صفحة جزء
ولا يصح الأذان إلا مرتبا متواليا ، فإن نكسه ، أو فرق بينه بسكوت طويل أو كلام كثير أو محرم لم يعتد به ،


( ولا يصح الأذان إلا مرتبا ) لأنه ذكر متعبد به فلا يجوز الإخلال بنظمه ، كأركان الصلاة ( متواليا ) عرفا ، لأنه لا يحصل المقصود منه وهو الإعلام بدخول الوقت بغير موالاة ، وشرع في الأصل كذلك ، بدليل أنه عليه السلام علمه أبا محذورة مرتبا متواليا ( فإن نكسه ) لم يصح لما ذكرنا ( أو فرق بينه بسكوت طويل أو كلام كثير أو محرم لم يعتد به ) إذا طال التفريق بين جمله ، إما بالسكوت الطويل أو الكلام المباح الكثير ، بطل ، لإخلاله بالموالاة المشترطة ، ومثله نوم كثير أو إغماء أو جنون ، وظاهره أن السكوت المباح اليسير لا يبطلانه ، بل هو جائز ، لأن سليمان بن صرد - وله صحبة - كان [ ص: 324 ] يأمر غلامه بالحاجة في أذانه ، وكرد السلام ، ولكن يكره ذلك إذا كان لغير حاجة ، فإن كان التفريق بالمحرم كالسب ، والقذف ، لم يعتد به ، لأنه فعل يخرجه عن أهلية الأذان ، كالردة ، وظاهره وإن كان يسيرا ، وجزم به في " المحرر " و " الوجيز " وعلله المجد بأنه قد يظن سامعه متلاعبا ، أشبه المستهزئ ، وعلله المؤلف بأنه محرم فيه ، زاد بعضهم : كالردة ، فدل أن كل محرم سواء ، والثاني : يعتد به ، لأنه لم يخل بالمقصود ، أشبه المباح ، وظاهره أنه إذا ارتد بعد فراغه أنه لا يبطل ، وهو الصحيح ، بخلاف الطهارة فإن حكمها باق ، وقال القاضي : يبطل قياسا عليها ، وحكم الإقامة كذلك قال أبو داود : قلت لأحمد : الرجل يتكلم في أذانه ؛ قال : نعم ، قلت له : يتكلم في الإقامة ، قال : لا ، ولأنه يستحب حدرها ، ويعتبر معها النية ، واتحاد المؤذن ، فلو أتى واحد ببعضه ، وآخر ببقيته لم تصح كالصلاة .

مسألة : لا تعتبر موالاة بين الإقامة ، والصلاة إذا أقام عند إرادة الدخول في الصلاة ، ويجوز الكلام بينهما ، وكذا بعد الإقامة قبل الدخول فيها ، روي عن عمر رضي الله عنه .

التالي السابق


الخدمات العلمية