صفحة جزء
[ ص: 88 ] فصل الثالث : أن تكذبه الزوجة ويستمر ذلك إلى انقضاء اللعان ، فإن صدقته ، أو سكتت لحقه النسب ولا لعان في قياس المذهب . وإن مات أحدهما قبل اللعان ورثه صاحبه ولحقه نسب الولد ولا لعان . وإن مات الولد فله لعانها ونفيه . وإن لاعن ونكلت الزوجة عن اللعان خلي سبيلها ولحقه الولد ذكره الخرقي . وعن أحمد أنها تحبس حتى تقر ، أو تلاعن . ولا يعرض للزوج حتى تطالبه الزوجة ، فإن أراد اللعان من غير طلبها ، فإن كان بينهما ولد يريد نفيه فله ذلك وإلا فلا .


فصل

( الثالث أن تكذبه الزوجة ويستمر ذلك إلى انقضاء اللعان ) لأنه لا يتم إلا أن يوجد من الزوجين ، فإذا أقرت المرأة بالزنا تعذر اللعان منهما ; لأن الإنسان لا يستحلف على ما أقر به ، ( فإن صدقته ) مرة ، أو أكثر ( أو سكتت ) أو عفت عنه ، أو ثبت زناها بأربعة سواه ، أو قذف مجنونة بزنا قبله ، أو محصنة فجنت ، أو ناطقة فخرست ، نقل ابن منصور : أو صماء ( لحقه النسب ) ، لأن الولد للفراش ، وإنما ينتفي عنه اللعان ، ولم يوجد شرطه . ( ولا لعان في قياس المذهب ) ونص عليه ; لأن اللعان كالبينة ، وهي لا تقام مع الإقرار . ثم إن كان تصديقها له قبل لعانه ، فلا لعان ; لأن اللعان كالبينة ، إنما تقام مع الإنكار ، وإن كان بعد لعانه لم تلاعن هي ; لأنها لا تحلف مع الإقرار . وحكمها كما لو امتنعت من غير إقرار ، وإن أقرت أربعا وجب الحد ، ولا لعان إذا لم يكن ثم نسب ينفى ، وإن رجعت سقط الحد عنها بغير خلاف علمناه ; لأن الرجوع عن الإقرار بالحد مقبول ، ولا لعان بينهما ، لا للحد لتصديقها إياه ، ولا لنفي النسب ; لأن نفي الولد إنما يكون بلعانهما معا ، وقد تعذر منهما . ( وإن مات أحدهما قبل اللعان ) أو قبل تتمته فقد مات على الزوجية ; لأن الفرقة لا تحصل إلا بكمال اللعان . ( ورثه صاحبه ولحقه نسب الولد ) ، نص عليه ; لأن النكاح إنما يقطعه اللعان كالطلاق . وقيل : ينتفي بلعانه وحده مطلقا كدرء حد . والأول المذهب ; لأن الشرع إنما رتب الأحكام على اللعان التام . [ ص: 89 ] والحكم لا يثبت قبل إكمال سببه ، فإن ماتت بعد طلبها للحد قام وارثها مقامها . ( ولا لعان ) لأن شرطه مطالبة الزوجة ، وقد تعذر بموتها . ( وإن مات الولد فله لعانها ونفيه ) ، لأن شروط اللعان تتحقق بدون الولد ، فلا ينتفي بموته ; لأنه ينسب إليه .

( وإن لاعن ونكلت الزوجة عن اللعان خلي سبيلها ولحقه الولد . ذكره الخرقي ) وأبو بكر . قال ابن حمدان : وهي الأصح وجزم بها في " الوجيز " : لأنه لم يثبت عليها شيء ويلحقه الولد ; لأن نكول الزوجة بمنزله إقرارها وعلم منه أنه لا حد ; لأن زناها لم يثبت ، فإنه لو ثبت زناها بلعان الزوج لم يسمع لعانها كما لو قامت به البينة ، ولا يثبت بنكولها ; لأن الحد يدرأ بالشبهة ، وهي متمكنة منه . وقال الجوزجاني وأبو الفرج ، والشيخ تقي الدين : تحد . قال في " الفروع " : وهو قوي لقوله تعالى : ويدرأ عنها العذاب الآية . ويؤيد الأول قول عمر : الرجم على من زنى ، وقد أحصن إذا كان بينة ، أو كان الحمل ، أو الاعتراف ، فلم يذكر اللعان ، قال أحمد : فإن أبت أن تلتعن بعد التعان الزوج أجبرتها على اللعان وهبت أن أحكم عليها بالرجم ; لأنها لو أقرت بلسانها لم أرجمها إذا رجعت ، فكيف إذا أبت اللعان ؛ ( وعن أحمد أنها تحبس ) ، قدمها في " الكافي " و " المحرر " و " الرعاية " ، وصححها القاضي ( حتى تقر ) أربعا ، وقيل : ثلاثا ( أو تلاعن ) لقوله تعالى : ويدرأ عنها العذاب الآية . فإذا لم تشهد وجب ألا يدرأ عنها العذاب ، ولا يسقط النسب إلا بالتعانهما جميعا ; لأن الفراش قائم ، والولد للفراش . وحكى في " الفروع " الخلاف [ ص: 90 ] من غير ترجيح . ( ولا يعرض ) بضم الياء على البناء للمفعول ( للزوج حتى تطالبه الزوجة ) يعني : لا يتعرض له بإقامة الحد عليه ، ولا طلب اللعان منه حتى تطالبه زوجته بذلك ; لأنه حق لها ، فلا يقام من غير طلبها كسائر الحقوق ، فإن عفت عن الحد ، أو لم تطالب لم تجز مطالبته بنفيه ، ولا حد ، ولا لعان ، ولا يملك ولي المجنونة ، والصغيرة وسيد الأمة المطالبة بالتعزير من أجلهن ; لأن هذا حق ثبت للتشفي ، فلا يقوم الغير فيه مقام المستحق كالقصاص .

( فإن أراد اللعان من غير طلبها ، فإن كان بينهما ولد يريد نفيه فله ذلك ) . وقاله القاضي ; لأنه عليه السلام لاعن بين هلال بن أمية وزوجته ، ولم تكن طالبته ، ولأنه محتاج إلى نفيه فيشرع له طريق إليه كما لو طالبته ، ولأن نفي النسب الباطل حق له ، فلا يسقط برضاها به كما لو طالبت باللعان ورضيت بالولد . ويحتمل ألا يشرع اللعان كما لو قذفها فصدقته ; لأنه أحد موجبي القذف ، فلا يشرع مع عدم المطالبة كالحد . ( وإلا فلا ) أي : إذا لم يكن هناك ولد يريد نفيه لم يكن له أن يلاعن بغير خلاف نعلمه ; لأن الحاجة إلى اللعان لإسقاط الحد ، أو لنفي الولد . والحد لم يطالب به ، والولد معدوم .

التالي السابق


الخدمات العلمية