صفحة جزء
ويشترط له شروط أربعة : أحدها : الحلف على ترك الوطء في القبل ، فإن تركه بغير يمين لم يكن مؤليا ، لكن إن تركه مضرا بها من غير عذر ، فهل تضرب له مدة الإيلاء ، ويحكم بحكمه ؛ على روايتين ، وإن حلف على ترك الوطء في الدبر ، أو دون الفرج لم يكن مؤليا . وإن حلف ألا يجامعها إلا جماع سوء ، يريد جماعا ضعيفا ، ولا يزيد على التقاء الختانين لم يكن مؤليا ، وإن أراد به الوطء في الدبر ، أو دون الفرج صار مؤليا . وإذا حلف على ترك الوطء في الفرج بلفظ لا يحتمل غيره كلفظه الصريح ، وقوله : لا أدخلت ذكري في فرجك وللبكر خاصة لا اقتضضتك . لم يدين فيه ، وإن قال : والله لا وطئتك ، أو لا جامعتك ، أو لا باضعتك ، أو لا باشرتك ، أو لا باعلتك ، أو لا قربتك ، أو لا مسستك ، أو لا أتيتك ، أو لا اغتسلت منك ، فهو صريح في الحكم ويدين فيما بينه وبين الله تعالى . وسائر الألفاظ لا يكون مؤليا فيها إلا بالنية .


( ويشترط له شروط أربعة أحدها الحلف على ترك الوطء في القبل ) لأنه الذي يحصل به الضرر ، ويجب على الزوج فعله ، ويضر الزوجة فقده . ( فإن تركه بغير يمين لم يكن مؤليا ) لأن الإيلاء هو الحلف ، ولم يوجد ( لكن إن تركه مضرا بها من غير عذر فهل تضرب له مدة الإيلاء ، ويحكم بحكمه على روايتين ) ، أشهرهما نعم ; لأنه تارك لوطئها ضرارا بها أشبه المؤلي ، ولأن ما لا يجب إذا لم يحلف لا يجب إذا حلف على تركه كالزيادة على الواجب . وثبوت حكم الإيلاء له لا يمنع من قياس غيره عليه إذا كان في معناه كسائر الأحكام الثابتة بالقياس .

الثانية : لا تضرب له مدة ; لأنه ليس بمؤل فلا يثبت له حكمه كما لو تركه لعذر ، ولأن تخصيص الإيلاء بحكم يدل على أنه لا يثبت بدونه ، وكذا حكم من ظاهر ، ولم يكفر ، وقصد الإضرار بها .

( وإن حلف على ترك الوطء في الدبر ، أو دون الفرج لم يكن مؤليا ) أما أولا فإنه لم يترك الوطء الواجب عليه ، ولا تتضرر المرأة بتركه ; لأنه وطء محرم ، وقد أكد منع نفسه منه بيمينه ، وأما ثانيا فلأنه لم يحلف على [ ص: 5 ] الوطء الذي يطالب به في الفيئة ، ولا ضرر على المرأة في تركه .

( وإن حلف ألا يجامعها إلا جماع سوء ، يريد جماعا ضعيفا ، ولا يزيد على التقاء الختانين لم يكن مؤليا ) لأن الضعيف كالقوي في الحكم . وإن قال : أردت وطئا لا أبلغ التقاء الختانين ، فهو مؤل ; لأنه لا يمكنه الوطء الواجب عليه في الفيئة بغير حنث . وإن لم يكن له نية فليس بمؤل ; لأنه محتمل . وإن قال : والله لا جامعتك جماع سوء . لم يكن مؤليا بحال ; لأنه لم يحلف على ترك الوطء ، إنما حلف على ترك صفته المكروهة . ( وإن أراد به الوطء في الدبر ، أو دون الفرج صار مؤليا ) لأنه حالف على ترك الوطء في القبل ; لأن حلفه أن لا يجامعها ، يشتمل المجامعة في الفرج ، فإذا قصد بالاستثناء الوطء في الدبر ، أو دون الفرج بقي الوطء في الفرج تحت الحلف ، ولم يتعرض المؤلف إلى اليمين إذا خلت عن الإرادة . وفي " المغني " أنه ليس بإيلاء ; لأنه مجمل ، فلا يتعين لكونه مؤليا به .

( وإذا حلف على ترك الوطء في الفرج بلفظ لا يحتمل غيره كلفظه الصريح ) نحو لا أنيكك ( وقوله : لا أدخلت ذكري في فرجك ) أو لا أغيب ، أو أولج ذكري في فرجك ; لأنه محصل معناه . ( وللبكر خاصة لا اقتضضتك ) هو بالقاف ، والتاء المثناة من فوق . واقتضاض البكر وافتراعها بالفاء بمعنى ، وهو وطؤها وإزالة بكارتها بالذكر مأخوذ من قضضت اللؤلؤة إذا ثقبتها ، ومثله ما ذكر في " المستوعب " و " الرعاية " لا أبتني بك ، زاد في " الرعاية " [ ص: 6 ] من العربي ( لم يدين فيه ) لأنه لا يحتمل غير الإيلاء ، ومثله لا أدخلت حشفتي في فرجك ; لأن الفيئة لا تحصل بدون ذلك ، بخلاف لا أدخلت كل ذكري في فرجك .

( وإن قال : والله لا وطئتك ، أو لا جامعتك ، أو لا باضعتك ، أو لا باشرتك ، أو لا باعلتك ، أو لا قربتك ، أو لا مسستك ) هو بكسر السين الأولى وفتحها لغة ، أي : لا وطئتك ( أو لا أتيتك ، أو لا اغتسلت منك ، فهو صريح في الحكم ) لأنها تستعمل في الوطء عرفا ، زاد في " الكافي " ، و " الشرح " : ولا أصبتك ، زاد جماعة : ولا افترشتك ، والمنصوص : ولا غشيتك . والأصح : لا أفضيت إليك ; لأن الكتاب والسنة ورد ببعضها كقوله تعالى ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن [ البقرة : 222 ] ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد [ البقرة : 187 ] و من قبل أن تمسوهن [ البقرة : 237 ] ، وأما الوطء ، والجماع فهما أشهر الألفاظ في الاستعمال ، والباقي قياسا عليها ، فلو قال : أردت بالوطء الوطء بالقدم ، وبالجماع اجتماع الأجسام ، وبالإصابة الإصابة باليد ، وبالمباضعة التقاء بضعة من البدن بالبضعة منه ، وبالمباشرة مس المباشرة ، وبالمباعلة الملاعبة والاستمتاع دون الفرج ، وبالمقاربة ويريد قرب بدنه منها ، والمماسة ويريد بها مس بدنها ، وبالإتيان ويراد به المجيء ، وبالاغتسال ويريد به الاغتسال من الإنزال عن مباشرة من قبلة ، أو جماع دون الفرج . ( ويدين فيما بينه وبين الله تعالى ) مع عدم قرينة على المذهب ; لأن صدقه غير ممتنع ، ولم يقبل في الحكم ; لأنه خلاف الظاهر والعرف . وفي [ ص: 7 ] " الانتصار " : لمستم ظاهر في الجس باليد ، ولامستم ظاهر في الجماع ، فيحمل الأمر عليهما ; لأن القراءتين كالآيتين ، وظاهر نقل عبد الله في " لا اغتسلت منك " أنه كناية تقف على نية ، أو قرينة .

( وسائر الألفاظ ) أي : باقيها ، وهي الكناية ( لا يكون مؤليا فيها إلا بالنية ) لأنها ليست بصريح في الجماع ، ولا ظاهر فافتقرت إلى النية ككنايات الطلاق . وفي " الرعاية " و " الفروع " : أو القرينة كقوله : والله لا جمعتنا مخدة ، ولا اجتمعنا تحت سقف لأضاجعك ، لا دخلت عليك ، لا دخلت علي ، لا مس جلدي جلدك ، ونحوه ، وتكفي نية ترك الوطء فيها إلا في قوله : ليطولن تركي لجماعك ، فتكفي نية المدة . وتعتبر نية الوطء والمدة في قوله : لتطولن غيبتي عنك .

التالي السابق


الخدمات العلمية