صفحة جزء
وإن ارتجعها في عدتها ، وأشهد على رجعتها من حيث لا تعلم ، فاعتدت وتزوجت من أصابها - ردت إليه ، ولا يطؤها حتى تنقضي عدتها ، وعنه : أنها زوجة الثاني ، وإن لم تكن له بينة برجعتها لم تقبل دعواه لكن إن صدقه الزوج الثاني بانت منه ، وإن صدقته المرأة لم يقبل تصديقها ، ومتى بانت منه ، عادت إلى الأول بغير عقد جديد .


( وإن ارتجعها في عدتها ، وأشهد على رجعتها من حيث لا تعلم ، فاعتدت وتزوجت من أصابها - ردت إليه ) وحاصله : أن زوج الرجعية إذا راجعها من حيث لا تعلم ، صحت المراجعة ؛ لأنها لا تفتقر إلى رضاها ، فلم تفتقر إلى علمها كطلاقها ، فإذا راجعها ولم تعلم ، فانقضت عدتها وتزوجت ، ثم جاء وادعى أنه كان راجعها قبل انقضاء عدتها ، وأقام البينة على ذلك ، فهي زوجته ، وإن نكاح الثاني فاسد ؛ لأنه تزوج امرأة غيره ، وترد إلى الأول سواء دخل بها الثاني أو لا ، وهو قول أكثرهم ؛ لأنها رجعة صحيحة ، وتزوجت وهي زوجة الأول ، فلم يصح ، كما لو لم يطلقها ( ولا يطؤها حتى تنقضي عدتها ) من الثاني ؛ لأنها معتدة من غيره ، أشبه ما لو وطئت في أصل نكاحه ( وعنه : أنها زوجة الثاني ) إن دخل بها ، ويبطل نكاح الأول .

روي عن عمر ، وسعيد بن المسيب ، وغيرهما ؛ لأن كل واحد منهما عقد عليها ، وهي ممن يجوز له العقد عليها في الظاهر ، ومع الثاني مزية ، وجوابه ما سبق ، فإن لم يدخل الثاني بها فلا مهر ، وإن دخل فعليه مهر المثل ، ومقتضاه أنه إذا لم يدخل بها فإنها ترد إلى الأول بغير خلاف في المذهب ، وأنه إذا تزوجها مع علمه بالرجعة فالنكاح باطل ، وحكم العالم كالزاني في الحد وغيره .

( وإن لم تكن له بينة برجعتها لم تقبل دعواه ) ؛ لقوله - عليه السلام - : " لو يعطى الناس بدعواهم " الخبر ؛ ولأن الأصل عدم الرجعة ، فإذا اعترفا له بها [ ص: 398 ] كان كإقامة البينة بها في أنها ترد إليه ( لكن إن صدقه الزوج الثاني بانت منه ) ؛ لأنه اعترف بفساد نكاحه ، فتبين منه ، وعليه مهرها إن كان دخل بها ، أو نصفه ، ولا تسلم إلى المدعي ؛ لأن قول الزوج الثاني لا يقبل عليها ، وإنما يقبل في حقه ، ويقبل قولها ، وفي اليمين وجهان ، وصحح في " المغني " أنها لا تستحلف ؛ لأنها لو أقرت لم يقبل .

( وإن صدقته المرأة لم يقبل تصديقها ) على الزوج إذا أنكر ، وإنما يقبل على نفسها في حقها ، ولا يستحلف الزوج الثاني في وجه ، اختاره القاضي ؛ لأنه دعوى في النكاح ، والثاني : بلى ، وهو قول الخرقي ؛ للعموم ، وعلى هذا يمينه على نفي العلم ؛ لأنه على نفي فعل الغير ( ومتى بانت منه ) بموت ، أو طلاق ، أو فسخ ( عادت إلى الأول بغير عقد جديد ) ؛ لأن المنع من ردها إنما كان لحق الثاني ، كما لو شهد بحرية عبد ، ثم اشتراه ، فإنه يعتق عليه ، ولا يلزمها مهر الأول إن صدقته في الأصح ، وفي " الواضح " : إن صدقته لم يقبل ، إلا أنه يحال بينهما ، وقال القاضي : له عليها المهر ؛ لأنها أقرت أنها حالت بينه وبين نصفها بغير حق ، أشبه شهود الطلاق إذا رجعوا ، ولنا أن ملكها قد استقر على المهر ، فلم يرجع به عليها كما لو ارتدت أو أسلمت ، ويلزمها للثاني مهرها أو نصفه ، وهل يؤمر بطلاقها ؛ فيه روايتان ، فإن مات الأول ، وهي في نكاح الثاني - ورثته ؛ لإقراره بزوجيتها وتصديقها له ، وإن ماتت لم يرثها ؛ لأنها لا تصدق في إبطال نكاحه ، وإن مات الثاني لم ترثه ؛ لأنها تنكر صحة نكاحه ، فتنكر [ ص: 399 ] ميراثه ، وإن ماتت ورثها ؛ لأنه زوجها في الحكم ، من إباحة النظر ، والوطء ، وكذا في الميراث .

فرع : إذا تزوجت الرجعية في عدتها ، وحملت من الثاني ، انقطعت عدة الأول ، فإذا وضعت ، أتمت عدة الأول ، وله رجعتها في هذا التمام وجها واحدا ، وإن راجعها قبل الوضع صحت ؛ لأن الرجعة باقية ، وإنما انقطعت لعارض ، كما لو وطئت في صلب نكاحه ، وقيل : لا ؛ لأنها في عدة غيره ، والأول أولى ، فعلى الثاني لو حملت حملا يمكن أن يكون منهما ، وراجعها في هذا الحمل ، ثم بان أنه من الثاني - لم يصح ، وإن بان من الأول ، صحت على أصح الاحتمالين .

التالي السابق


الخدمات العلمية