صفحة جزء
فصل الشرط الرابع : أن يكون من زوج يمكنه الجماع وتلزمه الكفارة بالحنث مسلما كان أو كافرا ، حرا أو عبدا ، سليما أو خصيا أو مريضا يرجى برؤه ، فأما العاجز عن الوطء بجب ، أو شلل ، فلا يصح إيلاؤه . ويحتمل أن يصح ، وفيئته أن يقول : لو قدرت لجامعتك . ولا يصح إيلاء الصبي والمجنون . وفي إيلاء السكران وجهان . ومدة الإيلاء في الأحرار ، والرقيق سواء . وعنه : في العبد أنها على النصف ، ولا حق لسيد الأمة في طلب الفيئة ، والعفو عنها ، وإنما ذلك إليها .


فصل

( الشرط الرابع أن يكون من زوج ) نص عليه بشرط أن يكون مكلفا [ ص: 19 ] للآية ، ولأن غير الزوج موطوءته أمته ، والأمة لا حق لها في الوطء كالأجنبية . والذمي كالمسلم إذا ترافعوا إلينا في قول أكثرهم ، فإن أسلم لم ينقطع إيلاؤه ، ويتخرج : وأجنبي كلزومه الكفارة . ( يمكنه الجماع ) لأنه إذا لم يمكنه الجماع كالمجبوب فيمينه يمين على مستحيل ، فلم ينعقد . كما لو حلف ليقلب الحجر ذهبا . ولأن الإيلاء اليمين المانعة من الجماع ، ويمين من شأنه ما ذكر لا يمنعه ، بل فعل ذلك متعذر منه . ( وتلزمه ) أي : الزوج ( الكفارة بالحنث ) لأنه إذا كان صبيا ، أو مجنونا ، فلا يعتبر قوله ، ولا يمينه ضرورة عدم الأهلية . ( مسلما كان ، أو كافرا ، حرا ، أو عبدا ، سليما ، أو خصيا ، أو مريضا يرجى برؤه ) أو مرضوضا ، أو مجبوبا بقي من ذكره ما يمكنه الجماع به . وكذا إن كان لعارض مرجو الزوال كحبس ونحوه ; لأنه قادر على الوطء فصح منه الامتناع منه . وعنه : أو لا كرتق . اختاره القاضي وأصحابه . ( فأما العاجز عن الوطء بجب ، أو شلل ، فلا يصح إيلاؤه ) لأن من شرطه إمكان الجماع ، وهو معدوم ، وكذا إن كان لعارض غير مرجو الزوال ; لأنه حلف على ترك مستحيل ، فلم يصح كالحلف على ترك الطيران . ( ويحتمل أن يصح ) لمرض مرجو الزوال ، والأولى أولى . وعليه لو حلف ، ثم جب ففي بطلانه وجهان . قاله في الترغيب ( وفيئته أن يقول : لو قدرت لجامعتك ) لأنه يقدر على أكثر منه ، وعنه : فيئة كل معذور فئت إليك ، ولا حنث بفيئة اللسان .

( ولا يصح إيلاء الصبي ، والمجنون ) لرفع القلم عنهما . والمذهب صحة إيلاء المميز [ ص: 20 ] لأنه يصح طلاقه ( وفي إيلاء السكران وجهان ) بناء على طلاقه ، والأشهر صحته .

( ومدة الإيلاء في الأحرار ، والرقيق سواء ) في ظاهر المذهب ونصره في " الشرح " لعموم النص ، ولأنها مدة ضربت للوطء أشبهت مدة العنة ، ( وعنه : أنها في العبد على النصف ) . نقل أبو طالب أن أحمد رجع إليه ، وأنه قول التابعين كلهم إلا الزهري وحده واختاره أبو بكر كالطلاق ، والنكاح ، ولأن مدة الإيلاء ثبت ابتداؤها بقول الزوج ، فوجب أن تختلف كمدة العدة وظاهرها ما سبق أنه لا يشترط لصحته الغضب ولا قصد الإضرار . وقاله ابن مسعود وأهل العراق . وقال ابن عباس : إنما الإيلاء في الغضب ( ولا حق لسيد الأمة في طلب الفيئة ، والعفو عنها ، وإنما ذلك إليها ) . وجملة ذلك أن الحرة ، والأمة سواء في استحقاق المطالبة ، عفا السيد أو لا ; لأن الحق لها لكون الاستمتاع يحصل لها . فإن تركت المطالبة لم يكن لمولاها المطالبة به ; لأنه لا حق له . لا يقال : حقه في الولد ; لأنه لا يعزل عنها إلا بإذنه ; لأنه لا يستحق على الزوج استيلاد المرأة بدليل أنه لو حلف ليعزلن عنها أو لا يستولدها - لم يكن مؤليا .

التالي السابق


الخدمات العلمية