صفحة جزء
فصل الشرط الثاني : أن يحلف في الرضا ، والغضب بالله تعالى ، أو صفة من صفاته ، فإن حلف بنذر ، أو عتق ، أو طلاق لم يصر مؤليا في الظاهر عنه . وعنه يكون مؤليا ، وإن قال : إن وطئتك فأنت زانية ، أو فلله علي صوم هذا الشهر لم يكن مؤليا .


فصل

( الشرط الثاني أن يحلف في الرضا ، والغضب بالله تعالى ، أو صفة من صفاته ) لا خلاف أن الحلف بذلك إيلاء ، وعن ابن عباس في قوله تعالى : للذين يؤلون من نسائهم [ البقرة : 226 ] ، أي : يحلفون بالله تعالى ، يؤيده قوله تعالى : فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم [ البقرة : 22 ] ; لأن الغفران ، إنما يدخل في اليمين بالله تعالى . ( فإن حلف بنذر ، أو عتق ، أو طلاق ) أو صدقة مال ، أو الحج ، أو الظهار ( لم يصر مؤليا في الظاهر عنه ) . واختاره [ ص: 8 ] الخرقي ، والقاضي وأصحابه ، قال في " المستوعب " : هو المشهور في المذهب لقوله تعالى : فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم [ البقرة : 226 ] . والمغفرة إنما تكون في الحنث في اليمين بالله ، بخلاف الطلاق وغيره ، ولأنه لم يحلف بالله تعالى ، أشبه ما لو حلف بالكعبة . ولأن التعليق بشرط ، ولهذا لا يؤتى فيه بحرف القسم ، ولا يجاب بجوابه ، ولا ذكره أهل العربية في باب القسم ، وإنما يسمى حلفا تجوزا لمشاركته القسم في الحث على الفعل ، أو المنع منه . ( وعنه يكون مؤليا ) لقول ابن عباس : كل يمين منعت جماع المرأة فهي إيلاء . وقاله الشعبي والنخعي والأكثر ; لأنها يمين منعت جماعا ، فكانت إيلاء كالحلف بالله . وعنه : بيمين مكفرة كنذر وظهار اختاره أبو بكر . وعنه : وبعتق وطلاق بأن يحلف بهما لنفعهما ، أو على رواية : تركه ضرارا ليس كمؤل . اختاره الشيخ تقي الدين وألزم عليه كونه يمينا مكفرة ، يدخلها الاستثناء . والحق أنه إذا استثنى في يمين مكفرة لا يكون مؤليا ; لأنه لا يلزمه كفارة بالحنث ، فلم يكن الحنث موجبا لحق عليه وخرج على الأول أن الحلف بغير الله وصفته لغو .

فرع : إذا علق طلاق غير مدخول بها بوطئها ، فروايتان ، فلو وطئها ، وقع رجعيا ، وهما في " إن وطئتك فضرتك طالق " ، فإن صح إيلاء فأبان الضرة انقطع ، فإن نكحها ، وقلنا : تعود الصفة - عاد الإيلاء ، وتبنى على المدة .

( وإن قال : إن وطئتك فأنت زانية ، أو فلله علي صوم هذا الشهر [ ص: 9 ] لم يكن مؤليا ) لا يختلف المذهب فيه . أما أولا فلأنه لا يصح تعليق القذف بشرط ، فلا يلزمه بالوطء حق فلا يكون مؤليا ، وأما ثانيا فلأنه إذا قال : إن وطئتك فلله علي صوم أمس ، أو صوم هذا الشهر ، لم يصح ; لأنه يصير عند وجوب الفيئة ماضيا ، ولا يصح نذر الماضي ، فلو قال : إن وطئتك فلله علي صوم الشهر الذي أطؤك فيه فكذلك ، فإذا وطئ صام بقيته ، وفي قضاء يوم وطئ فيه وجهان . ومثله : والله لا وطئتك في هذا البلد ، أو مخضوبة . نص عليه ، أو حتى تصومي نفلا ، أو تقومي ، أو بإذن زيد فيموت زيد .

فرع : إذا قال : إن وطئتك فعبدي حر عن ظهاري ، وكان ظاهر فوطئ - عتق بالظهار وإلا فليس بمؤل ، فلو وطئ لم يعتق في الأصح ، فلو قال : إن وطئتك ، فهو حر قبله بشهر ، فابتداء المدة بعد مضيه ، فلو وطئ في الأول لم يعتق ، والمطالبة في شهر سادس .

التالي السابق


الخدمات العلمية