صفحة جزء
ولا يجوز إلا بعد دخول الوقت ، إلا الفجر ، فإنه يؤذن لها بعد نصف الليل ، ويستحب أن يجلس بعد أذان المغرب جلسة خفيفة ، ثم يقيم ،


( ولا يجوز ) أي : لا يصح ( إلا بعد دخول الوقت ) لما روى مالك بن الحويرث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم ، وليؤمكم أكبركم متفق عليه . ولأنه شرع للإمام بدخول الوقت ، وهو حث على الصلاة ، فلم يصح في وقت لا تصح فيه كالإقامة ، وفي " الرعاية " رواية بالكراهة ، وفيه نظر للإجماع على خلافها ، والمستحب أن يكون في أول الوقت ، لفعل بلال [ ص: 325 ] رواه ابن ماجه ، وظاهره أنه يجوز مطلقا ما دام الوقت باقيا ، والمنع منه فيما بعده ، ويتوجه بسقوط مشروعيته بفعل الصلاة ( إلا الفجر ) فإنه يجوز قبل الوقت ، نص عليه ، وصححه جماعة لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - :إن بلالا يؤذن بليل ، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم متفق عليه . زاد البخاري : وكان لا ينادي حتى يقال له : أصبحت أصبحت ولأن وقتها يدخل على الناس ، وفيهم الجنب والنائم ، فاستحب تقديم أذانه حتى يتهيئوا لها فيدركوا فضيلة أول الوقت ، وذكر في " المغني " و " الشرح " أنه لا يجوز أن يتقدم على الوقت كثيرا لما في الصحيح من حديثعائشة ، قال القاسم : ولم يكن بين أذانهما إلا أن ينزل ذا ، ويرقى ذا ، قال البيهقي : مجموع ما روي في تقديم الأذان قبل الفجر إنما هو بزمن يسير ، وأما ما يفعل في زماننا من الأذان للفجر من الثلث الأخير ، فخلاف السنة إن سلم جوازه ، وفيه نظر ، وعنه : لا يصح قبل الوقت لها كغيرها ، ثم نبه على وقت الجواز فقال : ( فإنه يؤذن لها بعد نصف الليل ) كذا في " المحرر " و " الوجيز " لأن معظمه قد ذهب ، وقرب الأذان ، وبذلك يخرج وقت العشاء المختار ، ويدخل وقت الدفع من مزدلفة ، ورمي جمرة العقبة ، روى الأثرم قال : كان مؤذن دمشق يؤذن لصلاة الصبح في السحر بمقدار ما يسير الراكب ستة أميال فلا ينكره ، وقيده في " الكافي " و " الشرح " بأن يجعله في وقت واحد في الليالي كلها فلا يتقدم ولا يتأخر لئلا يغر الناس ، وظاهره الاعتداد به ، وأنه لا فرق فيه بين رمضان ، وغيره ، وصححه في " الشرح " في حق من عرف له عادة بالأذان فيه ، واختاره جماعة ، وعليه العمل ، لكن نص أحمد ، وجزم [ ص: 326 ] به في " الوجيز " أنه يكره قبل الفجر فيه لئلا يغر الناس فيتركوا سحورهم ، ويستحب لمن أذن قبله أن يكون معه من يؤذن في الوقت للخبر ، واشترطه طائفة من علماء الحديث ، وألحق الشيرازي الجمعة به ، فأجازه قبل الوقت ليدركها من بعد منزله ، واستثنى ابن عبدوس مع الفجر الصلاة المجموعة ، وفيه نظر ، لأن وقتهما كالواحد ( ويستحب أن يجلس بعد أذان المغرب جلسة خفيفة ثم يقيم ) كذا في " الوجيز " لما روى تمام في فوائده بإسناده عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : جلوس المؤذن بين الأذان والإقامة في المغرب سنة وقيده في " المحرر " وغيره بقدر ركعتين ، قال بعضهم : خفيفتين ، وقيل : والوضوء ، وقد روى جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لبلال : اجعل بين أذانك وإقامتك قدر ما يخلو الآكل من أكله ، والشارب من شربه ، والمعتصر إذا دخل لقضاء حاجتهرواه أبو داود ، والترمذي ، وقيل : بقدر الوضوء والسعي ، وفي " التبصرة " بقدر حاجته ، ووضوئه ، وصلاة ركعتين ، وهذا كله إذا سن تعجيلها ، ولأن الأذان شرع للإعلام ، فيسن تأخير الإقامة للإدراك ، كما يستحب تأخيرها في غيرها ، وكذا كل صلاة فيسن تقديمها لعموم النص ، وظاهره أنه لا تستحب الركعتان قبلها في الظاهر عنه ، ولا يكره فعلهما قبلها في المنصوص ، وعنه : يسن للحديث الصحيح ، وعنه : بين كل أذانين صلاة ، قاله ابن هبيرة في غير المغرب .

التالي السابق


الخدمات العلمية