صفحة جزء
فصل الشرط الثاني : أن يقذفها بالزنا فيقول : زنيت ، أو يا زانية ، أو رأيتك تزنين سواء قذفها بزنا في القبل ، أو الدبر . وإن قال : وطئت بشبهة ، أو مكرهة فلا لعان بينهما . وعنه : إن كان ثم ولد لاعن لنفيه وإلا فلا . وإن قال : لم تزن ، ولكن ليس هذا الولد مني ، فهو ولده في الحكم ولا لعان بينهما . وإن قال ذلك بعد أن أبانها فشهدت امرأة مرضية أنه ولد على فراشه لحقه نسبه . وإن ولدت توءمين فأقر بأحدهما ونفى الآخر لحقه نسبهما ويلاعن لنفي الحد . وقال القاضي : يحد .


فصل

( الشرط الثاني : أن يقذفها بالزنا ) لأن كل قذف يجب به الحد . وسواء في ذلك الأعمى ، والبصير . نص عليه . وقال أبو الزناد : لا يكون اللعان إلا بأحد أمرين إما رؤية وإما إنكار الحمل ; لأن آية اللعان نزلت في هلال بن أمية ، وكان قال : رأيت بعيني وسمعت بأذني . وجوابه : عموم الآية . والأخذ بعموم اللفظ أولى من خصوص السبب . ( فيقول : زنيت ، أو يا زانية ، أو رأيتك تزنين ) هذا بيان لمعنى القذف ، فإن قال : يا زانية ، فقالت : بل أنت زان ، فله اللعان وتحد هي لقذفه . فإن قال زنى بك زيد في الدار فلا ، ( سواء قذفها بزنا في القبل ) وهو ظاهر ( أو الدبر ) لأنه قذفها بزنا في الفرج فوجب أن يكون حكمه كالقبل . وعلم منه أنه إذا قذفها بالوطء دون الفرج ، أو بشيء من الفواحش غير الزنا فلا حد ، ولا لعان كما لو قذفها بضرب الناس ، أو أذاهم . ( وإن قال : وطئت بشبهة ، أو مكرهة ) أو مع نوم ، أو إغماء ، أو جنون لزمه الولد . ( فلا لعان بينهما ) . اختاره الخرقي ، والمؤلف ، وجزم به في " الوجيز " ; لأنه لم يقذفها بما يوجب الحد . ( وعنه : إن كان ثم ولد لاعن لنفيه ) اختاره الأكثر فينتفي بلعانه وحده ; لأنه يحتاج إليه . وفي " المحرر " روايتان منصوصتان ، ثم قال عن الثانية : وهي أصح عندي ، ( وإلا فلا ، وإن قال : لم تزن ، ولكن ليس هذا الولد مني ، فهو ولده في الحكم ) ، لقوله عليه السلام [ ص: 87 ] الولد للفراش . ( ولا لعان بينهما ) ، لأن هذا ليس بقذف بظاهره لاحتمال أنه يريد أنه من زوج آخر ، أو من وطء شبهة ، أو غير ذلك . وإن قال : ما ولدته ، وإنما التقطته أو استعارته فقالت : بل هو ولدي منك - لم يقبل قولها إلا ببينة ، وهو قول أكثر العلماء ، فعلى هذا لا يلحقه الولد إلا أن تقيم بينة ، وهي امرأة مرضية تشهد بولادتها له ، وقيل : يقبل قولها فيلحقه النسب . وهل له نفيه باللعان ؛ فيه وجهان ( وإن قال ذلك بعد أن أبانها فشهدت امرأة مرضية أنه ولد على فراشه لحقه نسبه ) لأن شهادتها بالولادة مقبولة ; لأنها مما لا يطلع عليه الرجال . ( وإن ولدت توءمين فأقر بأحدهما ونفى الآخر لحقه نسبهما ) أي : إذا ولدت توءمين وبينهما أقل من ستة أشهر ; لأنه حمل واحد ، فلا يجوز أن يكون بعضه منه وبعضه من غيره ; لأن النسب يحتاط لإثباته ، لا لنفيه . فإن قلت : لم لم يحكم بنفي ما أقر به تبعا للذي نفاه ؛ قلت : ثبوت النسب مبني على التغليب ، وهو يثبت بمجرد الإمكان ، وإن لم يثبت الوطء ، ولا ينتفي لإمكان النفي فافترقا . ( ويلاعن لنفي الحد ) لأن اللعان تارة يراد لنفي الولد وتارة لإسقاط الحد ، فإذا تعذر نفي الولد لما سبق بقي اللعان لإسقاط الحد . ( وقال القاضي : يحد ) ولا يملك إسقاطه باللعان ; لأنه باستلحاقه اعترف بكذبه في قذفه ، فلم يسمع إنكاره بعد ذلك ، فإن ماتا معا ، أو أحدهما فله أن يلاعن لنفي نسبهما . وقال بعض العلماء : يلزمه نسب الحي ، ولا يلاعن إلا لنفي الحد ، ولأنه بالموت انقطع نسبه كموت أمه . وجوابه : أن الميت ينسب إليه فيقال ابن فلان ، ويلزمه تجهيزه وتكفينه .

التالي السابق


الخدمات العلمية