حالفا بطلاقهما ، وقد حلف بطلاق المدخول بها بإعادة قوله ، فطلقتا حينئذ .

( وإن قال لمدخول بهما : كلما حلفت بطلاق واحدة منكما فأنتما طالقتان ، وأعاده ثانيا - طلقت كل واحدة طلقتين ) ؛ لأنه بإعادته حالف بطلاق كل واحدة منهما ، وهو شرط لطلاقهما ، وكلمة " كلما " للتكرار ، فيتكرر طلاقهما لتكرر عددهما .

( وإن قال : كلما حلفت بطلاق واحدة منكما فهي طالق ، أو فضرتها طالق ، وأعاده ، طلقت كل واحدة طلقة ) ؛ لأن حلفه بطلاق واحدة إنما اقتضى طلاقها وحدها ، وما حلف بطلاقها إلا مرة ، فتطلق واحدة ( وإن قال لإحداهما : إذا حلفت بطلاق ضرتك فأنت طالق ، ثم قال ذلك للأخرى - طلقت الأولى ) ؛ لأن التعليق حلف ، وقد علق طلاق ضرتها ، فتطلق الأولى ؛ لوجود شرط طلاقها ، وهو تعليق طلاق ضرتها ( وإن أعاده للأولى طلقت الأخرى ) ؛ لأن ذلك تعليق لطلاقها ، وكلما أعاده لامرأة ، طلقت الأخرى إلى أن يبلغ ثلاثا ، وإن كانت إحداهما غير مدخول بها ، فطلقت مرة - لم تطلق الأخرى ؛ لأنه ليس حلفا بطلاقها ؛ لكونها بائنا ، فلو قال : كلما حلفت بطلاقكما فإحداكما طالق ، وكرره ثلاثا أو أكثر - لم يقع شيء ، ذكره في " المحرر " و " الرعاية " و " الفروع " ؛ لأن هذا حلف طلاق واحدة ، ولم يوجد الحلف بطلاقهما ، وإن قال لمدخول بهما : كلما حلفت بطلاق واحدة منكما فإحداكما طالق ، ثم قاله ثانيا [ ص: 353 ] وقعت بإحداهما طلقة ، وتعين بقرعة ، ذكره الأصحاب .

مسائل : إذا قال : إن حلفت بطلاق زينب فنسائي طوالق ، ثم قال : إن حلفت بطلاق عمرة فنسائي طوالق ، وإن حلفت بطلاق حفصة فنسائي طوالق ، طلقت كل واحدة طلقتين ، فلو قال : كلما حلفت لطلاق واحدة منكن فأنتن طوالق ، ثم قال ذلك مرة ثانية - طلقن ثلاثا ثلاثا ، ولو كان مكان " كلما " " إن " وأعاده - طلقن واحدة واحدة ، وإن قال بعد ذلك لإحداهن : إن قمت فأنت طالق ، طلقت كل واحدة طلقة أخرى ، وإن قال : كلما حلفت بطلاقكن فأنتن طوالق ، ثم أعاد ذلك ، طلقت كل واحدة طلقة ، وإن قال بعد ذلك لإحداهن : إن قمت فأنت طالق ، لم تطلق واحدة منهن ، وإن قال ذلك للاثنتين الباقيتين ، طلق الجميع طلقة طلقة .

التالي السابق


الخدمات العلمية